دينا محمود (لندن)

وسط ترقب إقليمي ودولي لمستقبل الوضع في أفغانستان، إثر سيطرة حركة «طالبان» على كابول، رجح محللون غربيون، أن تختلف سياسات الحركة في الفترة المقبلة، عن تلك التي تبنتها عقب وصولها إلى الحكم، للمرة الأولى، منتصف تسعينيات القرن الماضي.

وشدد المحللون على أن الأعوام العشرين التي مضت منذ سقوط نظام «طالبان» أواخر عام 2001، خلّفت تغييرات جذرية على كوادرها وقادتها، بعدما اكتسبوا مزيداً من الخبرة السياسية، بفعل المفاوضات الشاقة التي خاضوها طيلة السنوات الأخيرة.

وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لشبكة «آيه بي سي» التلفزيونية، قال الباحث والمحلل السياسي الأفغاني عرفان يار إن الوضع الآن يختلف عما كان عليه عندما وصل عناصر «طالبان» إلى السلطة، وهم مجرد طلاب مدارس دينية، لا علم لهم بشيء يتصل بالسياسة، فقد انخرطوا على مدار الأعوام الـ 20 الماضية، في العملية السياسية، وتعلموا بشكل تدريجي كيفية التفاوض والتعاون مع حلفائهم على الساحة الدولية.

ورغم إقرار يار بمواصلة تبني هذه الحركة «نهجاً محافظا للغاية» مقارنة بذاك الذي كانت تتبعه حكومة الرئيس أشرف غني، فقد أشار إلى أنه من المرجح أن تكون الخطوة التالية بالنسبة لقادة «طالبان»، تتمثل في العمل بالتعاون مع ما تبقى من مكونات الحكومة السابقة، وذلك بالنظر إلى أن الحركة لا تضم سوى رجال حرب، وتفتقر إلى أي كوادر تستطيع إدارة شؤون أفغانستان.

واعتبر المحلل الأفغاني أن مضي «طالبان» قدماً على طريق تطبيق آلية لتقاسم السلطة، سيقود إلى تقليص أي فوضى مستقبلية محتملة، مؤكداً أنه ليس بمقدور الحركة سوى توفير السلام للأفغان، ولكن في ظل ظروف صارمة للغاية، وهو ما يعني أن هذا الأمر، سيتحقق بثمن ما.وبالتوازي مع هذه التوقعات الحذرة، أبرزت «آيه بي سي»، ما قاله لها سهيل شاهين المتحدث باسم «طالبان» قبيل دخول مسلحيها كابول الأحد الماضي، من أن الحركة «تطورت واكتسبت خبرة بمرور الوقت، وأنه لن يتم المساس بحرية التعبير والإعلام وحقوق المرأة، وكذلك الأقليات»، في ظل أي حكومة جديدة سيجري تشكيلها.

لكن فرزانا كوتشاي، وهي من بين النائبات القليلات في البرلمان الأفغاني الذي لم يُعرف مصيره بعد، قالت للشبكة التلفزيونية الغربية، إنه لا يمكن الآن التكهن بما سيحدث في بلادها ولا كيفية حدوثه، مشددة على أنه «ثمة حاجة للوقت، فدعونا نرى كيف ستتصف طالبان بالمرونة فيما يتعلق بحقوق المرأة، وما الذي ستفعله مع الساسة الأفغان، والشخصيات المناوئة للحركة».وبلهجة بدت متفائلة، اعتبرت كوتشاي أنه بات من الصعب إقصاء النساء الأفغانيات من المجتمع، بعد أن عدن خلال السنوات الماضية للمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، ونلن حظاً من التعليم كذلك، قائلة إنها لا تعتقد أنه سيكون بوسع «طالبان» تحدي مكانة المرأة في المجتمع الأفغاني في الوقت الحاضر، كما إنه لم يعد هناك أي سبب لإبقاء النسوة في المنازل، كما حدث في التسعينيات، بعد أن تلاشت المخاوف الأمنية التي كانت سائدة وقتذاك.

وأقرت النائبة الأفغانية في الوقت نفسه بأنه سيتم تطبيق قواعد صارمة على لباس المرأة ومدى مشاركتها المجتمعية في المرحلة المقبلة، ولكنها اعتبرت أن حدوث ذلك ربما سيمثل «ثمناً زهيداً لوقف إراقة الدماء»، إذا توصلت الأطراف الأفغانية المتناحرة، إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب التي تعصف بالبلاد، منذ أكثر من 40 عاماً.