أعلن فريق دولي من الباحثين مؤخراً أن جرعةً واحدةً من أحد الأدوية المضادة للطفيليات توفر حمايةً قويةً ضد عدوى الملاريا خلال موسم الأمطار الذي يستمر ستة أشهر في دولة مالي بغر أفريقيا. والنتيجة الواعدة، التي نُشرت في مجلة «نيو انجلاند جورنال أوف ميديسين»، تضع الأساس لأداة جديدة للمساعدة في هزيمة مرض طفيلي قتل العام الماضي وحده أكثرَ من 600 ألف شخص معظمهم من الأطفال.
وأثبت العقار التجريبي CIS43LS فعاليتَه بنسبة 88% في الوقاية من عدوى الملاريا لدى البالغين الأصحاء، وهو دليل شيق على مبدأ أن مثل هذا النهج يمكن أن يكون له تأثير قوي.
وقال أومبرتو داليساندرو، المتخصص في مرض الملاريا في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، ومقرها جامبيا: «هذا أمر جيد للغاية، لا سيما عند النظر إلى أن الدراسة تم تنفيذها في منطقة انتقال موسمي مكثف».
ويُعطى الدواء للمتلقين عن طريق الحقن الوريدي لمدة 30 دقيقة، والذي لن يكون من العملي تنفيذه على نطاق واسع. ومن المرجّح أن يدخل دواءٌ آخرَ أكثر فاعليةً وأسهل في التداول في المراحل النهائية من تطويره. وقد يكون دواء الجسم المضاد أداة واحدة، وليس حلا منفرداً لمحاربة الملاريا.
وتفتح الدراسة فئة جديدة كاملة من الأدوية لمعالجة الملاريا، إذ قام فريق من المعاهد الوطنية للصحة بعزل جسم مضاد لمنع الطفيليات من دم أحد المتطوعين الذين حصلوا على لقاح تجريبي للملاريا، ثم قاموا بتعديل الجسم المضاد بحيث يبقى في الدم ويوفر الحمايةَ على مدى عدة أشهر.
وقام فريق المعاهد الوطنية للصحة، بالشراكة مع باحثين في مركز مالي الدولي للتميز في البحث بجامعة العلوم والتقنيات في باماكو (عاصمة مالي)، بإخضاع الدواء لاختبار مكثف للوقاية من الملاريا خلال موسم الأمطار الذي يبدأ في يونيو ويبلغ ذروته في أكتوبر.

في قرى مالي الريفية حيث يعمل الباحثون، يعاني الأطفالُ الصغارُ في المتوسط ​​من عدوى ملاريا تهدد حياتهم في موسم واحد، لكن يمكن أن يعانوا لخمسة مواسم.
وأثناء الدراسة، تلقَّى 330 من البالغين الأصحاء إما جرعة عالية من CIS43LS أو جرعة منخفضة أو دواءً وهمياً. وكانت الجرعة العالية فعالةً بنسبة 88%، وكانت أكثر احتمالا للتسبب في صداع متوسط. أما الجرعة المنخفضة، فكانت فعالة بنسبة 75% في الوقاية من العدوى.
وتوجد مجموعة من الأساليب في السعي للوقاية من الملاريا: الناموسيات المعالجة بمبيدات حشرية، والأدوية المضادة للملاريا، والتي تُعطى للأطفال والنساء الحوامل عن طريق الفم، ولقاح تمت الموافقة عليه مؤخراً من قِبل منظمة الصحة العالمية. ومع ذلك، قال كاسوم كاينتاو، أحد قادة التجارب السريرية، إن هناك حاجة لبناء ترسانة أكبر وأكثر فعاليةً ضد الملاريا. وأضاف: «الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (ذات الخلية الواحدة) التي نناقشها الآن توفر حمايةً فوريةً بعد جرعة واحدة، ولمدة ستة أشهر. ويمكن أن تساعد في استكمال الأدوات الموجودة».
وبالفعل، يتم اختبار دواء مماثل من الجيل الثاني للأجسام المضادة تم تطويره في المعاهد الوطنية للصحة على الأطفال في كل من مالي وكينيا. ويمكن أن يكون هذا الدواء أكثر عمليةً إذا ثبتت فعاليتُه لأنه يتطلب جرعةً أقل. وتُجرى التجارب على البالغين الأصحاء في البداية، لكن يجب قياس التأثير النهائي عند الأطفال والنساء الحوامل الأكثر عرضةً للإصابة بالملاريا.
وقال روبرت سيدر، رئيس قسم المناعة الخلوية في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، إنه وفريقه بدؤوا العملَ على الجيل الثاني من الأجسام المضاد المسمى L9LS، بالترادف تقريباً مع الإصدار الأول. كانوا يعلمون أن دواءً أكثر فاعليةً يمكن أن يقلل التكلفةَ ويسهّل الإدارة، وهي تحسينات حاسمة إذا اتضح أن الدواء سيكون عملياً للاستخدام في البلدان التي تتوطن فيها الملاريا.
وللسيطرة على تفشي المرض، يمكن أن توفر الأجسام المضادة أحادية النسيلة جرعةً فوريةً من الحماية، وقد تكون مفيدة في حماية العمال الموسميين والمسافرين في بعض المناطق. ويمكن استخدامها مع لقاح آخر لتوفير مستوى أعلى من الحماية. قد تكون الجرعةُ التي يمكن أن تحمي المرأة وجنينَها أثناء الحمل قوية. ويمكن أن يستفيد الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة ولا يستجيبون جيداً للتطعيم.
وقالت جوانا بي ديلي، أستاذة علم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية ألبرت أينشتاين للطب، وهي لم تشارك في البحث، لكنها مهتمة بالدراسات حول الملاريا، قالت: «أنا متحمسة لهذا الأمر، وأرى أن كل أداة لمكافحة الملاريا قد تكون لها قوة واستخدامات مختلفة».
وقالت جاكلين كيرشنر، كبيرة مسؤولي البرامج في مؤسسة بيل وميليندا جيتس، التي تشارك في تمويل دراسة المتابعة في كينيا، إن النتائج «مثيرة وواعدة للغاية. هذا ابتكار رئيسي جديد يمكن أن ينقذ الأرواح، ويعالج المقاومة المتزايدة للأدوية ويسرّع -إلى جانب الأدوات الأخرى- في القضاء على طفيلي الملاريا».
وفي العام الماضي، صادقت منظمة الصحة العالمية على لقاح ضد الملاريا، وهو ما يعد علامةً فارقة في مجال الصحة العامة. ومع ذلك، فقد ترك هذا اللقاحُ المزيد من العمل الذي يتعين القيام به لإنقاذ الأرواح.
ويعد اللقاح RTS، S/AS01 فعالا بنسبة 30% في الوقاية من الملاريا الشديدة القاتلة لدى الأطفال، لذا فهو يمثل تقدماً مهماً، لكنه يمكن أن يكون أقوى عندما يقترن بطرق الوقاية الأخرى. وثبت أن لقاحاً تجريبياً قيد التطوير هو R21/ Matrix-M، فعَّال بنسبة 78% لدى الأطفال في بوركينا فاسو بعد ثلاث جرعات، بالإضافة إلى جرعة معززة.

كارولين جونسون
صحفية متخصصة في الشؤون العلمية

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»