الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الضغط يولد الانفجار

30 يوليو 2007 01:42
سافرت في العام الماضي الى دولة آسيوية بهدف العمل، وجلست مدة طويلة مع عائلة كنت أعرفها حيث يعمل أحد أولادها معي·· وتوطدت العلاقة بين عائلتي وعائلتها الذين شرفونا بزيارتهم لنا أكثر من مرة ببلدي·· وللأمانة لم يقصروا معي في أي شيء·· بل اعتبروني واحداً منهم وكانوا يستشيرونني في كل أمر يقومون به· ولا أود من مقالي هذا ذكر الحفاوة التي رأيتها، بل طبيعة علاقات الأسرة مع بعضها البعض ثم مقارنتها مع موقف آخر شاهدته بعد عودتي· فقد كان الوالدان يحترمان أبناءهما وعودوهما على الصراحة في كل شيء·· حتى إن كان ما فعلوه خطأ لم يكونوا يعاقبونهم دون معرفة الأسباب، بل يتركون لهم الفرصة لشرح وجهة نظرهم ثم يقررون العقاب المناسب ليتحملوا نتيجة فعلتهم·· ولأن الاحترام يجعل العين تخجل من الشخص الذي أمامها، فإنهم لا يعاودون فعل الخطأ بل يحاسبون أنفسهم مائة مرة قبل القيام بأي شيء· وبعد رجوعي لبلدي رأيت مواقف مناقضة تماماً، فهناك عائلة لا تملك إلا أن تسمع صياحها عبر الجدار·· حياتهم كلها مشاكل في مشاكل·· الولد خارج المنزل طوال اليوم·· والفتاة مغلوبة على أمرها ومحبوسة دائماً خلف هذه الجدران·· لا نكاد نراها ولا حتى نعرف اسمها·· فما الحل الذي كان أمامها؟ الإنترنت طبعاً·· أصبحت مدمنة، بل عاشقة للإنترنت·· وانعدمت صلاتها الاجتماعية مع عائلتها·· بل انعدمت صلتها مع مجتمعها وصديقاتها لأن الهاتف كان ممنوعاً عليها·· أي بيئة عسكرية لا تفاهم فيها، ولا توجد مساحة لأخذ الرأي والحرية·· فماذا كانت النتيجة يا ترى؟ طبعاً الكل يعلم أن من يعش بهذا الضغط لا بد له أن ينفجر·· وبالفعل كان انفجارها بتعرفها على شاب· لن أذكر الباقي، فالكل يعلم ما النهاية، ولكنني لا ألومها لأنها ليست إلا ضحية لهذه الثقافة القابعة في منازلنا·· فالوالدان أميان·· فلم يدعواها لأن تكمل دراستها بل أقعداها بالمنزل بعد انتهائها من الثانوية حتى يأتيها النصيب·· وكل نظرهما يتركز على أن الفتاة مشكلة تتحرك على الأرض، ويجب أن نحبسها حتى لا نرى منها الفضائح! فهل هذا منطق؟ نتمنى أن يكون هناك توعية بأهمية الحوار داخل الأسرة، وأن يكون هناك حيز من الحرية·· لأن من معه الحرية سيحاسب على أي شيء حتى لا يخسرها، أما المكبوت نفسياً وليس له حق الكلام ونمارس عليه الضغوط من كل شكل ولون، سنراه هائجاً متمرداً ويقع في المحظور رغم السياج المكبلة حوله·· فكل ممنوع مرغوب· أحببت أن أنقل هذه الواقعة للاستفادة·· فما زال هناك أسر في الأماكن والقرى الصغيرة التي لا تعترف بمكانة المرأة ولا تعطيها أبسط حقوقها·· يجب علينا جميعاً أن ننشئ جيلاً ذا أخلاق وقيم ومبادئ إسلامية صحيحة وثابتة، لا تتغير بتغير الزمان أو المكان، يستطيع مواجهة المشاكل ويتحدى الصعوبات بعيداً عن الانحراف·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©