أحمد شعبان (القاهرة)

أكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب ضرورة العمل في أقرب فرصة للوصول إلى حل دبلوماسي في أوكرانيا، معتبراً أنه يشكل المخرج الوحيد من هذه الأزمة بما يحقن دماء الأبرياء ويوقف تدهور الوضع الإنساني المأساوي. ونظر المجلس خلال اجتماعه التشاوري بخصوص الأزمة الأوكرانية على هامش الدورة 157، في تطورات الحرب الدائرة في أوكرانيا وتداعياتها المحتملة والمتوقعة على الأوضاع الدولية والإقليمية سياسياً وأمنياً واقتصادياً وعلى الدول العربية عموماً، حيث أكد على ما ورد في بيان المندوبين الدائمين من مبادئ أساسية للموقف العربي الجماعي إزاء هذه الأزمة، وهو التأكيد على تمسـك الدول العربية بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة القائمة على صيانة سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها. ونوه إلى أن الدول العربية إذ ترى خطورة استمرار التوجه نحو تصعيد الأزمة، تؤكد على تمسكها بعدم تسييس عمل المنظمات الدولية والمتخصـصـة ذات الطابع الفني في مختلف المجالات، وتجنب المواجهات السياسية والدبلوماسية المتزايدة، وتجنب أي ازدواجية للمعايير الدولية.
إلى ذلك، أكد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن المبدأ الحاكم للمواقف والتحركات الدبلوماسية حيال الحرب في أوكرانيا سيظل دائماً يرتكز على المصلحة الوطنية والعربية، مشددة على أن صراعات القوى العالمية الكبرى سوف تضع ضغوطاً على الجميع. وقال أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط في كلمته خلال افتتاح المجلس الوزاري للجامعة برئاسة لبنان :«سوف تُحمِّل بعض شعوبنا قدراً من المعاناة، وعلينا أن نكون مستعدين للدفاع عن مصالحنا واتخاذ المواقف التي تخدم أهدافنا».
وأكد أن اللجوء للعمل العسكري في المحصلة النهائية، فشلٌ للدبلوماسية التي هي وسيلة عقلانية لحل الخلافات والتوصل إلى الحلول الوسط، تجنباً لأوضاعٍ يكون فيها الجميع خاسراً. وأعرب عن تطلعه لإيجاد مخرج دبلوماسي للحرب الجارية في أوكرانيا يوقف نزف الصراع ويحقن دماء الأبرياء من كل الأطراف ويحفظ الحقوق، ويُلبي الشواغل التي يُمكن معالجتها بالحوار، وبمنطق الحلول الوسط. ولفت إلى أن بعض ما تطرحه الأزمة الأوكرانية عاجلٌ وداهم، ويقتضي التفكير والعمل في الأجل المنظور، فالتبعات الاقتصادية للأزمة ليست بخافية علينا جميعاً، وسوف تُعاني المنطقة منها للأسف، ويجب التفكير والعمل على إيجاد الوسائل والاستراتيجيات التي تجعل هذه المعاناة في حدها الأدنى.
وأشار أبو الغيط إلى موضوع الأمن الغذائي العربي الذي سوف يتأثر سلباً بواقع الاضطراب في واردات الحبوب، وغيرها من المواد الغذائية، من الدولتين المنخرطتين في الصراع. وأكد أن أزمات المنطقة العربية قد تشهد تعقيدات أشد بسبب العلاقات المتوترة بين القوى الكبرى غير أن ما يجري في العالم اليوم يتعين أن يذكر الجميع بأن المنطقة تشهد أيضاً صراعات أفرزت أزمات إنسانية مروعة. وقال: إن الوضع في ليبيا يُثير قلقنا جميعاً ولا أحد يُريد لهذا البلد أو لمؤسساته الدستورية أن تنقسم، مناشداً كافة الأطراف الليبية العمل فيما بينها على تجنب شبح الانقسام، أو اللجوء للعنف أو حتى التلويح به، وتجاوز المرحلة الانتقالية الدقيقة عبر التحلي بروح المسؤولية الوطنية والتخلي عن أي مغنمٍ شخصي أو حزبي أو مناطقي ومن أجل تحقيق التوافق في أسرع وقت لإجراء الاستحقاق الانتخابي.بدوره، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمة بلاده خلال اجتماع الدورة 157 لمجلس الجامعة إن الأزمة في أوكرانيا استحوذت على اهتمام المجتمع الدولي بأسره خلال الأيام الماضية، وبما فرضه ذلك من تداعيات على السلم والأمن الدوليين، فضلاً عما نلمسه من آثار سلبية على الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من الآثار شديدة السلبية لجائحة كورونا. وأضاف: «ستلقى هذه الأزمة العالمية بظلالها على منطقتنا ودولنا، سواء فيما يتعلق بشقها السياسي والأمني، أو في تبعاتها الاقتصادية التي بدأنا في لمس آثارها بالفعل. ولعل خطورة ذلك تكمن في أن الاقتصاد العالمي لم يعبر بعد من مرحلة أزمة جائحة كورونا وما سببته من آثار وتبعات». وأشار الوزير إلى أن «التعامل الحكيم مع هذه الأزمة وتبعاتها يستلزم المزيد من التعاون والتنسيق العربي المشترك، وتوحيد الجهود اللازمة لتخطيها وتفادي آثارها المباشرة وغير المباشرة على الدول والشعوب العربية بقدر الإمكان».