الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سباق نهايته الكفن

29 يوليو 2007 03:31
هذه هي نهاية التهور والاستهتار؟؟ فقد وصلت إليّ محنة امرأة أتمنى من الله ألا تراها أي عائلة، لأنها تدمي القلب وتحرق الجوف·· ورغم ألمها الذي ما زالت تشعر به إلا أنها ارتأت ضرورة الحديث عما عانت منه لكل الآباء والأمهات، لكي يحافظوا على فلذات أكبادهم ولا يعجلون بهم وبمصيرهم إلى القبور·· كما أتمنى من كل شاب يقرأ مأساتها أن يتعظ ولا يتهور، فالعمر ليس لعبة لنقضيها بسباقات ومنافسات· أصل الحكاية كما تقول بلسانها: كان لي ابن تخرج حديثاً من الثانوية العامة بنسبة عالية·· وقد أخبر والده من قبل أنه يريد هدية متميزة نظير هذا النجاح، ولم يطلب إلا سيارة رغم عدم حصوله على رخصة القيادة·· ولأنه ابننا الوحيد الذي أتينا به للدنيا بعد خمس بنات وافقنا على أن نشتريها له، ولا يسوقها إلا بعد حصوله على الرخصة·· وافق طبعاً بدون تردد في وقتها·· لكنه غير رأيه بعد حصوله على النتيجة·· وبدأ يتحايل علينا أن يسوقها ليستعرض بها أمام الشباب في الحي·· وأكد لنا أنه لن يذهب بعيداً لخوفه من سيارات الشرطة والمخالفات·· وللأسف صدقناه ولأننا لم نرد أن نقتل فرحته بهذا اليوم أعطيناه مفتاح السيارة رغم ترددي· خرج مسرعاً وهو يقبلني ويقبل والده ووعدنا بأنه لن يتأخر إلا نصف ساعة·· لكن الساعات توالت ولم يظهر·· قلقت عليه كثيراً مخافة أن يذهب بعيداً وهو لا يعرف من السياقة إلا القليل، وبنفس الوقت انشغلت مع بناتي بتحضير مأدبة عشاء سنقيمها بنهاية الاسبوع لأفراد العائلة ابتهاجاً بنجاح ابني·· وفي غمرة انشغالي بالتحضيرات تلقيت اتصالاً (بعد خروج ابني من المنزل بسبع ساعات) ليخبرني بأنه توفي في حادث سيارة بعدما تنافس الشباب على التسابق فيما بينهم·· ولأن ابني كان صغيراً فلم يستطع التحكم بعجلة القيادة لتنقلب السيارة ويقابل وجه ربه الكريم· سمعت كلمات المتحدث بالهاتف وأنتم أدرى كيف يكون حالي·· ولا داعي لذكره ولكن تحولت مأدبة العشاء التي كنا نحضرها إلى عزاء بفلذة كبدي - يرحمه الله-· إلى هنا انتهى الاتصال ولا أستطيع أن أضيف ما يمكن أن يردع شبابنا أكثر من حديث هذه المرأة المكلومة ومشاعر الأب النادم على شرائه السيارة·· لذا أتمنى من الشباب أن يبتعدوا عن حركات ''التفحيط'' و''الويلات'' التي يقومون بها خاصة في (المناطق السكنية) حتى لا تقع مآسٍ نحن في غنى عنها·· كما أتمنى منهم الابتعاد عن المنافسة بسباقات السرعة التي تتجه لها المجموعات الشبابية التي تندرج تحت مسميات مختلفة - لا داعي لذكرها - والتي نرى ملصقاتها على زجاج السيارات· كما أتمنى من الآباء والأمهات أن يحافظوا على أبنائهم وألا يحققوا لهم رغباتهم وأطماعهم بكل شيء·· فهناك أمور يجب الابتعاد عنها حتى يصل الشخص إلى الدرجة والوعي والمسؤولية الكافية ليحصل عليها· في النهاية·· أتمنى للكل حياة ملؤها المسك والياس· Afrah.jasem@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©