الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كورنيش أبوظبي يروي قصص المتعة بصوت البحر

كورنيش أبوظبي يروي قصص المتعة بصوت البحر
15 فبراير 2011 22:11
على كورنيش أبوظبي، رصيف واسع ومساحات للّعب وركوب الدراجات وممارسة رياضة المشي أو الركض، مقاهٍ تطلّ على البحر ، وشجيرات النارجيل تتناثر هنا وهناك، وتبقى للرمال سطوتها الخاصة في فسحات لم تحدّد في الشاطئ العام من قبل بلدية أبوظبي وتركت بقصد مفتوحة لكل الاحتمالات، وكأن تحول إلى قرية أولمبية مصغرة. (أبوظبي) - يسير الهويني على الرمال ويجلس متأملا الصغار يلعبون على أوراقه الملفوفة مثل السندويش، يفردها وينفصل ليكتب، على مقربة منه، عائلة تضم الجدّة والأب والأم والأولاد بمختلف الأعمار، الأم توزع العصير على أطفالها المهرولين إليها بركض يثقل تناغمة الرمال فيصبح المجهود مضاعفاً، فالسير على الرمال أو الركض كما السير والركض في الثلوج، ثمة ما يغور مع دعسات الأقدام ويغرق أحياناً فتتشكّل اللوحات بأقدام حافية أو بأقدام تنتعل الأحذية، طبعات متنوّعة. مساحة ترفية أحاديث تناغم موج البحر على الكورنيش في الناحية التي اصطلح على تسميتها بالساحة، وقد استحقت بشرف هذا اللقب، ساحة الرصيف وساحة الرمال وخلفها الباركينغ، كلّها تسميات يعرفها من ألف المكان وتفاعل معه، تسميات تتناقل بين العارفين بالموقع ومرتاديه. هناك، لن تدفع حتى درهم واحد لترسم ما تريد على الشاطئ، وهذا ما يثمّنه “جيرمي” الأميركي المقيم في أبوظبي، وهو يجتمع كل يومين بأصحابه وزملاء له فيلعبون بالكرة في إحدى نواحي الشاطئ. ويقول “نحن نصنع مساحتنا، وقد فكرت مطولاً بين أن أسجّل في نادٍ رياضي أو الاتفاق مع مجموعة تشجعني لممارسة الرياضة عن طريق اللعب بالكرة والإحساس بروح التنافس”. جيني تقول “تعرّفت على المجتمع الإماراتي وعلى تنوّع أبوظبي من خلال ارتيادي الشاطئ، وقد اندهشت صديقة لي كانت قد أقامت في أبوظبي قبلي بنحو ثلاث سنوات إلى أي درجة بتّ أعرف نسيج أبوظبي وتركيبتها المتنوّعة والثريّة من خلال ارتيادي الشاطئ على الكورنيش”. وتتابع “كنت جديدة على المكان ولا أعرف أحداً تقريباً، غير أن ذلك لم يمنعني من الاستكشاف عوض الجلوس في الأستديو الذي استأجرته، فرحت أنزل إلى الكورنيش، وبالفعل دهشت بالكمّ الهائل للنشاطات التي بوسعنا ممارستها بكل حرية ومن دون أن نضطرّ إلى دفع النقود، فكل شيء متاح فعلاً للجميع، فعلى مقربة من الكورنيش الحديقة العامة وألعاب للأطفال. وبما أني وحيدة هنا ولا عائلة معي، كانت الرمال لمرحلة لا بأس بها ملاذي ومبعث اطمئناني، أسير على الرمال وأحياناً أركض وإن تعبت أجلس فأشمّ رائحة البحر الخاصة جداً هنا، إذ أن لكل بحر رائحته، وأتأمّل”. اللعب فوق الرمال وتقول “لن أخفي أن وحدتي كان لها آثارها السلبية إذ يعود الحنين إلى الأصدقاء الذين تركناهم خلفنا بصخبهم وأشيائهم ليفاجئنا بشعور عدم القدرة على الاحتمال، وما جرى معي كان رائعاً، ففي إحدى المرات كنت أسير على الرمال وإذ بكرة تضربني وتلسع يدي وأنا أحاول ردّها، كانت هناك مجموعة من الصبايا والشباب يلعبون الكريكيت وقد طارت الكرة إليّ فسارعوا جميعاً للاعتذار مستفسرين إذا ما أصابني شيء، في تلك اللحظة شعرت بالألم ولكن دهشت أنني طوال تردادي على الشاطئ لم ألتفت يوماً إلى تلك الناحية وأرى أن ثمة من يلعب الكرة الطائرة هنا وثمة من يلعب كرة القدم، وثمة من يلعب الكريكيت اللعبة التي كنت أمارسها مع أخوتي وأبي، مسكت بالكرة الصغيرة ورميتها كأنني أشارك في اللعبة فشعروا أنني أعرف اللعبة، ومباشرة سألوني ومن دون أن يسألوا عن اسمي الانضمام إليهم”. وتشعر جيني أن ما قدّمه لها الشاطئ على كورنيش أبوظبي كثير، لأنها تمارس الرياضة وتتشجّع على التحرك لأن ثمة مجموعة تنتظرها للمشاركة معهم في اللعبة، وثمة وجوه جديدة تتسربل إلى حياتها التي شابتها الوحدة لفترة، وها هي تعيش بصخب أصوات أصحاب جدد. وتشير إلى أن ثمة أشخاص من جنسيات متعددة تجتمع للعب، يتعرفون على بعضهم البعض. وتلفت إلى أن تعرّفها على المجتمع الإماراتي لم يأتها من عملها إنما من ارتياد الشاطئ، وابتداء من الأطفال الذين يلغون الحواجز وهم يتنقلون راكضين من جهة إلى أخرى من الشاطئ ويشاركون باللعب تحت إشراف الأهل، وهكذا نشأ التواصل مع الناس. ربيع يفرح بالشاطئ، فلا شاطئ في عمّان (الأردن) وعليه التوجّه إلى البحر الميت أو البحر الأحمر للتمتع به، وذلك يعني- لبعد المسافة- أخذ إجازة وتوفير في الراتب للتمتع لأيام بالبحر، أما في أبوظبي فالأمر يختلف، ينتهي من عمله في أحد المقاهي المتناثرة على الكورنيش ويتوجه إلى الشاطئ، وبات له أصحاب تعرّف إليهم من خلال المشاركة في لعب الكرة الطائرة على الرمال. ويقول “اللعب على الرمال صعب جدا وليس كما يتوقّع البعض، فالأقدام تغرق وعليك بذل جهد إضافي، نفرح هنا برياضة مفيدة ونتسلّى وتسليتنا هذه ليست مكلفة، ومع هذا تعلّمنا من بعض الجنسيات أن ليس كل ما تدفع ثمنه هو الذي سيحقّق لك الراحة، فهناك مدراء لأهم الشركات في أبوظبي، ولفروع شركات عالمية، يأتون ويلعبون معنا وفي غالبية الأحيان يصطحبون عائلاتهم. ويضيف “كنت في البداية أندهش وأعتقد أن من يلعب معنا يكذب علينا وغير معقول أنه مدير لشركة ضخمة، وما لبثت أن بدأت أصدق، وجميعنا نفرح من دون علاقات مصالح أو غايات، كلّ ما نريد هو هذه المتعة الجميلة على الرمال ومع الناس حيث تختلط أصوات الأطفال والشباب والكبار بصوت البحر وأمواجه”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©