كان الانفجار الذي هز بيروت الشهر الماضي، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 190، بمثابة صدى قاتم لحوادث سابقة سببها سماد نترات الأمونيوم الاصطناعي المتفجر: تيانجين، الصين، 2015: 173 قتيلاً. ويست، تكساس، 2013: 15 قتيلاً. تولوز، فرنسا، 2001: 31 قتيلاً. وهناك حوادث مماثلة تعود إلى عام 1947 على الأقل، عندما قُتل 581 شخصاً في تكساس سيتي، تكساس. يمكن أيضاً استخدام المادة بقصد التدمير، كما كان الحال مع الإرهابي المناهض للحكومة «تيموثي ماكفي»، الذي قتل 168 شخصاً في أوكلاهوما سيتي عام 1995.

ومع ذلك، فإن الإمكانات القاتلة لنترات الأمونيوم ليست أكثر التهديدات خطورة على حياة الإنسان. باعتبارها أكثر الأسمدة الاصطناعية استخداماً، فهي وأبناء عمومتها الكيميائية «كبريتات الأمونيوم، ونترات الصوديوم، ونترات البوتاسيوم» مساهمين مهمين في تغير المناخ.
إنتاج هذه الأسمدة كثيف في استهلاك الطاقة، ويتطلب حرق الوقود الأحفوري. بعد أن يضع المزارعون هذه الأسمدة الاصطناعية على المحاصيل، تولد سلاسل من التفاعلات الكيميائية أكسيد النيتروز أو N2O، وهو أحد الغازات المسببة للاحتباس الحراري . تحدد الرابطة الدولية للأسمدة مقدار انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ التي تكون الصناعة مسؤولة عنها بنسبة 2.5%، ولكن جميع غازات الدفيئة ليست متساوية. إن قدرة أكسيد النيتروز على إحداث الاحترار العالمي أكبر بكثير من إمكانيات الميثان أو ثاني أكسيد الكربون 265 مرة من حيث الوزن مثل ثاني أكسيد الكربون.
وقالت «رونا تومسون»، كبيرة العلماء في المعهد النرويجي لأبحاث الهواء، إن الأسوأ من ذلك، أن «انبعاثات أكسيد النيتروز أعلى مما كان يُعتقد سابقاً، وهي ترتفع بشكل أسرع مما كان يعتقد سابقاً».
كانت المجموعات صديقة البيئة تضغط منذ سنوات لحمل المزارعين على تقليل استخدامهم للأسمدة، وبدأ الكثير منهم في الانصات. تقول تومسون: «استقر مستوى الانبعاثات في الولايات المتحدة وأوروبا وبدأ في الانخفاض، وحافظ المزارعون على الغلة أو زادوها قليلاً مع عدم استخدام المزيد من الأسمدة النيتروجينية».
كما أثرت عوامل السوق في الانخفاض. ومع ذلك، لا يزال هناك مجال للتحسين، خاصة في الصين، حيث يستمر نهج «المزيد أفضل» تجاه نترات الأمونيوم. في بعض الأحيان يستخدم المزارعون قدرا أكبر مما يمكن أن تأخذه المحاصيل، مما يؤدي إلى تأثيرات مناخية ضارة أكثر دون فائدة ملحوظة.
تشمل البدائل المواد العضوية مثل السماد الطبيعي، ونشر المحاصيل الغطائية مثل فول الصويا والبقوليات الأخرى التي تحول النيتروجين في الهواء إلى طعام نباتي. تتراوح تقديرات النسبة المئوية للبشر الذين لن يعيشوا اليوم من دون الأسمدة الاصطناعية من 40-50%.
نظرا لأن الأسمدة تعد من أكبر نفقات التشغيل في الزراعة، فمن المفيد أيضا العثور على الكمية المثلى من نترات الأمونيوم لوضعها على التربة. وقد طورت شركة «أجرو كيرز»، ومقرها هولندا، جهاز مسح بحجم مصباح يدوي يترجم المعلومات الطيفية إلى قيمة مغذية، ويتم تحديدها من خلال قاعدة بيانات كبيرة لعينات التربة وخوارزمية التعلم الآلي.
عند اقترانه بتطبيق على الهاتف الذكي، يوفر الجهاز معلومات مماثلة لتلك التي تنتجها المعامل للمزارعين في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن يسهل الوصول إليها من قبل العالم النامي. وقال «فلورنت مورنيتاس»، مدير مشروع أجرو كيرز، إنه في أجزاء من أفريقيا، يستخدم العديد من المزارعين الأسمدة دون معرفة توازن العناصر الغذائية في تربتهم.
* صحفي متخصص في قضايا المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»