الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دور الصين في وحشية بورما.. إشاعة

دور الصين في وحشية بورما.. إشاعة
9 أكتوبر 2007 00:08
ربما كان هذا الوقت مضطرباً وعصيباً بالنسبة للمحللين والمعلقين الصحفيين على السياسات الخارجية الأميركية· فمع هذه الفوضى الأمنية السياسية التي يشهدها العراق، فقد أصبح من الصعوبة بمكان، الحديث عن هيبة أميركا أو قوتها العظمى أو قدرتها على الحفاظ على اسمها وسمعتها الدوليتين· لكن وانطلاقاً من ردود الفعل إزاء التظاهرات الاحتجاجية الأخيرة التي شهدتها بورما -التي تعرف أيضاً باسم ميانمار- لم يكف المعلقون عن إطلاق النعوت على الحكومات، وإن شملت هذه النعوت أكثر من حكومة واحدة هذه المرة· ومن بين هؤلاء مضى الصحفي والمحلل السياسي ''كريستوفر هيتشنز'' قائلاً: ''إن مأساة العصبة العسكرية الحاكمة في بورما سوف تستمر طالما استمر احتضان بكين لها''· لم يكن ''هتشينز'' هو المعلق الوحيد الذي ألمح إلى هذه الفكرة، فقد كتب ''جودي وليامز'' -الحاصل على جائزة نوبل للسلام في صحيفة ''وول ستريت''- داعياً إلى ضرورة استخدام الصين ''لعلاقاتها الخاصة'' بالنظام العسكري في بورما لضمان إطلاق سراح ''أونج سان سوكي'' ومئات المعتقلين السياسيين الآخرين هناك؛ كما عبر السناتور ''جون كيري'' عن ذات الفكرة، بينما دعت مجموعات مختلفة من ناشطي حقوق الإنسان في أميركا وأوروبا إلى مقاطعة أولمبياد الصيف المقبل في العاصمة الصينية بكين· غير أنه لابد من طرح السؤال التالي: ما مدى النفوذ الذي تمارسه الصين على النظام العسكري الحاكم في ''رانجون''؟ يجيب عن هذا السؤال ''ويليام أوفرهولت'' -مدير مركز سياسات آسيا الباسيفيكية، والمستشار السابق للمجموعات القبلية التي شكلت الحكومة الثورية الانتقالية في بورما عام 1989- بقوله: ''إن للصين تأثيراً محدوداً للغاية على بورما في حقيقة الأمر؛ والسبب أن الفكرة الرئيسية التي تعمل على أساسها هذه الحكومة هي عزل نفسها دولياً عن كل الحكومات، بحيث لا يستطيع أحد ممارسة أي نفوذ أو تأثير خارجي عليها''· هذا ما تفيض به الدعاية الإعلامية، فوفقاً لنصوص القانون البورمي، فإنه يتعين على كافة المواد المنشورة -صحفية أو غيرها- أن تحتوي على البيان الحكومي الرسمي الخاص بالمبادئ الوطنية العامة، تحت عنوان ''رغبة الشعب البورمي أولاً''، ويحتوي ذلك النص على عبارات مثل ''عارض أولئك الذين يعتمدون في معلوماتهم على المصادر الخارجية، الذين يلعبون دور الدمى في عكس الآراء السلبية عن بلادنا''؛ وللحقيقة فإن هذه العبارة تنطبق بحذافيرها كاملة على الصين أيضاً· ومن رأي ''جون إتش· بادجيلي'' -بروفيسور متخصص في الشأن البورمي- أن أفضل ما يمكن أن توصف به حكومة ''رانجون'' أنها ''نظام سياسي لحزب وطني يصعب التأثير عليه من الخارج أو محاولة شرائه''، وأي محاولة لاختراقه أو التأثير على سلوكه، تعد محاولة ساذجة عديمة الجدوى! الحقيقة أن ''ميانمار'' تعاني من فجوة معلوماتية هائلة، تعززها ثقافة سياسية شديدة الغرور والانطواء على نفسها، تتسم في ذات الوقت بنفورها الحاد من كل ما هو أجنبي إطلاقاً· وهذه الصور التي بثتها قنوات التلفزيون العالمي والفضائيات عن تظاهرات الاحتجاج التي عمت ميانمار خلال الأسابيع القليلة الماضية، إنما هي مما تستحيل مشاهدته بل حدوثه في عام ·1988 ولما كانت عملية اتخاذ القرارات في رانجون من قبل الجنرالات الحاكمين لغزاً حقيقياً وسراً في ذلك البلد، لم يبق للمحللين السياسيين المهتمين بشؤون ''ميانمار'' سوى تخمين ما يحدث هناك، والتعليق عليه اعتماداً على تقديراتهم وآرائهم الخاصة· وبينما ينادي منفيو بورما المقيمون خارجها إلى فرض المزيد من العقوبات الدولية عليها، يلاحظ أن الانعزاليين يفضلون عزلها عن العالم كلية، في حين يوجه الصقور المعادون للصين أصابع الاتهامات إلى بكين ويلقون باللائمة عليها جراء ما يحدث في الجارة رانجون· لكن يقتضي القول إنه ليست للصين يد في التخلف المتفشي في ميانمار، فخلال عقد الستينيات لم تخف بكين تأييدها العلني للحزب الشيوعي البورمي، مساهمة بذلك في تلك الحرب الأهلية الدامية الطويلة التي عصفت بميانمار وقتئذ؛ فقد نشأ تحالفٌ بين ''رانجون'' و''بكين'' لاحقاً في أعقاب نهاية الحرب الأهلية، ورغم هشاشة هذا التحالف القائم الآن بين البلدين، إلا أن بكين وقفت إلى صف جارتها ''رانجون'' بنقضها لمشروع قرار بفرض عقوبات دولية عليها في اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي انعقد في شهر يناير الماضي· على الرغم من أهمية ممارسة الضغوط على بكين بما يهدف إلى غل يدها في مناطق النفوذ المباشر الذي تمارسه في التعبير عن انحيازها إلى صف النظام العسكــري الحاكـــم فـي ميانمـــار -كاستخدام حق النقض والدعم العسكري- إلا أنه يجب القول إن معظم ما يرد من تعليقات معادية للصين في علاقتها بميانمار، إنما هو تعليق نابع من أسباب اقتصادية لها علاقة بالامتيازات التي تتمتع بها بكين هناك، وإنه يفتقر إلى الكثير من المعلومات السياسية الخاصة بهشاشة التحالف بين ''رانجون'' و''بكين''· محرر أول لمجلة ريزون وصحفي سابق بصحيفة ميانمار تايمز لمدة ثمانية عشر شهراً ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©