في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تعصف بالشرق الأوسط، يبرز تنظيم «الإخوان» كأحد أخطر التحديات التي تهدد الأمنين العربي والدولي، إذ يستغل الدين لتحقيق أجندات سياسية ويخفي خلف شعاراته الدعوية مشروعاً أيديولوجياً متطرفاً يستهدف استقرار الدول وهويتها الوطنية.
وبعد عقود من الصراع الفكري والأمني، يمكن القول إن المعركة وصلت إلى لحظة الحسم التاريخي؛ فالإمارات العربية المتحدة حسمت الحرب ضد «الإخوان» على المستويات الفكرية والأمنية والاقتصادية، بينما تتولى الولايات المتحدة الأميركية اليوم استكمال الضربة القاضية ضد التنظيم على المستوى العالمي.
أدركت الإمارات العربية المتحدة، مبكراً خطورة المشروع «الإخواني» على نموذجها التنموي واستقرارها الاجتماعي. وفي نوفمبر 2014، اتخذت الدولة قراراً تاريخياً بتصنيف جماعة «الإخوان» منظمةً إرهابية، موقف شجاع أقدمت عليه استناداً إلى معلومات دقيقة كشفت عن خلايا تسعى لزعزعة الأمن الوطني.
لم يكن هذا الموقف مجرد ردّ فعل على أحداث سياسية عابرة، بل نتاج رؤية استراتيجية شاملة جسّدت عمق الوعي الوطني والقدرة على استشراف المخاطر قبل وقوعها. ومن خلال هذا النهج أعادت الإمارات تعريف مفهوم الأمن الفكري والسياسي في المنطقة، وأثبتت أن القيادة الرشيدة قادرة على الجمع بين الحزم في حماية الوطن والاعتدال في ترسيخ قيم التسامح والاستقرار.
لم تقتصر دولة الإمارات على المواجهة الأمنية والفكرية ضد تنظيم «الإخوان»، بل انتقلت بخطوات مدروسة إلى تفكيك البنية المالية التي تمثل العمود الفقري للتنظيم. ففي يناير 2025، أعلنت وزارة الخارجية إدراج 19 فرداً وكياناً على قوائم الإرهاب، تلا ذلك في أبريل إدراج 11 اسماً إضافياً، من بينهم جمعيات أوروبية كانت تعمل تحت غطاء العمل الخيري لتغطية نشاطات مشبوهة.
نجحت الإمارات في تجميد أصول مالية مرتبطة بشبكات تمويل تابعة لجماعة «الإخوان» في بنوك أوروبية، وذلك بالتنسيق مع شركائها الدوليين في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبهذه الإجراءات الحاسمة، ضربت الإمارات التنظيم في عمقه المالي، فحرمت شبكاته من مصادر التمويل، وأفقدته القدرة على الحركة والمناورة، مؤكدة أن مكافحة الإرهاب لا تكتمل إلا بتجفيف منابعه الاقتصادية لا بالاكتفاء بالمواجهة الفكرية أو الميدانية.
وامتد الأثر الإماراتي عالمياً، إذ استندت لجنة التحقيق البرلمانية في فرنسا في تقريرها الصادر في مارس 2025 إلى بيانات إماراتية كشفت تغلغل «الإخوان» في المساجد والمدارس. وفي الأردن تم الإعلان في مايو 2025 عن حل جماعة «الإخوان» وحظر أنشطتها بالكامل.
وكانت عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025 نقطة تحول في الموقف الأميركي من «الإخوان». ففي يوليو من العام نفسه، تقدم السيناتور تيد كروز بمشروع قانون لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية أجنبية، تبعه دعم من مجلس النواب بقيادة النائب ماريو دياز-بالارت. وفي أغسطس، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو بدء إعداد التصنيف الرسمي. إنها حرب جديدة ضد «الإخوان»، ولكن بأدوات القانون والاستخبارات والشفافية المالية.
لقد سقط القناع عن «الإخوان» في كل مكان. فقد انكشفت أكاذيبهم، وتهاوت دعاواهم، وتوثقت شراكاتهم مع الإرهاب في مصر وليبيا وسوريا وغزة. ما عاد بإمكانهم الاحتماء بشعارات دينية أو ادعاءات الإصلاح. التنظيم الذي أراد السيطرة باسم الدين، انتهى على يد دول بنت مشروعها على التسامح والتنمية، لا على الفوضى والشعارات.
الإمارات العربية المتحدة حسمت معركتها مع «الإخوان»، ووضعت منهجاً عالمياً في مواجهة التطرف. واليوم، تسير واشنطن على هذا النهج لتجفيف منابع الإرهاب السياسي حول العالم. انتهى عصر «الإخوان»، وبقيت الإمارات عنواناً للنصر، ودرعاً يحمي الأمة، ومنارة تقود العالم نحو سلام واستقرار دائمين.
*مستشار برلماني