من الصعب جداً أن نحيل دموعنا إلى ابتسامات، وأن نتخذ من صرخة الوجع ناقوساً يحدد بداية انطلاقتنا نحو تحقيق الهدف، وأن تكون الإعاقة ذلك النبراس الذي ينير لنا طريقنا، وأن نفكك كلمة ألم، لنعيد تركيبها مجدداً، في قالب يحمل إلينا أملاً يشحذ عزائمنا.
إنَّهم نخبة من أبطال نادي الثقة للمعاقين الذين اختاروا ميدان الرياضة ليكون مضمار انطلاقهم في عالم الحركة والتميز، ومتنفساً يفرغون فيه إبداعاتهم، ومعملاً يصنع منهم أبطالاً، كيف استطاعوا أن يحققوا ذلك؟ بعض الإجابة في دخول عالمهم المثير للدهشة.
فتش عن العزيمة
الإرادة تصنع المستحيل، بهذه العبارة بدأ بطل العرب إبراهيم الحمادي حديثه، ليقول متابعاً: هذه الإرادة الكامنة في النفس البشرية هي مكمن القوة في الإنسان، وهي التي تؤهله لفعل ما يريد مهما كانت الصعوبات الماثلة أمامه. وقد استطعت من خلال الرياضة أن أتغلب على شلل الأطفال، وكان لانضمامي إلى النادي أكبر الأثر في تغير كل شيء من حولي، حيث تكونت لدي فكرة واسعة عن الإعاقة، كما مارست فيه الرياضة وتعرفت على الكثير من الأنشطة الفيزيولوجية، وأنا الآن أشعر بأنني تفوقت على نفسي، وقهرت إعاقتي عندما تأهلت للمشاركة في الألعاب شبه الأولمبية في بكين. كما أنني متخصص في رياضة العدو بالكراسي المتحركة، في السباقات الطويلة، واستطعت تحقيق العديد من الإنجازات والميداليات الذهبية في بطولات الخليج. لذا أنصح كل من لديه إعاقة أن لا يتقوقع على نفسه، لأنَّ الدنيا لا تنتهي عند نقطة معينة، بل عليه أن يجعل من هذه الإعاقة جسر الوصول للتميز، وهنا يكمن التميز الحقيقي في قهر المستحيل.
أهداف للحياة
يتفق بدر عباس، بطل العالم بالعدو في الكراسي المتحركة، مع زميله إبراهيم الحمادي، فيقول: لا إعاقة مع الإرادة، هذه العبارة هي النبراس الذي أنار لي الطريق لأصل إلى تحقيق لقب عالمي، والسبب في ذلك هو الإقبال على الرياضة والانضمام إلى النادي، فقبل ذلك كانت حياتي تقتصر على المدرسة والنوم والتنزه، أي أنَّها حياة بلا هدف، لكن عندما وضعت نصب عيني تحقيق شيء ما استطعت الوصول، ولا أنسى ذلك اليوم الذي فزت فيه بالميدالية الذهبية في بطولة العالم للشباب في جوهانسبرج عن مسافة 800 م، خاصة لحظة تكريمي، وقد ارتفع صوت السلام الوطني الإماراتي لحظة تقليدي الميدالية، عندها لم استطع إخفاء تلك الدمعة التي سالت على خدي بفرحة النصر، حيث استطعت من خلال الفوز أن أتغلب على إعاقتي، وأرفع اسم بلادي عالياً، كما نلت ميداليتين ذهبيتين في بطولة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة. وأنا أجزم أنَّنا لو تفرغنا لحققنا نتائج أفضل. من جهته يقول علي قمبر الأنصاري: بالاستمرار والمثابرة استطعت التغلب على الشلل الدماغي، وأن أمارس حياتي بطريقة عادية، بل وأتغلب وأتفوق على المصاعب التي تواجهني، وأشغل وقتي من خلال الرياضة، التي يعشقها الكثير من أمثالي، بما يعود علي بالفائدة. وقد حققت من خلال هذا المضمار التفوق على الكثير من أقراني الذين لا يعانون من شيء، وتفوقت عليهم بتحقيق إنجازات في مجالي، فأنا متخصص في العدو مسافات 100م 200م 400م، والله أعانني على هذا التميز لأنني أخلصت النية وعملت بجد، لذلك شاركت في ثلاث دورات أولمبية متتالية في سيدني 2000 وأثينا 2004 وبكين 2008 وحققت ميدالية ذهبية في بطولة العالم للصالات المغطاة في السويد.
رامي الرماح
أما أحمد عبدالله محمد إبراهيم فيقول لأنَّ إعاقتي، وهي الشلل الدماغي، لم تساعدني على الجري أو العدو بالكراسي، فقد اخترت ما يناسبني أي رمي الرمح والجلة والقرص، ولي قرابة الستة أشهر أتدرب حتى استطعت تحقيق أربع ميداليات ذهبية في بطولات محلية، وأنا سعيد بما حققته وطموحي أن أحصل على ميدالية أولمبية وأرفع علم الدولة في بطولات عالمية.
إدراك العالمية
يقول عبيد الغربي إنَّه لم يشعر أبداً بأنَّ الإعاقة العضوية، التي لازمته منذ الولادة، كانت عائقاً أمامه في أي عمل يقدم عليه، فهو يمارس حياته بطريقه طبيعية، ويقود سيارة، كما أنَّه يعمل موظفاً في دائرة التخطيط والمساحة، وكان يمارس الرياضة مع الأسوياء، إلى أن شاهده أحدهم واقترح عليه الانضمام لأحد النوادي الرياضية، كانت الفائدة كبيرة، بحمد الله، حيث «أفدت واستفدت، وأصبحت مساعد مدرب في النادي، ووصلت من خلاله للعالمية، وساعدني على تقديم يد العون لغيري، ولكني أود أن الفت النظر لنقطة مهمة وهي التركيز على نظرة السوي للمعاق، يجب أن يعامله كشخص عادي، ولا ينظر إليه نظرة تغلفها الشفقة والعطف، بل أن يشجعه على تحقيق المزيد من النجاح. كلا م الصور: 1-علي قمبر الانصاري أثناء التدريب 2-3-ابراهيم الحمادي وبدر عباس وسباق نحو الفوز 4-علي قمبر الانصاري وبعض الحركات الرياضية 4
عدد اليوم
