دينا محمود (لندن)
بين انتخابات قاريّة ووطنية مرتقبة، وأزمات سياسية وأمنية واقتصادية متواصلة بداخل أوروبا وخارجها، يجمع الخبراء والمحللون على أن الاتحاد الأوروبي يواجه في 2024 تحديات تبدو غير مسبوقة منذ عقود، ستحدد سياساته حيالها المسارات المستقبلية لذلك التكتل.
فعلى مدار شهور العام الجاري، ستشهد دول أوروبية عدة، من بينها بريطانيا وبلجيكا والنمسا وفنلندا، عمليات اقتراع حاسمة، وذلك جنباً إلى جنب مع الانتخابات المنتظرة للبرلمان الأوروبي مطلع يونيو المقبل والتي ستكون الأولى من نوعها، منذ خروج المملكة المتحدة من التكتل القاري قبل بضع سنوات.
ويتوقع مراقبون أن تكون هذه الانتخابات من بين الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البرلمان الأوروبي، وذلك في ظل توقعات بأن تشهد تحقيق الأحزاب الشعبوية ذات توجهات اليمين المتشدد مكاسب كبيرة فيها، على حساب عدد المقاعد التي تهيمن عليها نظيرتها السياسية التقليدية، حتى وإن احتفظت تلك القوى بالأغلبية في الجمعية التشريعية الأوروبية.
أما الانتخابات العامة المرتقبة في بريطانيا خلال صيف أو خريف 2024 والتي يُحتمل أن تفضي لعودة حزب العُمال المعارض إلى السلطة بعد أكثر من 14 عاماً من إمساك «المحافظين» بزمامها، فقد تقود بالتبعية إلى تغيير طبيعة العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في عصر ما بعد الـ «بريكست».
فضلاً عن ذلك، يترقب قادة الاتحاد الأوروبي ما ستتمخض عنه انتخابات الرئاسة الأميركية المزمعة في نوفمبر المقبل والتي يبدو أنها ستجمع الرئيس الديمقراطي جو بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترامب، في تكرار للمواجهة التي دارت بين الرجلين عام 2020، وهو السباق الانتخابي الذي ستؤثر نتائجه على العلاقات بين الحلفاء عبر المحيط الأطلسي.
ويقول الخبراء إنه من المنتظر أن يتجنب القادة الأوروبيون إثارة أي مشكلات ذات شأن مع الولايات المتحدة، حتى موعد السباق الرئاسي المقبل في أراضيها، مشيرين إلى أن هناك توقعات بأن تؤدي عودة الملياردير الجمهوري إلى البيت الأبيض، لإقامة حواجز تجارية جديدة بين بلاده والاتحاد الأوروبي ودفع دوله إلى تحمل مسؤوليات أكبر فيما يتعلق بحماية أراضيها أمنياً وعسكرياً، بعكس ما شهدته سنوات بايدن الأربع في الحكم من تناغم نسبي في العلاقات بين الجانبين.
وبجانب الانعكاسات المحتملة لنتائج عمليات الاقتراع هذه على الاتحاد الأوروبي وسياساته، يشير الخبراء إلى أن مآلات الأزمة الأوكرانية والحرب الدائرة في قطاع غزة، ستؤثر بدورها على أوضاع ذلك التكتل الذي سيتأثر أيضاً بالمشكلات الداخلية التي تعاني منها أوروبا، مثل المخاوف القائمة بسبب الهجرة، وتزايد معدلات البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمجموعة «جيوبوليتكال إنتليجنس سرفيس» لتقديم التحليلات والاستشارات السياسية والاقتصادية، رجح الخبراء أن يمضي الاتحاد الأوروبي صوب اليمين السياسي بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
اختبارات عدة
ومن شأن ذلك جعل 2024 عاماً حاسماً بالنسبة لأوروبا سيتعين عليها أن تجتاز في أثنائه اختبارات عدة، خاصة مع ترقب التوافق خلاله على أسماء المسؤولين الجدد عن قيادة المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، والذي سيتم اختيار أمين عام جديد له، بناء على مشاورات سيجريها مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي وقادة الحلفاء الغربيين من خارج الاتحاد.