الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إريتريا··هضبة بين إثارة الشغب و إطفاء الحرائق !

14 مارس 2007 01:31
كان الظلام الحالك يلفنا عندما استقرت بنا الطائرة التركية المستأجرة في مطار العاصمة الاريترية أسمرا، وكنت ما زلت تحت تأثير التساؤل الذي غمرني حول كيفية إقلاعها أيضا بنا وسط ظلام مدرجات مطار جيبوتي· لم يتبين لنا سوى المبنى الصغير للمطار الذي كانت تنبعث منه أضواء شاحبة، مرت الإجراءات سريعا وأهم ما فيها أن تسجل ما لديك من عملات أجنبية، فدون ذلك قد تخسر أموالك وسمعتك التي ستلتصق بها تهمة تهريب الأموال·وفي الظلام أيضا شققت طريقي بسيارة أجرة لم أعرف لها نوعا أو طرازا· صباح اليوم التالي غادرت مكان إقامتي في جولة سريعة على المدينة التي يعود تاريخها لأكثر من 700عام خلت، و يخيل لك بأنك في مشهد يعود للثلاثينيات من القرن الماضي في منطقة من مناطق العاصمة الايطالية روما، ولاغرو ان يكون المستعمرون الايطاليون لهذه البلاد قد أسموا المدينة''روما الصغيرة''· غالبية مبانيها تذكرك بتلك الحقبة لولا لافتات المحال المكتوبة باللغة العربية الى جانب لغة البلاد تعبيرا عن صلة القربى التي تربطها بالعالم العربي ، إلا ان ما يميز هذه المدينة المعلقة على هضبة يزيد ارتفاعها 2350مترا هو جمالها الهادئ، وسمة أهلها الأكثر هدوءا ونظافتها ، رغم ما اقترن بصيت البلاد التي خاضت حروبا ومعارك جانبية مع كل جيرانها رغم صغر حجمها وفقر إمكاناتها ومواردها· في مجمع الوزارات المقام على الطراز الإيطالي فوق تلك الربوة من أطراف أسمرا، التقيت وزير الإعلام الاريتري علي عبده أحمد أحمد، الذي كان قد عاد لتوه من ألمانيا، في البداية حدثني باللغة العربية، ولكنه آثر أن يكون الحوار بالإنجليزية، وكان هذا اللقاء: كيف تفسرون هذه الصورة السائدة في الإعلام الأجنبي عنكم، بأن إريتريا هي الدولة المثيرة للقلاقل في المنطقة، وقد تجدد الطرح مع التطورات الأخيرة في الصومال؟· -دعنا في البدء نتحدث عن الجذور و البدايات، فقد حاربت اريتريا طيلة ثلاثين عاما دامية لأجل ان تحصل على استقلالها، وقد كانت خلال المئة عاما الماضية ضحية، ومن هنا فإن السلام بالنسبة لها ضرورة، ومن هنا يجيء السؤال حول تلك الصورة التي تتحدث عنها، بمعنى لماذا ستبحث دولة مرت بكل تلك التضحيات من دماء وأرواح أبنائها عن المتاعب، ولا تنشد الاستقرار والسلام؟، ثم من يقف وراء الترويج لتلك الصورة التي تتحدث عنها؟ وكما تعرف فإن الاعلام في العالم يسيطر عليه ويمول من قبل احتكارات كبرى، فالذي يرسم الصورة هنا أو هناك هم الذين تقف مصالحهم خلف هذه القوى، وبالتالي تقديم صورة سلبية عن جهة من الجهات التي تختلف معهم· نحن من جانبنا معروفون بمبادئنا ومواقفنا المبدئية الصلبة واحترامنا لأنفسنا، ونحن لسنا بوقاً لأحد، صحيح أننا مسالمون، ولكننا لا نساوم أو نفرط في سيادتنا واستقلالنا الذي كافحنا لأجله طويلا، وفي الوقت ذاته العمل على كل ما من شأنه تحقيق الاستقرار لهذه المنطقة· كما كنا من أوائل الدول التي خاضت حربا ضد الإرهاب ، قبل ان تتحول هذه الحرب الى موضة أو تيار يركبه من أراد الوصول إلى غايات معينة، او تتحول الى لعبة من ألاعيب الدعارة السياسية، فقد حاربنا الإرهاب من قبل عام ،1999 وليس بعد 11سبتمبر الذي تحولت في أعقابه الحرب على الارهاب الى موضة من جانب بعض الدول· وفي محيط جيراننا عملنا على التوصل الى اتفاق شامل للسلام لأخواننا في السودان، واتفاق السلام التي تم التوصل إليه في نيفاشا لم يكن إلا ثمرة لما عرف بإعلان أسمرا للسلام، وقد عملنا لأجل ذلك من واقع قناعتنا بضروة الإسهام لتحقيق السلام في السودان· كما عملنا على التوصل الى اتفاق للسلام لمناطق أخرى من السودان· أما فيما يتعلق بإثيوبيا فقد قاتلنا معا على أمل تحقيق مشاركة متساوية لكل الأطراف تحقق الاستقرار لإثيوبيا الجديدة، وفي هذا الإطار عملنا الكثير، ولكن للأسف الاثيوبيون أخطأوا في حساباتهم، وحاولوا طعننا في الظهر، وقاموا بالهجوم علينا وخضنا معهم عددا من جولات القتال·وهناك من يحرض إثيوبيا ويدفع بها لمواجهة إريتريا، وهؤلاء الذين يدفعون بهم هم الذين لا يريدون أن يروا هذه المنطقة تنعم بالسلام والاستقرار· ومع بقية جيراننا علاقتنا ممتازة مع جيبوتي· وبالنسبة للصومال، فنحن لا ننسى ان الصوماليين كانوا يدعمون قضيتنا منذ أكثر من أربعين عاما، ولذك فإن علينا التزام معنوي وتاريخي لدعم كل الصوماليين لإعادة تشكيل مؤسساتهم في إطار صومالي موحد، وقد تجلت فرصة توحيد الصومال في يونيو الماضي، ولكن بسبب تدخلات خارجية نرى ان تلك الفرصة قد ضاعت( في اشارة منه الى صعود وسقوط المحاكم الإسلامية)· وها نحن من جديد نؤكد ان الحوار السياسي والحوار وحده بين كافة الاطراف الصومالية كفيل بتحقيق الحل من أجل الوصول الى مصالحة وطنية في الصومال بين أبناء الشعب الصومالي· وإذا كان هذا حال دورنا فلماذا تحاول تلك الوسائل الاعلامية النيل من هذا الدور، ليعيد السؤال السابق طرح نفسه حول دور الاحتكارات والمؤسسات الاعلامية الكبيرة التي تتبعها، فالخبر بات كالسلعة تصنع في الغرب، وما يتم تصنيعه يعاد الى منطقتنا لتعيد بثه وسائل الإعلام العربية وغيرها· ولكن ألا توجد أية مبادرات من جانبكم لنقل الصورة الحقيقية عن بلادكم؟· -من جانبنا وضعنا استراتيجية إعلامية جديدة، ولكننا هنا نتحدث عن مليارات الدولارات الموظفة في الآلة الإعلامية الغربية من شبكات تلفزيونية ووكالات أنباء واحتكارات والكثير من التوجهات التي توظف لأجلها، وبالكثير من العملاء الذين يعملون لصالحهم، والمواجهة هنا غير متكافئة، كما أن الأصوات التي لا تعجبهم يتم التصدي لها تحت مسميات عديدة ، تارة باسم حقوق الإنسان، وأخرى باسم حرية التعبير· ؟ نعود للموضوع الصومالي، هل كنتم تعنون'' المحاكم الاسلامية'' في الدعوة لإشراك كل الأطراف الصومالية في أي حوار سياسي مقبل، هذه المحاكم التي قيل إنكم كنتم تدعمونها؟· ؟؟ لم لا، ولماذا هم، لأنهم حققوا نجاحات في زمن قياسي، وتحسسوا حاجة ملحة وأساسية للشعب الصومالي تتمثل في تعطشه للأمن بعدما أعلن رفضه لأكثر من16عاما من الاقتتال·وبعد أن تحقق لهم ذلك، جاء التدخل ، لأن الإثيوبيين لا يريدون ان يروا الصومال موحدا ، ولأن الأميركيين لهم أجندتهم ، وقد اختاروا اثيوبيا لتكون أداتهم لتنفيذ هذه الأجندة، حيث النظام ضعيف ومن دون قوة حقيقية أو مؤسسات· ؟ ولكنهم ( الاثيوبيين) يقولون عن نظامكم الشيء نفسه؟· ؟؟ دع التاريخ يقرر· ؟ولكن أعني من جهة وجود مؤسسات لصنع القرار وغير ذلك من آليات الحكم؟ ؟؟دعنا إذن نتحدث عن حقائق فالنظام في اثيوبيا رفض من قبل الشعب، ولكن الاميركيين الذي يتشدقون بالديمقراطية واحترام رأي الأغلبية عملت على سحق المعارضة، والإبقاء على النظام الحاكم الفاقد للشرعية ، حتى اتفاق الجزائر الذي توصلنا اياه معهم، إثيوبيا لم تنفذ أي مما جاء فيه ، لذلك من هو غير الشرعي هنا· ونحن هنا نتحدث عن حقائق ، وفي الاخير نقول في حالتنا هم لهم طريقتهم ولنا طرقنا· ونحن نحرص على الاعتماد على أنفسنا الذي أتاح لنا ألا نسمح لأحد من الخارج ان يسيطر علينا أو يحدد لنا ما نفعل ومالا نفعل· ؟ ولكن ألا تعتقد أن هذا الوضع القائم بين النظامين يؤثر على شعبكم وشعبهم أيضا، وبرامج وخطط التنمية لتحسين ظروفهما ؟؟ نحن أعلنا استعدادنا لبحث أي جهد إقليمي ودولي لمعالجة هذه الأوضاع لأننا نريد التركيز على برامج التنمية وبناء بلادنا، ونحتاج الى السلام، وقد أكدنا في أكثر من مناسبة استعدادنا لذلك· ومن هنا يجيء حرصنا على العمل على حل أية قضية سلميا· ولكن هم من رفض قبول ذلك الاتفاق، هل المطلوب من المساومة على سيادتنا؟، هل يقبل بذلك أي شخص يطلب منه التنازل عن أجزاء من أراضيه؟· والكرة الآن في ملعبهم، من جانبنا وقعنا على الاتفاق، ونفذنا المطلوب من جانبنا، ومارسنا أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة مختلف الأنشطة العدائية·وماذا يتوقع منا أكثر من ذلك؟· ؟ عودة للشأن الصومالي·· كان الرئيس الاريتري قد قال إن الصومال سيتحول إلى مستنقع للقوات الإثيوبية، ومع تدهور الأوضاع الأمنية، هل تعتقدون أن المستنقع أصبح واقعا؟· ؟؟ هذا ما تشير إليه الوقائع اليومية، تحدث هجمات وتفجيرات كبيرة، تستهدف الاثيوبيين، وبعد ان كانت تتركز في العاصمة مقديشو فقط رأينا مؤخرا الهجمات التي جرت في مدينة كسمايو الساحلية جنوبي البلاد· لا أحد يقبل بهذا التدخل، ولا يقبل أي إنسان ان يتدخل أجنبي لتحديد خياراته، ولماذا سمح للإثيوبيين بالذهاب الى هناك، هل لأن الصوماليين غير قادرين على حل مشاكلهم؟، وتعليمهم كيف يرتبون بيتهم من الداخل، الصومال كان من أوائل الدول في هذه المنطقة الذي شهد أول انتخابات برلمانية في عام ·1960 وقد كان لديه أحد أقوى الجيوش في افريقيا· لماذا كان هذا التدخل، ولماذا كل هذا الحشد العسكري في المنطقة من خلال إرسال الأساطيل الحربية للدول الكبرى الى المنطقة؟ وأساسا هناك رفض صومالي بالفطرة لكل ما هو اثيوبي، وهل يستطيع الاثيوبيون الذي يعانون من المجاعات والجفاف ان يحققوا في الصومال ما عجزت عنه قوة عظمى كأميركا وما تعرضت له1994؟ من جديد نقول ان الحل الوحيد يكمن في المصالحة لتحقيق السلام بجمع الصوماليين من الداخل والخارج، والشرط لنجاح ذلك ان تكف القوى الخارجية عن تدخلاتها في الشأن الصومالي· ؟ باعتباركم وزيرا للإعلام لم نسمع منكم أي تعليق على ما أعلنته إثيوبيا من إحباط مخطط إرهابي تقف وراءه إريتريا لتنفيذ سلسلة من التفجيرات خلال القمة الأفريقية الأخيرة في أديس أبابا؟ ؟؟ لأنها كانت دعاية رخيصة للغاية لا تستحق حتى أن نرد عليها · ؟ تحاولون اجتذاب المسثمرين الأجانب للاستثمار في العديد من القطاعات في بلادكم، هل الإعلام من ضمن هذه القطاعات بحيث يمكن ان نرى محطات تلفزيونية أو إذاعية أو صحفا خاصة ؟· ؟؟ وفقا لقانون الصحافة لدينا، فإن التلفزيون والإذاعة يجب أن يظلا بيد الدولة، ويسمح فقط بوجود صحف خاصة· ؟ أخيرا ماذا تقولون للذين يطرحون بين الفينة والأخرى، إن إريتريا تعاني من أزمة هوية؟· ؟؟ أولئك الذين يتحدثون عن أزمة هوية، هم من يعاني من أزمة هوية، نحن نعرف من نكون، ولا أحد غيرنا كإريتريين مخول بالحديث عن هويتنا، وهذه قضية مفروغ منها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©