الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثقة بالنفس تجسد نظرة الطفل إلى ذاته

الثقة بالنفس تجسد نظرة الطفل إلى ذاته
6 ابريل 2008 02:14
الجلد بسياط التوبيخ والألفاظ النابية يقتلع جذور الثقة بالنفس والقدرة على تخطي حواجز الفشل، ويفضي بالطفل الى صراع دائم مع نفسه، ويخاف ويتردد من اقتحام أي تجربة حتى لا يقع في الخطأ الذي يعرضه للمزيد من الكلمات الموجعة· فالثقة مفتاح النجاح وعامل أساسي في إنجاز أي عمل، على العكس من الأشخاص المشحونين بالثقة، فهم يسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل والتأقلم مع المواقف في أي زمان ومكان· وهناك صور وحالات تعاني من فقدان الثقة، وبالتالي طمروا أفكارهم وكبتوا انفعالاتهم، فاضطربت شخصياتهم· تقول أم محمد: كثيراً ما تنتاب ابنتي نوبات من البكاء والخوف عند رؤية ورقة الامتحان بالرغم من تحصيلها العلمي الجيد واستعدادها التام له إلا أن خوفها وفقدانها الثقة بنفسها يحولان دون ركونها إلى الهدوء فحاولت مراراً وتكراراً تخفيف وطأة الرهبة من الامتحان إلا أنني عجزت تماماً من انتزاع هذا الأحساس النفسي المقيت الذي جعلها في توتر وقلق دائمين· وتعترف سوسن سامي بأنها المسؤول الأول والأخير عن المشكلة التي يعاني منها طفلها قائلة: صراخي وعقابي المستمران له جعلاه يتقوقع على نفسه، ويحاول أن يتحاشى رؤيتي عند أي خطأ قد يقع فيه فوجدته شيئاً فشيئا ينزوي في ركن بعيد عن أخوته، ويرفض الجلوس معنا ومشاركتنا الأحاديث والنقاشات التي عادة ما تثار بين أفراد الأسرة، حاولت مراراً وتكراراً إلزامه بمخالطتنا لكن سرعان ما يعود إلى وضعة مجدداً، عندها أدركت فظاعة الجريمة التي ارتكبتها في حق ابني· وتؤكد مريم جاسم أن كثيراً من الأسر لا تدرك طبيعة الطفل واحتياجاته، وأنه كائن رقيق وحساس من السهل جداً تشكيله والتأثير فيه، فلابد لأولياء الأمور والمربين توفير كل العوامل البيئية الجيدة التي تساعده على تنشئة الطفل ونموه من الناحية النفسية بشكل سليم، فالمعاملة القاسية لا تولد سوى شخصية سلبية منغلقة على نفسها تفتقد لروح المبادرة واتخاذ القرار· وتضرب المربية جيهان كريم مثلاً عن كيفية زرع الثقة بالنفس، وتقول: سئل نابليون، كيف تزرع الثقة في جنودك ؟ قال بثلاثة: إذا قال أحدهم لا أعرف قلت له تعلم، وإذا قال مستحيل قلت حاول، وإذا قال لا أقدر، قلت له جرب· إن العلاج هنا يكمن في منح الفرد دفعة قوية وفرصة تساهم في إحداث نقلة نوعية في شخصيته، وعدم منعه والوقوف في وجهه، وإنما مراقبته من بعيد، ودور الأبوين يجب أن يكون على قدر من المسؤولية في احتواء الطفل وتلبية احتياجاته الضرورية مع تربيته في نطاق أسري يسوده الألفة والحب والترابط· مفهوم الثقة روحي عبدات، الأخصائي النفسي يلخص كيفية حماية الطفل من مغبة فقدان الثقة بالذات، ويقول:'' إن مفهوم الثقة بالذات هي نظرة الإنسان إلى ذاته وإحساسه بقيمته بين من هم حوله ، ومن ثم التصرف بطريقة إيجابية أمام الآخرين باعتبار أنه يملك الكثير من مقومات النجاح التي تؤهله لأن يكون إنساناً كاملاً في المجتمع، وإن انعدام هذه النظرة الإيجابية إلى الذات تؤدي إلى سلوك مضطرب وغير متوافق مع البيئة المحيطة· وتتمثل أهمية الثقة بالنفس عند الأطفال في قدرتهم على التواصل الاجتماعي السليم، والتعبير عن احتياجاتهم وممارسة أنشطتهم بحرية، وتحقيق التكيف الاجتماعي والأداء التعليمي المناسب· والثقة بالنفس صفة يكتسبها الطفل عن طريق احتكاكه ببيئته الداخلية، وهي الأسرة، ثم محيطة الخارجي، ويكتسبها الطفل أولاً عن طريق الوالدين إذا اعتمد على التربية السليمة وليس مجرد النصح لأن الطفل يعتمد على تقليد سلوكيات من هم أكبر منه، فيكتسب الثقة من خلال القدوة الحسنة ، وهذا يؤدي إلى تكامل الشخصية والشعور بالثقة والمسؤولية· دور التربية ويضيف عبدات قائلاً: إن التعامل مع الطفل يساهم إما في تنمية الثقة بالنفس أو اقتلاعها من جذورها، فالتربية الصارمة والمتصيدة للأخطاء والتي تركز على جوانب الضعف تضعف الثقة بالنفس عند الطفل، أما طريقة التربية المبنية على الحوار مع الطفل وتفهم احتياجاته وإتاحة المجال له للتعبير عن ذاته وميوله واحترام وجهة نظره كلها تساعد على تنمية الثقة بالذات عنده، كذلك الألفاظ التي يصدرها الوالدان نحو الطفل والاستهزاء والسخرية منه ونعته بألفاظ سلبية مثل: ''أنت لا تستطيع، فلان أفضل منك··، أنت غبي··'' وعدم إعطاء الطفل الفرصة في تحمل بعض المسؤوليات، والقيام بكل شيء عنه، وعدم الثقة بقدراته، وعدم إتاحة المجال له للمحاولة، وتهويل أخطائه· ويشعر الطفل دائماً أن ليس لأعماله أي قيمة وأنه سلبي نحو ما يقوم به من أعمال، وقد يولد الأمر الكثير من المشاكل السلوكية مثل العنف والعدوانية نتيجة عدم إشباع حاجاته، والعناد الذي يعبر عن رفضه للوضع الذي هو فيه، والانعزال عن الآخرين، وتجنب المواقف التي تعرضه للإحراج والسخرية من الآخرين، وبالتالي فقدان الكثير من الفرص الاجتماعية· ومن ثم لابد من التركيز على جوانب القوة في ذاته، واكتشاف قدراته وتبصيره بها، وتعزيزه على كل سلوك إيجابي يقوم به مهما كان صغيراً، ونعته بألفاظ إيجابية، ومنحه الحب والمودة والعاطفة اللازمة له، وإتاحة المجال له للحديث بحرية عن مشاعره دون السخرية والاستهزاء منها، الى جانب تكليفه بالقيام بمسؤوليات بسيطة في إطار الأسرة أو المدرسة، وثوابه على أدائها، لتعزيز خبرات النجاح عنده، فضلاً عن بث الطموح في ذاته، وتشجيعه على ممارسة الأنشطة الاجتماعية والرياضية، ومصاحبة الأقران، والانضمام لأحد النوادي الاجتماعية أو الثقافية، ومصاحبته في المناسبات والزيارات للآخرين، وتقديمه للآخرين بطريقة إيجابية·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©