دينا محمود (لندن)

مخاض عسير سبق إقرار البرلمان الفيدرالي الصومالي السبت الماضي عدداً من التعديلات الدستورية، التي أكد مراقبون أن من شأن تفعيلها، وضع البلاد على طريق تبني نظام رئاسي، سيقود على الأرجح لتعزيز استقرار السلطة التنفيذية في أراضيها.
فالتعديلات التي شملت الفصول الأربعة الأولى من الدستور المؤقت للصومال، ويتمثل أبرزها في منح رئيس الدولة الحق في اختيار رئيس للحكومة وإقالته، لم تُقر سوى بعد أسابيع من النقاشات المحتدمة في غرفتيْ البرلمان؛ مجلسيْ الشعب والشيوخ. كما أثارت جدلاً واسع النطاق، على الساحتين السياسية والإعلامية في البلاد.
ورغم ما يقوله منتقدو التعديلات الأخيرة من أنها ربما تهيئ الأجواء لتجميع السلطات في يد الرئيس، فإن مؤيديها يشيرون إلى أنها صِيْغَت من جانب لجنة مستقلة كُلِفَت بمراجعة الدستور وتطبيقه. ويؤكدون أن وضعها موضع التطبيق، سيسهم في إضفاء طابع أكثر استقراراً على معادلة الحكم في مقديشو، من خلال تقليص هامش الخلافات المحتمل، بين رئيسيْ الدولة والحكومة، اللذين يمثلان عادة جناحيْ السلطة التنفيذية.
وفي هذا السياق، يشير متابعو الشأن الصومالي، إلى أن العقد الماضي حفل بالخلافات بين رئاستيْ الجمهورية والحكومة، بما عرقل إرساء الاستقرار السياسي في البلاد. ومن بين هذه التوترات ما اندلع عام 2021، بين الرئيس السابق محمد عبد الله محمد «فرماجو» ورئيس الوزراء وقتذاك محمد حسين روبلي، بسبب ملفات سياسية وأمنية.
وخلال عاميْ 2013 و2014، أي في العامين التالييْن مباشرة لوضع الدستور المؤقت المعمول به حتى الآن في الصومال، نشبت خلافات بين الرئيس آنذاك حسن شيخ محمود، وهو الرئيس الحالي كذلك، واثنين من رؤساء الوزراء في عهده، سواء بسبب أمور تتعلق بالدستور، أو على خلفية تعديلات حكومية، لم يتم التوصل إلى توافق بشأنها. ومنذ أن اسْتُحْدِثَ منصب الرئيس في الصومال عام 1960، حكم البلاد 9 رؤساء للدولة، أقال آخر أربعة منهم، رؤساء للوزراء عَمِلوا معهم.
ومن جهته، نقل الموقع الإلكتروني لإذاعة «صوت أميركا» عن خبراء دستوريين قولهم، إن الصراع بين رئاستيْ الدولة والحكومة في الصومال، كان يرتبط على الدوام بالأسلوب الذي تم من خلاله تحديد الصلاحيات الدستورية المخولة لكل منهما، وهو ما يؤمل في أن يتم تجاوزه، بعد الموافقة على التعديلات الأخيرة.
ولعل تلك الآمال هي ما حدا بـ 212 من أعضاء مجلس الشعب و42 من نظرائهم في مجلس الشيوخ، للموافقة على إقرار المشروع المقترح للفصول الأربعة الأولى من الدستور الصومالي المؤقت، دون أن يمتنع أيٌ من أعضاء المجلسيْن عن التصويت، أو يعرب عن رفضه للإقدام على هذه الخطوة.
إشادة
وفي تصريحات نشرها موقع «جارو أون لاين» الإخباري الإلكتروني، أشاد الاتحاد العام لنقابات العمال في الصومال، بتركيز هذه التعديلات على الحفاظ على حقوق الإنسان، وتوفير الحماية للفئات الهشة في المجتمع الصومالي، وذلك في إشارة ضمنية إلى ما تضمنته الفصول المُعدَّلة، من تأكيد على الحق في حرية التعبير، وضمان مشاركة المرأة الصومالية، في المجالس التشريعية والأحزاب السياسية.