الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيلم «حمامة» يدهش الحضور بإبحاره في تجربة حياة امرأة تسعينية

فيلم «حمامة» يدهش الحضور بإبحاره في تجربة حياة امرأة تسعينية
3 نوفمبر 2011 16:28
وسط حضور حافل، وإقبال متحمس، وفي سياق الاحتفاء باليوم الوطني الأربعين لدولة الإمارات العربية المتحدة، احتفل مؤخراً بتدشين نادي أبوظبي للأفلام الوثائقية، الذي أطلق بالتعاون بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومؤسسة أناسي للإنتاج الإعلامي، إضافة إلى رابطة خريجات جامعة زايد، وهو يهدف، بحسب المؤسسين، إلى نشر ثقافة صناعة الفيلم الوثائقي، وإثراء المشهد الثقافي، كما ينتظر منه أن يشكل مركزاً لالتقاء صناع الأعمال المرئية التسجيلية بشكل خاص، والإعلاميين والمهتمين بالسينما بشكل عام. وقد تلون الاحتفال بعرض الفيلم الإماراتي التسجيلي «حمامة»، وبلقاء بالغ التميز مع مخرجته نجوم الغانم، والسيناريست خالد البدور. (أبوظبي) - يعمل نادي أبوظبي للأفلام الوثائقية، الذي يمكن النظر إليه بوصفه إنجازاً ثقافياً مميزاً، على إتاحة الفرص أمام المهتمين بالأفلام الوثائقية، وتعزيز التفاعل الاجتماعي عبر المشاركة وتبادل الأفكار والآراء عن المواضيع والشخصيات والسيناريو والأسلوب والموسيقى، وغير ذلك ما سيساهم في توسيع مساحة ونطاق اكتساب الخبرات والتعليم في هذا المجال الحيوي. كذلك سيأخذ النادي على عاتقه مهمة عرض عروض وثائقية شهرية متنوعة لجهة انتمائها إلى العديد من الدول والثقافات، وقد حاز بعضها جوائز عالمية، ورشح بعضها الآخر لمثل هذه الجوائز.. وستتلو العروض المرتقبة ندوات متخصصة يديرها خبراء في المجال الوثائقي، بالإضافة إلى مؤتمرات تصوغ برامج تطويرية، وتؤمن مساحة للتفاعل بين المعنيين بالأفلام الوثائقية، وصولاً إلى تنظيم فعاليات متممة مثل ورش العمل، ورحلات للمتاحف وغيرها. نخبة متخصصة اللجنة الاستشارية للنادي تضم نخبة من الأكاديميين المتخصصين في مجال الأعمال الوثائقية، وفي أطر الثقافة والفنون عامة، وهي تتألف من وليد الزعابي مدير إدارة التراث والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومن الدكتور نزار أنداري، الأستاذ المساعد في السينما والأدب في جامعة زايد، ومديرة البرامج أوزجي كالافاتو، وزميل كلية السينما والأعلام الجديد بجامعة نيويورك أبوظبي، الدكتور دالي هدسون، إضافة إلى نادية فارس، الأستاذة في أكاديمية نيويورك أبوظبي. من جانبه أوضح عضو اللجنة وليد الزعابي، أن إقامة النادي تأتي في سياق سعي وزارة الثقافة وتنمية المجتمع إلى مد جسور المعرفة بين مختلف الجنسيات التي يتشكل منها الواقع الديمجرافي في الإمارات، كذلك تهدف إلى منح صناع السينما الوثائقية فرصة التلاقي في محيط متخصص مؤهل لتحفيز طاقاتهم الإبداعية، ومنحهم الخبرات المتجددة. وأضاف الزعابي: «يسعدنا تدشين النادي في مناسبة هامة وغالية على قلوبنا، ألا وهي احتفالات الدولة باليوم الوطني الأربعين، ونادي أبوظبي للأفلام الوثائقية يعكس عزم وتصميم أبوظبي على قيادة دعم التبادل الثقافي، وتعزيز صورة العاصمة بصفتها مدينة للفنون الدولية، والترحيب الدائم بتناغم سيمفونية الثقافات العالمية». بدورها أكدت مريم الحمادي، عضوة رابطة خريجات جامعة زايد قائلة: تشرفنا المساهمة، ولو بجزء بسيط، في دفع مسيرة الإعلام عبر الدعم الفكري والجهد المتواضع. ورأت أن الأفلام الوثائقية تعتبر رافداً مهماً من روافد التوثيق ونشر الثقافات بين الشعوب للارتقاء بها، وتوثيق أحداث مهمة في حضاراتنا. بطلة في التسعين الحاضرون لحفل التدشين تابعوا بشغف أحداث فيلم «حمامة»، وهو يوثق لتجربة سيدة إماراتية متميزة برغم أعوامها التسعين، بل بسبب تلك الأعوام التي منحتها الكثير من مسوغات الإصغاء إلى حديثها الشيق، والإطلاع على تجاربها الحميمة. حيث تمارس «حمامة» مهمة الطب الشعبي، وهي لذلك مقصد الكثيرين ممن ينشدون الشفاء على أيديها، خاصة أنها تقوم بعملها بثقة لم ينل منها العجز، ولم يربكها العسر في الحركة، فنراها مع انعدام قدرتها على السير الطبيعي، ومع تضاؤل نصيبها من الرؤية، تحرص على إنجاز مهامها بإتقان كلي، كما لو أنها في مقتبل العمر، تستقبل الحالات المرضية المختلفة، تشخص العلل، وتقرر نوعية العلاج، تفعل ذلك كله اعتماداً على ذاكرة متقدة، وعلى تمكن مذهل من أدواتها المعرفية أيضاً، والأهم على ثقة محيرة بمهاراتها العلاجية. من الواقع عناصر الدهشة التي يطرحها الفيلم على متابعيه كثيرة، وهي، وإن كانت تبدأ من خبرات بطلته، إلا أنها لا تتوقف عندها، ذلك أن للمرأة التي دخلت عقدها التاسع من الحضور الذهني المتقد، والمخزون الأدائي الطريف ما يوجه الأنظار إليها بوصفها إحدى البطلات المغمورات اللائي يزخر بهن الواقع، ويظللن مهمشات في انتظار الصدفة التي تنتشلهن من الغياب لتمنحهن بعض حقهن من الحضور. هكذا لم يبد الفيلم ولا مخرجته، ولا مشاهدوه كذلك، معنيين برصد المعطيات التوثيقية التي يمكن استخراجها من تجربة معالجة بالطب البديل، بل سريعاً ما اتجهت الأبصار والأفئدة نحو سيدة لم يزدها العمر إلا تألقاً وبهاء. امرأة اختبرت الزمن حتى لم يعد لديه ما يدهشها به، فتحولت هي إلى مصدر للدهشة، وصارت كل كلمة تنطق بها، وكل حركة تؤديها، مثار تحليل وتأييد وتنويه من المحيطين بها، سواء كانوا فنيين يصنعون فيلماً عنها، أو مشاهدين يتابعونه. لم يقف منظمو الأمسية عند هذا الحد من الإبهار، وهم سريعاً ما باغتوا الحاضرين بمفاجأة لم يكن لهم أن يتوقعوها، إذ رأوا أنفسهم فجأة في مواجهة «حمامة» التي كانوا إلى لحظات قليلة يظنونها كائنة سرابية متخيلة تقبع خلف الشاشة فقط. ماض وحاضر في سياق الندوة التي أعقبت عرض الفيلم، حرصت المخرجة نجوم الغانم على التأكيد، أن عملها يحمل الطابع التسجيلي الذي يتخطى فكرة التوثيق لتجربة علاجية تعتمد الطب الشعبي نحو الغوض عميقاً في بنية المجتمع الإماراتي، وإجراء مقارنة بين ماضيه وحاضره، ورصد أنماط العلاقات التي كانت تسود بين أفراده، وصولاً إلى ما تبقى منها في الوقت الراهن لدى الباقين من أبناء الزمن القديم. بدوره، أوضح السيناريست خالد البدور، أنه استغرق كثيراً من الوقت في رصد الحراك البشري الذي يحيط بمنزل «حمامة»، وكيفية تعامل الناس مع مقدراتها المهنية، وبهدف تكوين فكرة إجمالية عن موضوعه أجرى حوارات مطولة مع الناس الذي يتلقون العلاج على يديها، حتى أدرك تفاصيل الحكاية من جميع أبوابها. تسليط الضوء على جوانب مظلمة تقول المخرجة نجوم الغانم، إنها لا تعتبر فيلمها مرجعاً ملائماً لخصوصيات الطب البديل في الإمارات، وهي لا تدعو مشاهديه للتعامل معه وفق هذه الرؤية، بل هو يهدف إلى توثيق الحياة التقليدية، وتسليط الضوء على جوانب مظلمة من حياة موجودة، لكنها لا تبدو مفهومة بصورة وافية. وتابعت مخرجة الفيلم أن عملها يتمحور حول شخصية غنية بالإيحاء، وهي وجدت أمامها امرأة لديها الكثير من السمات الإنسانية الاستثنائية، وكان عليها أن تصوغ معادلها المرئي معتمدة على الأبعاد الواقعية لهذه الشخصية من ناحية، وعلى قدراتها المهنية والإبداعية من ناحية أخرى، ويمكن القول إن نجاح الفيلم وتقبل المشاهدين له يعود إلى مستوى التوفيق بين هذين العاملين الأساسيين في بنيته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©