الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلعة صيرة اليمنية عنوان الشموخ التاريخي

قلعة صيرة اليمنية عنوان الشموخ التاريخي
29 مايو 2009 23:35
تعتبر قلعة صيرة من أقدم المعالم الأثرية التاريخية بمحافظة عدن، وتعد مع «صهاريج الطويلة» أشهر معلمين أثريين بارزين فيها. توجد في القلعة تحصينات عسكرية تعتلي الجبل الأسود في جزيرة صيرة الواقعة قبالة خليج «حقات» حيث تنتصب الجزيرة وقلعتها في البحر يسامران الليل بكل يقظة لحماية عدن، إضافة إلى أن القلعة تستمد من موقعها الحساس ميزة هامة هي مراقبة حركة السفن القادمة إلى الميناء والخارجة منه. فضلا عن تاريخها الطويل الذي استمدت منه شهرتها. تتعدد الآراء المدونة في المصادر التاريخية القديمة والحديثة حول تاريخ بناء القلعة، ولا يعرف على وجه الدقة، فمنهم من يرى أنها أنشئت مع بدايات ظهور ميناء «عدن كريتر» ويعود ذلك إلى فترة ما قبل الإسلام، ويرجع آخرون ظهور تلك التحصينات الدفاعية إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، أثناء دخول المماليك والأتراك اليمن تحت غطاء مواجهة الغزو البرتغالي. إنما منذ القدم اكتسبت القلعة أهمية لدى حكامها، وفي مطلع القرن السادس عشر ميلادي في عهد الدولة الطاهرية نالت القلعة أهمية كبرى وتمت صيانتها وترميمها ودعمها بالعدد الكافي من الحراس لتحصينها بغرض صد هجمات الغزو الخارجي لها. تكوينات تتألف القلعة من برجين كبيرين اسطوانيين تنحصر بينهما مداخل القلعة، وتوجد في البرجين فتحات لرمي السهام تسمى «المزاغل» ويتم الصعود إلى مدخل القلعة بواسطة سلم يؤدي إلى بوابة مستطيلة خشبية تطل على الصالة المركزية الرئيسة التي تتوزع منها ممرات توصل إلى غرف ذات مساحات مختلفة توجد بجدرانها فتحات لرمي السهام، كما يوجد درج آخر يوصل إلى الطابق العلوي للقلعة، وتوجد بالممرات أقبية ذات شكل اسطواني، كما توجد بأسقف الحجرات فتحات لدخول الضوء وتحسين التهوية. وبصورة خاصة- في الصالة المركزية وفي القلعة بئر للمياه تسمى «الهرامسة». كما يوجد في سطح القلعة قواعد مستديرة الشكل من الحجارة الضخمة عليها قواعد حديدية بغرض تركيب المدافع. الميناء كان موقع ميناء صيرة مرفأ تجاريا هاما، يستقبل السفن الهندية من مختلف المقاطعات، وأيضا الصينية والفارسية والعمانية والمصرية والحجازية والحبشية، فيما كانت تستودع فيه مختلف المنتجات العالمية التي تنتقل بعد ذلك إلى مرافئ أخرى على سفن صغيرة تمر عبر مضيق باب المندب. ويقدّر ابن المجاور «عدد السفن التي كانت ترسو في الميناء بثمانين أو سبعين سفينة كل عام». كما تروي المؤلفات العربية أنه «تم استحداث نظام مراقبة السفن الواصلة إلى الميناء عبر «الفنار» يقوم به عدد من الحراس يقفون على قمتي جبل المنظر والخضراء ويراقبون ويستطيعون معرفة حركة أشرعة السفن من أجنحة الطيور». لكن ما جاء في «اتفاقية عدن» التي وقعت عام 1802 بين السلطان أحمد بن عبد الكريم- سلطان لحج وعدن، وبين هيوم دوفام مايومي، بمطالبة بريطانيا بالحيازة الكاملة للجزيرة والتي لا تسيطر على المدينة وحسب وإنما على الخليج كذلك، كما طالب بأن يتواجد على الجزيرة ثمانية أو عشرة مدافع مع سرية مدفعية.. جعل دور الميناء ينحسر. حماية السفن ترجح إحدى الدراسات الميدانية الحديثة (اعتمادا على شواهد تاريخية): أن أول بناء أصلي للقلعة يرجع إلى الأمير الأيوبي عثمان الزنجبيلي التكريتي والي عدن من قبل توران شاه الأيوبي شقيق صلاح الدين الأيوبي، الذي جاء إلى اليمن عام 1173م، وكلف واليه على عدن عثمان الزنجبيلي ببناء الأسوار والحصون. وما يؤيد هذا الرأي هو التشابه في المخطط العام للقلاع وأبراجها التي أقامها الأيوبيون في مصر والشام مع قلعه صيرة. كذلك استحدث في العصر الأيوبي ما يشبه أنظمة حماية السفن في عرض البحر، ولكن مقابل ضريبة يدفعها ملاك السفن ارتفعت تدريجيا بعد سنة 613هـ، يقول في ذلك «ابن جبير»- المتوفي سنة 614هـ: «لعل السبب في ارتفاعها يكمن في ضعف السياسة الاقتصادية في البلاد في عهد الأيوبيين ورغبتهم المتزايدة استنزاف خيرات اليمن عن طريق القوانين والضرائب الجائرة التي فرضوها على الأهالي وملاك السفن». والملاحظ أن جزيرة صيرة كانت خالية قبل هذا الإجراء من سفن الحراسة الليلية في العصر الزريعي، وربما كانت غير محصنة أو مسورة. إذ يورد «ابن المجاور» قصة المركب المغربي الذي رسى في الميناء وتوجه صاحبه خفية إلى بيت الداعي ولعله عمران بن محمد ابن سبأ دون علمه وأخفى بضاعته في منزله، والظاهر أن هذا المنزل على مقربة من المرسى أو على جبل المنظر، فتم اكتشاف فعلته لكن عفى عنه الوالي. لكنه انتبه لهذا الوضع وأمر بتشييد أول سور لمدينة عدن يمتد من الجبل «الأخضر» إلى جبل «حقات». مع مرور الزمن تهدم هذا السور لضعفه وابتنى سورا آخر ظل إلى عهد عثمان الزنجبيلي، الذي قام هو الآخر بتجديده ويبدو أنه حصّن المدينة تحصينا قويا أدهش الجواسيس البرتغاليين. ولولا هذه التحصينات إضافة إلى القدرة القتالية لدى المدافعين اليمنيين لاستطاع «الفونسو دي البوكرك» أن يستولي عليها، في حين سجلت المصادر التاريخية خمس غزوات بحرية حاسمة دار فيها الصراع على عدن وصيرة وانتصرت المدينة في ثلاث منها حين كانت في أفضل عهودها في زمن الزريعيين والظاهريين. تاريخ طويل كانت القلعة عبر تاريخها رمزا لإباء وشموخ هذا الثغر اليماني وامتزج تاريخها وتراثها ليخلق نسيجا متجانسا مع ثقافات شعوب وأمم مكونة بذلك سفرا مهما بذاكرة هذا الشعب والشعوب الأخرى يجب مراعاته والحفاظ عليه. فقد كانت عدن ولا تزال بقلعتها صيرة وحصونها العديدة؛ البوابة الجنوبية للجزيرة العربية، هذا من جانب ومن جانب آخر هناك الكثير من الحكايات وربما الأساطير وربما الحقائق التي تحكي عن صيرة القلعة والميناء. وعلى الرغم من شح المصادر اليمنية والأجنبية عن ذكر دور القلعة العسكري قديمــا، وهي وإن تجســــدت فاعليتها بانتشـــــار استعمال المدافع والمكاحل في العهود الوسيطة، إلاّ أنه من المنطقي أن يكون لها دور لا يستهان به - قبل استعمال المدفع- في الدفاع بالحجارة والمنجنيقات والنافطة، فبهذه الوسائل الدفاعية المبكرة يمكن رد أي غزوة على المدينة من هذا الجانب. وهي أولا وأخيرا معــــــلم ســــياحي بارز في عدن بل اليمن كله
المصدر: عدن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©