الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالناصر مجلي: عندما أمتلئ أجلس في أي مكان

عبدالناصر مجلي: عندما أمتلئ أجلس في أي مكان
30 ابريل 2009 00:50
يقول الشاعر والروائي اليمني المقيم في أميركا عبدالناصر مجلي: «ليست عندي طقوس معينة لعملي الإبداعي أو الصحفي، بمعنى أن تكون هذه الطقوس هاجساً يشغلني بتفسيره أو التنظير له». ويمضي مجلي وهو أحد أبرز الأصوات الأدبية في تسعينيات القرن الماضي في اليمن إلى القول: «لقد كان الاستماع لقصص الجدات، كوني أتيت من بيئة ريفية هو أول طقس إبداعي أمارسه في حياتي، كان ذلك في طفولتي البعيدة، وتالياً سأكتشف أن صفة الاستماع هذه قد صارت طقساً محورياً في كل ما كتبته في النوافذ التي ذكرتها آنفاً، هذا إذا جاز لي تسمية هذه المسألة التكنيكية طقساً. إنني شخص «سميع» لكل ما حولي ذهنياً وبصرياً ونفسياً ومعرفياً، ولا أتخيلني على سبيل المثال واقع تحت تأثير أسلوب معين في الكتابة، فعندما أشعر بامتلائي بما أود كتابته اجلس في أي مكان وأبدأ الكتابة بكل بساطة ودون تعقيد مادمت قد حددت هدفي الكتابي، فلا اكتب بشكل انفعالي أو تحت أي تأثير فكل شيء عندي له حسابه قدر الإمكان». ويضيف «منذ بدأت الكتابة وجدت نفسي في حالة اشتباك مع الكتابة، والكتابة مشتبكة معي، أي أن الكتابة تكتبني وأكتبها. يكفي الكتابة نفسها أن تكون طقساً يفسر نفسه ويحدد صفاته، فالاشتغال عليها وبها كان وسيظل طقس الطقوس وسر الأسرار، مثلها مثل النظريات التي تأتي لتدحض ما سبقها وهكذا إلى وقت أو عصر لا نعلمه ولا ندريه». وفي اعتقاده «لولا وجود هذه الصفة ـ أي السباحة في المجهول ـ لفقدت الكتابة سرها وجدواها. فالكتابة عالم تخيلي شديد الاتساع يصعب تحديد نتائجه وأثره في طقس معين أو طريقة بعينها، ومن الإجحاف بحق هذا العالم السحري الذي يشبه الخلق وهو كذلك، أن نفككه لغوياً بهذه السهولة والعجالة». ويتابع مجلي: «إنني هنا أتحدث عن نفسي ولا يعني ذلك أنه لا توجد طقوس عند الآخرين أو أنني أحاول نفيها، فالقارئ والمتابع العادي يعلم بحتمية هذه الطقوس عند عمالقة كبار في مختلف اللغات والثقافات، حيث كانت هذه الطقوس بمثابة مفاتيح البداية عندهم وبغيرها لا يستطيعون التقدم ربما سطراً واحداً». ويعود للقول: «إن طقوس الكتابة وقداستها قد ولى زمنها في عصر السرعة المرعب هذا، ويكفي الواحد منا تمكنه من التقاط نقطة الضوء الأولى لمشروعه الكتابي والإبداعي على وجه التحديد ليكون قد فاز فوزاً عظيماً يغنيه ويعفيه عن ممارسة طقوس وثنية لا طائل من ورائها قد تعصف بمشروعه من أساسه حتى قبل أن يبدأ. بل أكاد أقول ونظراً للظروف الحياتية التي نعيشها في بداية الألفية الثالثة، أن كتاب الطقوس المحددة سلفاً قد ولى زمانهم ولم يعودوا يعيشوا بيننا، والذي لا يزال يعتقد بمثل هذه الذهنية الطقسية ربما يمتلك من الوقت الكثير لكنه لا يمتلك الروح الإبداعية بنفس الكثافة التي يمتلكها مبدع آخر يعتبر الوقت ركيزة أساسية ومهمة في بلورة رؤاه الكتابية الحقيقية وليس مضيعة لها»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©