قبل مجيء 2020، كان العالم قد تغلب على المجاعة عموماً. فآخر مجاعة أعلنتها سلطات الأمم المتحدة كانت في جزء صغير من جنوب السودان لبضعة أشهر في 2017 – ولكن الأمم المتحدة تحذّر الآن من أن المجاعة باتت وشيكة في اليمن وجنوب السودان، وبوركينا فاسو وشمال شرق نيجيريا، مع وجود 16 بلداً آخر على ذاك المسار نحو الكارثة.
ويقول «مارك لوكوك» المسؤول عن الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: «إن المجاعات عائدة الآن» مضيفاً: «إنها ستكون وصمة عار على جبين الإنسانية لعقود قادمة إذا أصبحنا الجيل الذي يشرف على عودة تلك الكوارث، غير أنه ما زال من الممكن تجنب ذلك».
والواقع أننا محظوظون، لأننا نعيش في عهد تراجعت فيه نسبة وفيات الأطفال والأمراض والمجاعة، وارتفع التعلم، وازداد الرخاء. في مثل هذا الوقت من السنة، عادة ما أواجه كل مقالاتي المتشائمة من خلال كتابة أن السنوات السابقة كانت الأفضل في التاريخ البشري، استناداً إلى معايير من قبيل نسبة الأطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة. غير أن 2020 لم تكن أفضل سنة في التاريخ البشري. بل كانت سنة فظيعة، واليونيسيف تحذر من أن النتيجة قد تكون 10 آلاف طفل إضافي يموتون كل شهر جراء الجوع.
والانتكاسة في البلدان النامية فاقمتها السلبية والشلل واللامبالاة في الولايات المتحدة وأوروبا وفي المنظمات الدولية مثل البنك الدولي.
أكبر سبب للأزمة العالمية هو وباء فيروس كورونا، ولكن بشكل غير مباشر فقط. فخارج العالم الغني، الضحايا الرئيسيون ليسوا المسنين المصابين بالفيروس، وإنما الأطفال الذين يموتون من الجوع بسبب الاضطرابات الاقتصادية، أو الكبار ممن هم في منتصف العمر الذين يموتون من الإيدز لأنهم لا يستطيعون الحصول على أدوية.
وعاصمة المعاناة الإنسانية اليوم هي اليمن، التي تصفها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم الذي دخل السنة الجديدة، ولا يزال أطفال اليمن يموتون من الجوع.
وإذا نظرت إلى أرقام فيروس كورونا فقط، فقد تعتقد أن البلدان الفقيرة تجنبت الخطر، ذلك أن البلدان النامية عموماً تفادت وفيات كثيرة من كوفيد- 19، وخاصة في أفريقيا. غير أن ذلك قد يكون بصدد التغير حالياً مع موجة الإصابات الجديدة، وعلى كل حال فإن التأثيرات غير المباشرة كارثية، ذلك أن وباء فيروس كورونا كان متبوعاً بأوبئة الجوع والمرض والأمية. كما أن الإغلاقات كانت تعني عمالاً مؤقتين من دون دخل، ومرضى سلٍّ غير قادرين على الحصول على الدواء. وعلاوة على ذلك، تم التخلي عن حملات محاربة الملاريا وشلل الأطفال والإيدز ونقص فيتامين ألف.
التداعيات كبيرة جداً ولا نهاية لها. إذ تحذر الأمم المتحدة من أن الفقر والاضطرابات الناجمة عن الوباء قد تدفع 13 مليون فتاة إضافية إلى الزواج في سن مبكرة. كما أن الحملات المتوقفة ضد ختان الفتيات قد تؤدي إلى خضوع مليوني فتاة إضافة لهذه العمليات، وفق الأمم المتحدة، بينما قد يؤدي تراجع الوصول إلى وسائل منع الحمل إلى 15 مليون حالة حمل غير مقصود. ومن جانبه، يقول البنك الدولي إن 72 مليون طفل إضافي قد يُدفعون إلى الأمية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، تقول أنجيلين موريميروا من منظمة «كامفيد»، التي تدعم تعليم الفتيات في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء: «بتنا نتحدث عن جيل ضائع، قد يكون الوباء دمّر إمكانياته بشكل دائم».
فريق خبراء حلّل الأرقام وقدّر أنه حتى في ظل سيناريو «معتدل» لما ينتظرنا مستقبلاً، فإن 168 ألف طفل إضافي سيموتون جراء سوء التغذية بسبب تداعيات فيروس كورونا.
المفارقة هي أن 2020 قد تكون مع ذلك واحدة من بين أحسن خمس سنوات في التاريخ البشري، من حيث بعض المعايير مثل نسبة الأطفال الذين يموتون أو نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع. وإذا اتجه العالم بقوة لمعالجة الأزمة، فإن السنة قد يتذكرها الجميع باعتبارها مجرد تراجع مؤقت. ولكن السيناريو الكابوسي هو أزمة ممتدة في البلدان الفقيرة ونقطة تحول – في عهدنا – تُنهي مسيرة تقدم البشرية.
كاتب وصحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/01/02/opinion/sunday/2020-worst-year-famine.html