الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاضطرابات القرغيزية...ومصير قاعدة «ماناس»

9 ابريل 2010 22:05
لا يزال التنافس بين الجماعات السياسية المتصارعة في قرغيزستان، الجمهورية الواقعة في منطقة آسيا الوسطى بهدف السيطرة عليها حتى يوم الخميس الماضي، إثر تمكن المتظاهرين من الإطاحة بالرئيس للمرة الثانية خلال خمس سنوات. وبسبب هذه الاضطرابات، فقد أصبح مجهولاً مصير قاعدة "ماناس" الجوية الأميركية، على رغم أهميتها الكبيرة بالنسبة لتنفيذ استراتيجية "الناتو" الخاصة بزيادة عدد القوات المقاتلة في أفغانستان. وعلى رغم رفض الرئيس باكييف التنحي عن الحكم، مفضلاً على ذلك الاختباء في مكان ما، فقد أعلن قادة المعارضة عزمهم تشكيل حكومة مؤقتة، بينما يواصلون سيطرتهم على العاصمة بشكيك ومعظم محافظات البلاد الأخرى. وقد أشرقت شمس صباح الجمعة على بلد خلفت فيها ليلة العنف الثانية التي شهدتها بصمة واضحة عليها، على رغم قول سكان العاصمة إن المليشيات المدنية المسلحة تمكنت من استعادة الأمن إلى أجزاء واسعة من مركز المدينة. وقد تكدست النفايات وألواح الزجاج المحطم في الشوارع القريبة من المحال التجارية التي تعرضت لعمليات نهب وسلب واسعة، بينما بقيت مخلفات بعض سيارات الشرطة والجيش المحترقة المحطمة قريبة من مبنى الحكومة "البيت الأبيض" الذي تعرض هو الآخر للحرق والدمار الكبيرين، إلى جانب ما حدث من دمار وحرق مشابهين لمبنى النائب العام. وتشير الإحصاءات إلى مقتل ما لا يقل عن 75 وإصابة المئات عندما أطلقت قوات الأمن نيرانها على المتظاهرين الذين ردوا عليها وتمكنوا من إحراق وتدمير الكثير من المؤسسات الحكومية يوم الأربعاء الماضي. وفيما يتعلق بمصير القاعدة الجوية الأميركية، قال زعماء المعارضة إنه ليست لديهم خطط لإعلان إغلاق مباشر للقاعدة المقامة في مطار مانانس العالمي، والتي تعد محطة رئيسية لنقل المؤن والعتاد الحربي والجنود المقاتلين إلى أفغانستان. غير أنهم أشاروا إلى ضرورة أن تتفاوض واشنطن معهم على شروط جديدة لضمان استمرار بقاء القاعدة. هذا التحول في الموقف الرسمي القرغيزي قد حدث بعد أقل من عام واحد، ضاعفت خلاله حكومة الرئيس المخلوع باكييف عقد الإيجار الخاص بالقاعدة، إضافة إلى حصولها على مبلغ إضافي من خزانة البنتاجون، يصل إلى 150 مليون دولار، في تنازلات اضطرت وزارة الدفاع الأميركية لتقديمها للحفاظ على قاعدتها الجوية. وربما تعقّد ظروف عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده قرغيزستان، جهود إدارة أوباما الرامية لإرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، في إطار جهود أوسع نطاقاً يبذلها حلف "الناتو" لتعزيز عملياته العسكرية الجارية الآن. وشهد شهر مارس الماضي وحده، نقل حوالي 50 ألفا من جنود "الناتو" والجنود الأميركيين من وإلى أفغانستان عبر مطار "ماناس"، وهو معدل يزيد بنحو ثلاثة أمثال ما كان عليه متوسط النقل الشهري للجنود عبر تلك القاعدة في العام الماضي. ولكن ذكر مسؤولون أميركيون أنهم أرغموا على تقليص رحلاتهم الجوية عبر مطار مانانس يوم الخميس الماضي، إضافة إلى حصر وجود القوات في نطاق القاعدة الجوية وحدها. يذكر أن المعارضة القرغيزية أعلنت عن تسميتها لروزا أوتناييف - وزيرة الخارجية وسفير قرغيزستان سابقاً لدى الولايات المتحدة الأميركية - رئيساً للحكومة الجديدة المؤقتة. وأعلنت "أوتناييف" عن استمرار احترام بلادها لعقد إيجار واشنطن لقاعدة "ماناس" الجوية، مع العلم أن مدة العقد ستنتهي في يوليو المقبل. ولكنها لم تقدم أي وعود أبعد مما ذكرت، بينما أضافت في مؤتمر صحفي لها قائلة: "نحن لا تزال لدينا أسئلة كثيرة تخص هذه القاعدة". والمعروف أن عدداً من قادة المعارضة انتقد باكييف بسبب موافقته على إقامة هذه القاعدة، ويرون أن إدارة أوباما قد سعت لإقامتها، مقابل صرف النظر عن انتهاكات حكومة "باكييف" لحقوق الإنسان وقهره لحريات مواطنيه الديمقراطية. في الوقت نفسه، صرح أحد زعماء الائتلاف الحكومي المؤقت قائلاً باحتمال عدم استمرار القاعدة الجوية، مشيراً إلى تأييد موسكو للإطاحة بحكومة باكييف. وكانت موسكو قد بذلت جهوداً مكثفة العام الماضي لإقناع باكييف بإزالة تلك القاعدة من أراضي بلاده، غير أنه عاد ليوافق على استمرارها بعد أن عرضت عليه واشنطن مبلغاً أكبر من المال. يذكر أن روسيا ظلت تدير قاعدة جوية خاصة بها في مدينة "كانت" القرغيزية الواقعة على بعد 40 ميلاً من مانانس، منذ عام 2003. وكانت القاعدة الجوية الأميركية في مانانس قد بدأت عملياتها في ديسمبر من عام 2001، أي بعد وقت قصير من اجتياحها لأفغانستان. وإلى جانب الدور الرئيسي الذي تؤديه هذه القاعدة في نقل الجنود والمؤن الحربية إلى أفغانستان، فهي كذلك محطة هامة للغاية لإعادة تزويد الطائرات الأميركية بالوقود. وباستثناء أفغانستان، تعد "ماناس" القاعدة الجوية الأميركية الوحيدة في منطقة آسيا الوسطى منذ عام 2005، إثر إخلاء أوزبكستان لقاعدة كراشي- خان آباد- الجوية الأميركية من أراضيها. ويعتمد الجيش الأميركي على طرق برية تمر بباكستان وطاجكيستان في توصيل المؤن والعتاد الحربي لأفغانستان. هذا ومن رأي ألكساندر كولي، الأستاذ بجامعة كولومبيا والباحث في شؤون العلاقات العسكرية بين أميركا وآسيا الوسطى، أنه ليس مرجحاً أن تأمر الحكومة القرغيزية المؤقتة بطرد القاعدة الجوية الأميركية من ماناس، بسبب ارتباط وجود هذه القاعدة بالمساعدات الاقتصادية التي تقدمها واشنطن لقرغيزيا، إضافة إلى ما يمثله استمرار وجود القاعدة من توازن للقوى العسكرية أمام النفوذ الروسي الذي يهدد قرغيزستان. لكنه أضاف قائلاً إن واشنطن قد أخطأت بصرف أنظارها عن انتهاكات وفساد حكومة باكييف السابقة، بسبب حرصها على تأمين استمرار قاعدة ماناس الجوية. كريج ويتلوك - قرغيزستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©