دينا محمود (لندن)

دعا رئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني توبياس إلوود، إلى تبني استراتيجية جديدة ومختلفة حيال أفغانستان، تتسم بـ«واقعية أكبر»، مُحذراً من أن مواصلة الغرب سياساته الحالية إزاء الوضع المعقد في هذا البلد، قد يودي به إلى حافة الانهيار المالي، ويدفع مواطنيه إلى الهجرة منه جماعياً.
وشدد إلوود في الوقت نفسه، على ضرورة عدم إغفال السعي لضمان حقوق النساء الأفغانيات، في غمار أي مراجعة للسياسات الغربية، تجاه حركة طالبان التي تمسك بمقاليد السلطة في أفغانستان، منذ منتصف أغسطس من العام قبل الماضي، قائلاً إن القيود المفروضة على حقوق المرأة، قد تكون «أداة تفاوض» في يد الغرب، لبلورة تفاهمات مشتركة مع الحركة.
واعتبر البرلماني البريطاني البارز، أن إصدار طالبان في الفترة الحالية، تصاريح عمل للنساء لتوظيفهن في بعض القطاعات، يكشف عن أن فرض حظر كامل على عملهن، يشكل أمراً غير قابل للتطبيق على أرض الواقع. وحذر إلوود من أن الوضع على الساحة الأفغانية لا يزال هشاً، بالنظر إلى أن 70% من السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وذلك في وقت تواجه فيه  90% من الأُسر نقصاً في الغذاء، بالتزامن مع معاناة نصف الأطفال، البالغ عددهم تسعة ملايين طفل من الجنسين ممن هم دون سن 11 عاماً، من الحرمان من التعليم.
وفي ظل هذه الأوضاع المُنذرة بالخطر، طالب رئيس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني، بمراجعة النهج الدبلوماسي المتبع حيال كابول، وإعادة تحديد مسار ودور بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، معتبراً أن اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع السلطات الحاكمة هناك، يمثل الآن تحدياً حقيقياً ينتظر الغرب، بعيداً عن الاستغراق في الحديث عن الأخطاء التي ارتُكِبَت، عند سحب القوات الغربية من هذا البلد، قبل نحو عامين.
وفي مقال نشرته صحيفة «تليجراف» البريطانية واسعة الانتشار، شدد إلوود على أن معالجة الملف الأفغاني بشكل أكثر كفاءة، تتطلب إعادة التفكير والانخراط في التعامل مع الأطراف المعنية به، مشيراً إلى أن الخطوة الأولى في أي استراتيجية جديدة قد تُتبع في هذا الصدد، يجب أن تتمثل في إعادة فتح سفارة المملكة المتحدة في كابول.
وفي وقت أقر فيه البرلماني البريطاني البارز بأن مستقبل أفغانستان قد يظل محفوفاً بالشكوك، أشار كذلك إلى تطورات إيجابية رصدها، خلال زيارة قال إنه اختتمها منذ وقت قصير للغاية إلى هذا البلد، وأظهرت حدوث ما وصفه بـ «تحول كبير للغاية» في أراضيه، على أصعدة مختلفة.
ومن بين ملامح هذا التحول، وفقاً لما قاله إلوود، تحسن الوضع الأمني بشكل كبير، توازياً مع ما اعتبره اختفاءً شبه كامل للفساد، الذي أشار النائب المخضرم في البرلمان البريطاني، إلى أن تفشيه سبق أن أثر بالسلب على كل القطاعات الحكومية في أفغانستان، خلال الفترة السابقة لأغسطس 2021.
وانتقد إلوود السياسات التي اتبعها الغرب تجاه أفغانستان خلال تلك الفترة، معتبراً أنها تضمنت «زلات استراتيجية»، تمثل إحداها في الإصرار على تطبيق نموذج غربي لحكم هذا البلد «من أعلى إلى أسفل»، وهو ما لم يكن مناسباً لمواطنيه. بجانب ذلك، أفضى الافتقار لرؤية اقتصادية واضحة في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع في أفغانستان، وعدم تقديم أي أمل للمواطنين هناك، إلى تفاقم إخفاق المجتمع الدولي.