عند الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة من التاسع من هذا الشهر «فبراير 2021» سيصل أول مسبار ترسله دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي سُمي تمنياً بمستقبل مشرق بمسبار الأمل إلى المدار الذي وضع له حول كوكب المريخ، أو ما يعرف بالكوكب الأحمر، بعد أن يكون قد قطع مسافة طويلة جداً تقدر بحوالي 450 مليون كيلو متر، بادئاً بذلك إيصال المعرفة العلمية لشعب دولة الإمارات الطموح إلى الفضاء الخارجي البعيد عن كوكب الأرض.
وبشكل عام تهدف المهمة العلمية الأساسية لهذا المشروع العلمي الرائد إلى خدمة جميع علماء الفضاء في العالم من عدة زوايا - وبالمناسبة، فإن مشروع مسبار الأمل هو الأول من نوعه ليس على مستوى دول العالم العربي فقط، ولكن على مستوى جميع دول العالم النامي وعدد من دول العالم المتقدم.
وتتلخص الأهداف التي وُضع المشروع من أجلها في عدد من النقاط الأساسية التي تم توفير إمكانات علمية ومالية تساعد على تحقيقها بالصورة المناسبة.
وتشير الأدبيات المتوفرة إلى أن أهداف المشروع، تتمثل في فهم التغيرات المناخية عـلى الكوكب الأحمر، خاصة ما يتعلق بتشكل ظاهرة هروب الأوكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي عبر دراسة العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلية والعلوية؛ ورسم خريطة توضح طبيعة الطقس على الكوكب عبر دراسة الطبقة السفلى بالذات من غلافه الجوي؛ وأخيراً إجراء دراسات معمقة حول ظاهرة هروب غازي الهيدروجين والأوكسجين من غلافه الجوي، وهذه عمليات علمية معقدة نترك الخوض فيها بعمق للعلماء المتخصصين.
البشرية تملك الآن معرفة واسعة، ولديها الرؤية والتقنية اللازمة لاستكشاف المزيد. وتأتي دولة الإمارات بإمكاناتها العلمية والمالية لكي تضيف إلى تلك المعرفة ما يمكنها إضافته انطلاقاً من إيمانها بدورها في خدمة البشرية في كل مجال تستطيعه، ومن إيمانها بأنه من البديهي استكشاف الفضاء لأسباب منها السعي الدائم لمعرفة وجود حياة خارج الأرض.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية إيصال حضارة الإنسان إلى المريخ هي جزء مهم من رغبة دولة الإمارات الأكيدة في إفادة الإنسان مما يوجد على أرض الكوكب من موارد نافعة كجزء أصيل من رغبتها العامة في تحسين حياة الجنس البشري في المستقبل القريب والبعيد الأمد.
ما يهمني التركيز عليه في الأساس هو تقدم الإمارات الكبير في السنوات الأخيرة في مجالات البحث العلمي المتقدم ما يعكس موقعها المتقدم الجديد بين أمم الأرض، فإمارات اليوم لديها القيادة الواعية الملمة بجوانب العصر ومتطلباته، وشعب طموح يسعى في كل دقيقة ولحظة إلى ما هو أفضل وأصوب لحياته القائمة ومستقبله ومؤسسات عصرية يديرها مواطنون أكفاء على قدر المسؤولية، وإمكانات مادية تسخر وتدار لخدمة الوطن ومواطنيه والبشرية جمعاء، وكل جزئية من التي أشير إليها تصقل القيم والسلوك للجزئيات الأخرى التي تشاركها في بناء الوطن ومستقبله.
وفي حين أنه لم تمض سوى خمسون سنة فقط من عمر هذا الوطن الطموح، فنحن لا نزال أُمةً جديدة يافعة، لكنها طموحة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ سامية. ونحن أمة خلاّقة تسعى إلى خير الإنسان ورفاهيته في كل مكان.. أمة رائدة على صعيد العديد من الجبهات التي تخدم الوطن والمواطن والإنسان رغم كل ما يحيط بالبشرية ويلازمها من مشكلات عويصة تربكها وتعمل على إعاقتها عن السير بخطى متسارعة نحو الأمام، والبعض منها مشكلات غير قابلة للحلول السهلة، لكن الإمارات بجهودها السخية والمتواصلة تعمل على تفكيكها وحل عقدها ومنها «مسبار الأمل» هذا الذي لن يخدم الإمارات وحدها، بل البشرية جمعاء.
وربما إن أفضل ما يميز الإمارات هو الإحساس بالتحرك والعمل والسير إلى الأمام، وجاهزيتها الدائمة للخوض في كل ما هو جديد ونافع، ورغبتها في تكييف ذاتها ما هو التحولات الرئيسية الحاصلة في مقدراتها الوطنية وربطها بالتغيرات العالمية الحاصلة في عالم اليوم، وهذا هو الفارق بين الأمم الحية الخلاقة وغيرها من الأمم الأخرى.
إن وصف الإمارات وما تقوم به من خلال «مسبار الأمل»، إنما هو وصف للمجتمع والدولة العصرية التي نحن عليها، فبارك الله في الإمارات وقيادتها وشعبها.
* كاتب إماراتي