طوال خمسة عقود هي عمر اتحادها الجديد، وآلاف من السنين عبر تاريخها القديم، كانت ولا تزال، وستظل الإمارات العربية المتحدة عنواناً للخير والعطاء، في محيطها الإقليمي، وعلى الصعيد الدولي. والشاهد أن المراقب المدقق والمحقق لسيرة ومسيرة الإمارات المعاصرة، يدرك كيف أن نظرتها للإنسان والإنسانية، لا تشوبها شائبة، فقد رأت قيادتها الرشيدة منذ زمن الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أن نجاحاتها لابد لها، وأن تَنبني على قاعدة حقوقية راقية، تكرم الإنسان، وتسعى لتوفير حياة كريمة لكل من يوجد على أرض الدولة من المواطنين أو المقيمين.

والمؤكد أنه ما من مشكلة أو أزمة إنسانية في أي موقع أو موضع فوق سطح المسكونة، لم تصل إليها الأيادي البيضاء لدولة الإمارات العربية المتحدة، تلك التي كانت سباقة على الدوام في تقديم يد العون والمساعدة حيثما تئن أي نفس بشرية أو تشعر بالعوز والحاجة الملحة.

ولأن التسامح وقبول الآخر يأتي في مقدمة الحقوق الإنسانية التي حرصت الإمارات على صونها منذ البدايات، راكمت الدولة تجربةً ثريةً في هذا الإطار، رصدتها المؤشرات الدولية، والتي أقرت جميعها بأن مشهد التسامح الإماراتي أضحى مثالاً وقدوة في وسطها الجغرافي، فقد حققت الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر التسامح تجاه الأجانب بحسب التقارير الأممية عام 2017، وذلك في ثلاثة تقارير دولية وهي، «الكتاب السنوي للتنافسية العالمية»، وتقرير «مؤشر الازدهار»، الصادر عن «معهد ليجاتم» في العاصمة البريطانية لندن، وتقرير «مؤشر تنافسية المواهب العالمية» الصادر عن «معهد إنسياد الفرنسي للدراسات العليا».

يضحى من غير المنطقي أن يفكر البعض في أن هناك قصوراً ما في دينامكيات حقوق الإنسان في الإمارات، بل ويضحى من غير اللائق جملة وتفصيلاً القول إن هناك انتقاصاً ما يمكن أن تجري به المقادير عند لحظة زمنية بعينها لجهة أي من أبناء الإمارات، لا سيما وأن الدولة الفتية العفية قد جاءت في المرتبة الثالثة عالمياً في مؤشر الثقافة الوطنية المرتبط بدرجة التسامح ومدى انفتاح الثقافة المحلية لتقبل الآخر، إذ صعدت الإمارات من المرتبة الثامنة عام 2015 إلى المرتبة الثالثة عام 2016، وذلك بحسب تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2016، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية العالمية في سويسرا، والذي قيّم 61 اقتصاداً متقدماً. قُدّر للإمارات العربية المتحدة أن تغير الكثير من أوضاع المنطقة، تلك التي عرفت بالخصام عوضاً عن الوئام، والكراهية بدلاً من المحبات، فقد جسّرت فجوةً واسعةً من التاريخ والجغرافيا معاً، وذلك عبر خطوتها التاريخية التي تمثلت في مد جسور السلام الإبراهيمي مع دولة إسرائيل، لتنتشل عالماً عاش طويلاً في وهدة الأزمات والحروب، ولتستنقذ القضية الفلسطينية، أو ما تبقى منها على الأصح، فكانت بذلك جسراً من التواصل البشري الخلاق، وجد ليعبر عليه القاصي والداني.

الذين عاشوا على تراب الإمارات الطيب يدركون ما الذي تعنيه منظومتها الحقوقية، تلك التي تكفل حرية العبادات والأديان، والتي تجرم ازدراء الأديان، وتحفظ للنوع البشري كافة ما وجد في شرعة حقوق الإنسان من غير محاصصة أو تمييز.

قافلة الإمارات تمضي ونجاحاتها تتراكم، وما ينتظر إكسبو 2020 من إبهار، حكماً سوف يجعل الكثيرين يعيدون حساباتهم، ويراجعون الكثير من أحكامهم المتسرعة والخاطئة جملة وتفصيلاً.

* كاتب مصري