هدى جاسم (بغداد)

تحديات كبيرة يواجهها العراقيون منذ سنوات طويلة، وورثتها حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بعد أن حصلت على الثقة في مجلس النواب العراقي، ليس أقلها الفساد المستشري وتردي الخدمات وتعديل قانون الانتخابات النيابية خلال 3 أشهر ومن ثم إجراء انتخابات مبكرة خلال عام، وفقاً للبرنامج الحكومي. 
ورغم نيل حكومة السوداني الثقة بعد أسبوعين فقط من تكليفه، فإن ذلك يأتي بعد أكثر من عام على الانتخابات البرلمانية المبكرة، في مرحلة طبعها التوتر والخلافات السياسية وحتى العنف.
ويرى خبراء ومحللون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن التحديات التي تواجهها الحكومة العراقية الجديدة بالغة الصعوبة، واستبعدوا نهاية قريبة للأزمات الراهنة، رغم وعود السوداني بمحاربة الفساد وتحقيق انفراجة في الخدمات الأساسية، والابتعاد عن سياسة المحاور في العلاقات الخارجية. 
وتسلم السوداني، أمس، مهام عمله في القصر الحكومي، من رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، فيما حضر الوزراء الجدد، رفقة السوداني، لتسلم حقائبهم الوزارية في مراسم رسمية. وعقد السوداني اجتماعه الأول مع أعضاء حكومته.
ورغم انتهاء حالة الانسداد السياسي التي خيمت على البلاد عاماً كاملاً، منذ أن أعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة في 2021 التي شهدت نسبة مشاركة قليلة، فإن ذلك لا يعني نهاية «الأزمة»، كما يؤكد الخبراء. 
ويؤكد الدكتور غزي فيصل حسين، مدير «المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية»، أن من أبرز التحديات أمام السوداني «السلاح المنفلت، والفساد، والجريمة المنظمة» التي تهدد فرص تحقيق التنمية المستدامة واستثمار الموارد الاقتصادية والبشرية وثروات العراق. 
وأضاف حسين أن تنفيذ البرنامج الحكومي خلال عام، والاستعداد للانتخابات المبكرة ومدى قدرة هذه الحكومة على إيجاد حلول بناءة لأزمة العلاقات بين بغداد وأربيل من الأزمات التي تشكل عقبات كبرى أمام رئيس الوزراء الجديد. واستبعد قدرة الحكومة على مواجهة هذه التحديات قريباً، في ضوء ثقافة المحاصصة التي تتمسك بها الأحزاب، مشيراً إلى أن على الأحزاب المكاشفة ومراجعة الأخطاء التي ارتكبتها وأدت إلى تدمير الاقتصاد واحتكار السلطة. 
من جانبه، يرى الأستاذ في جامعة بغداد إحسان الشمري، أن أزمة العراق لا ترتبط فقط بالحكومات المتعاقبة بل تكمن في خلل ببنية النظام وكيفية تعاطي الطبقة السياسية مع التحولات في المجتمع ومع الديمقراطية. 
وفي هذه الأثناء، كشف القيادي في «الإطار التنسيقي»، تركي جدعان، عن ما وصفه بـ«خطة 100 يوم لتجديد دماء المنظومة الأمنية في العراق».
واعتبر أن «إعفاء قيادات كبيرة في المكتب العام أو على مستوى الدفاع والداخلية أمر طبيعي، ويأتي وفق سياق ما رسمه من خطة لتعزيز المنظومة الأمنية»، لافتاً إلى إمكانية تغيير 5 قيادات أمنية مهمة في الأيام المقبلة، وفق معلوماته. وفي البرنامج الحكومي، اتفقت القوى السياسية على «تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام».
وشكّلت الانتخابات المبكرة مطلباً رئيسياً لـ«التيار الصدري» خلال الأشهر الماضية، ونزل مناصروه إلى الشارع واعتصموا في البرلمان رافعين ذلك الشعار.
وقد يسهم إجراء انتخابات مبكرة وإعطاء ضمانات للصدريين «باستقرار المشهد نسبياً»، كما يشرح إحسان الشمري الذي يرجح أن السوداني سوف يتجه نحو «استراتيجية احتواء للتيار الصدري».
وما زال خطر التوتر في الشارع جاثماً، فالصدر لطالما كان قادراً على تعبئة الشارع، على غرار ما حصل خلال الصيف. ويرى الشمري أنه «إذا ما شعرت الكتلة الصدرية كجمهور أو كمسار سياسي أنها قد تُعزل بشكل كامل، وأن هناك خطة لتقويض مستقبلها السياسي، فقد نكون أمام رد فعل».