الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تعديلات تشريعية لتنظيم إصدار الصكوك في مصر

تعديلات تشريعية لتنظيم إصدار الصكوك في مصر
11 مارس 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - انتهت هيئة الرقابة على الخدمات المالية في مصر من اجراء تعديلات جوهرية على اللائحة التنفيذية للقانون الحاكم لنشاط سوق المال، تسمح وتنظم عملية إصدار صكوك التمويل المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. وتأتي هذه الخطوة تمهيدا لإدخال هذه الأداة التمويلية الجديدة الى السوق المصرية بناء على مطالب قوى سياسية مما يعني إمكانية أن يشهد العام الحالي ظهور العديد من أنواع الصكوك الإسلامية التي سوف تصدرها الشركات الباحثة عن تمويل لمشروعاتها أو إصدار صكوك حكومية لاستخدام حصيلتها في تمويل عجز الموازنة. وتفتح هذه التعديلات الطريق أمام العديد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية للتعامل لأول مرة في شراء وبيع أدوات الدين الحكومية حيث كانت هذه البنوك تمتنع في الماضي عن شراء سندات وأذون الخزانة التي تصدرها وزارة المالية أو البنك المركزي نظرا للعائد الثابت المحدد سلفا ولتعارض هذه الأدوات مع أحكام الشريعة الإسلامية كما تفتح التعديلات أيضا الباب أمام ظهور كيانات استثمارية جديدة متوافقة مع أحكام الشريعة ومنها إنشاء صناديق استثمار تقتصر تعاملاتها على الصكوك الإسلامية وانشاء سوق موازية لتداول هذه الصكوك بين جمهور المكتتبين مما يعني توسيع سوق المال المصرية عبر إيجاد بضاعة جديدة بجانب البضاعة التقليدية القائمة. وتسهم هذه التعديلات في دخول قوى استثمارية جديدة كانت تحجب أموالها عن سوق المال لأسباب عقائدية وهي القوى التي تضم عددا كبيرا من التجار من ذوي الملاءة المالية المتوسطة والذين كانوا يفضلون استثمار فائض أموالهم في شراء العقارات والأراضي بينما سوف تمثل الصكوك فرصة استثمارية ذهبية أمام هؤلاء مع معاناة السوق العقارية المصرية من ركود وتباطؤ وانخفاض نسبي في الأسعار. عجز الموازنة وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد» فإن سرعة اجراء تعديلات قانون سوق المال للسماح بإصدار الصكوك الإسلامية تستهدف منح الحكومة فرصة اضافية لتمويل عجز الموازنة عبر هذه الأداة الجديدة حيث من المنتظر طرح صكوك بمبلغ يتراوح بين 10 و20 مليار جنيه لتمويل جانب من عجز الموازنة في العام المالي المقبل 2013. وحسب هذه المعلومات فإن وزارة المالية المصرية تراهن على دخول عدد من البنوك المحلية التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وفي مقدمتها بنوك فيصل الإسلامي والبركة ـ مصر والوطني للتنمية والمصرف المتحد مشترية للصكوك التي سيجري طرحها لتمويل عجز الموازنة في ظل تمتع هذه البنوك بفائض سيولة كبير نجحت في جمعه خلال العامين الماضيين بعد اجتذاب شريحة مهمة من عملاء البنوك التقليدية. وتراهن الحكومة المصرية على دخول صناديق استثمار إقليمية وعدد من البنوك الخليجية الكبرى التي تعمل تحت مظلة الصيرفة الإسلامية لشراء الصكوك المصرية لاسيما وأن التعديلات الجديدة تنطوي على عدد من الحوافز الاستثمارية التي تشمل اعفاءات ضريبية على العوائد المحققة على هذه الصكوك وإعفاء المبالغ المستثمرة في الصكوك من نسبة الاحتياطي الذي تلتزم البنوك المصرية بالاحتفاظ به لدى البنك المركزي والبالغ نحو 14% من اجمالي فوائد الإيداعات في كل بنك. تنوع الأدوات المالية وحسب هذه المعلومات، فإن تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال لم تحدد أنواع الصكوك التي سيتم إصدارها في السوق المصرية بهدف ترك المجال مفتوحا في المستقبل أمام استحداث أي أنواع جديدة بما يحقق تنوع الأدوات المالية بدلا من قصرها على أنواع محددة كما تشمل التعديلات التزام مدير الاستثمار في الجهة المصدرة للصكوك بالاستعانة بهيئة شرعية مهمتها تحديد أوجه استثمار الأموال المتحصلة من هذه الصكوك الى جانب الالتزام بقواعد الإفصاح والرقابة لحماية حملة الصكوك وأن الهيئة الشرعية في الجهة المصدرة للصكوك هي الرقيب على توافق الاستثمارات مع أحكام الشريعة الإسلامية خاصة في حالة صناديق الاستثمار الإسلامية التي ستطرح صكوكا للاكتتاب العام قبل أن تحدد المشروعات التي سيتم استثمار حصيلة هذه الصكوك بها مما يعزز دور الهيئة الشرعية بينما يقتصر دور هيئة الرقابة المالية على متابعة التزام هذه الصناديق بقواعد الإفصاح والشفافية ومنع تضارب المصالح الى جانب القواعد القانونية العامة الحاكمة لنشاط سوق المال. كما تسمح التعديلات بإنشاء شركات متخصصة في إصدار وادارة عمليات طرح الصكوك تحمل مسمى شركات ادارة الحصيلة والمنتظر نقل تجربة دول الخليج العربي وماليزيا في هذا المجال ولن تختلف شروط تأسيس هذه الشركات عن شروط تأسيس شركات الادارة الحالية ولن يقل رأسمالها عن 5 ملايين جنيه بينما سوف تخضع لكافة الضوابط الرقابية التي تخضع لها شركات ادارة المحافظ في البورصة المصرية. وحسب خبراء في سوق المال المصرية فإن إقدام هيئة الرقابة على اجراء هذه التعديلات والسماح بإصدار صكوك تمويل متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ينعش سوق التمويل في مصر بصفة عامة. جذب السيولة وستكون الصكوك آلية جيدة لجذب جانب كبير من السيولة لدى قطاعات الاقتصاد غير المنظم الى داخل شرايين الاقتصاد الرسمي لاسيما الأموال المتداولة في عمليات التجارة العشوائية وأنشطة المضاربة على الأراضي والأموال المكتنزة لدى شرائح من القطاع العائلي التي تفضل الاحتفاظ بمدخراتها سائلة بعيدا عن الجهاز المصرفي. وتوقع الخبراء أن تشهد سوق الصكوك في مصر بداية قوية لأنها سوف تولد عملاقة في عمليات طرح تتجاوز قيمتها 20 مليار جنيه لحساب الحكومة ومبلغا آخر مماثلا لشركات من القطاع الخاص مما يعني أن السوق سوف تبدأ بأوراق قيمتها 40 مليار جنيه مما يؤهلها لأن تكون من أسرع أسواق الصكوك نموا في المنطقة. ويشير خبير التمويل والاستثمار رائد علام الى أن تاريخ الصكوك في العالم كله إيجابي حيث إن إصدارات الصكوك تجاوزت حتى الآن على مستوى العالم أكثر من 90 مليار دولار وهو رقم كبير نسبيا قياسا بالمدى الزمني الذي بدأت خلاله الصكوك كأداة تمويل في الظهور على الساحة العالمية والمتوقع أن يتراوح نصيب السوق المصرية بين 8 و10 بالمئة من حجم الإصدارات عالميا. وقال إن الصكوك نجحت في كسر الحاجز النفسي بين عدد كبير من أصحاب المدخرات وأدوات الاستثمار المالي نظرا لتوافق هذه الصكوك مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأشار الى أن السوق المالية المصرية سوف تشهد انطلاقة كبرى بمجرد إصدار هذه الصكوك لأنها لن تسحب من الأدوات المالية التقليدية القائمة بل سوف تجتذب من فائض السيولة المتاح في السوق والذي يتركز معظمه في النشاط الاقتصادي غير الرسمي خاصة قوى الاسلام السياسي التي يفضل المنتمون لها العمل التجاري الحر والذين راكموا ثروات كبيرة خلال السنوات الماضية وهذه الثروات سوف يدخل جانب منها للاكتتاب في الصكوك الإسلامية وبالتالي تتوجه هذه الأموال لدعم الاقتصاد الرسمي وفي حالة وجود حكومة إسلامية سوف يكون الدعم مضاعفا حيث يمكن شراء الصكوك الخاصة بتمويل عجز الموازنة ولا تقتصر عمليات الشراء في هذه الحالة على الاكتتاب في صكوك الشركات. تعميق السوق ويؤكد رائد علام أن الاقتصاد المصري في حاجة ماسة لتنويع أدوات التمويل في هذه المرحلة التي تعاني فيها السوق من شح السيولة وبالتالي فإن إدخال أدوات تمويل جديدة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية يعزز هذا التنوع ويتيح فرصة لمزيد من تعميق السوق ومنح خيارات أوسع أمام المستثمرين. أما خالد الطيب العضو المنتدب لمجموعة بايونيرز القابضة فيؤكد أن طرح صكوك تمويل اسلامية في المرحلة القادمة سوف يكون مخرجا لقطاع الأعمال من أزمة نقص السيولة الراهنة حيث تعجز أدوات التمويل التقليدية عن تلبية احتياجات السوق من التمويل ومن ثم توقفت عمليات التوسع في المشروعات القائمة أو ظهور مشروعات جديدة فالبورصة تعاني انسحاب المستثمرين منذ فترة طويلة وبالتالي تراجع الدور التمويلي للبورصة والبنوك توجه فائض السيولة لديها لشراء سندات وأذون الخزانة التي تصدرها وزارة المالية نظرا للعائد الكبير الذي تجنيه البنوك من هذه الأذون والسندات الى جانب تمتع الأموال المستثمرة فيها بالأمان الكبير عبر الضمان الحكومي ومن ثم لا تجد البنوك الأموال الكافية والحافز الاستثماري الذي يدفعها لتمويل المشروعات. وقال إن الحل في الآلية الجديدة المتمثلة في الصكوك واذا كانت تعديلات قانون سوق المال قد منحت بعض المزايا الاستثمارية لهذه الصكوك فإن المتوقع أن تحظى هذه الصكوك بمزيد من الإقبال من جانب المستثمرين التقليدين أو الذين يفضلون التعامل في الأدوات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©