الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«7 شارع الحبيب بورقيبة».. فيلم نقدي ساخر عن السينمائيين ولجان الدعم

«7 شارع الحبيب بورقيبة».. فيلم نقدي ساخر عن السينمائيين ولجان الدعم
6 أغسطس 2009 00:10
الممثل محمد علي جمعة في مشهد من الفيلم «7 شارع الحبيب بورقيبة»، هو أول فيلم طويل للمخرج إبراهيم اللطيف، وهو من نوع الكوميديا البوليسية على الطريقة الإيطالية. انطلقت فكرة الفيلم عندما رفضت وزارة الثقافة التونسية منح الدعم المالي للمخرج لإنجاز فيلم اقترحه عليها، فالأصل في القصة حدث واقعي حصل للمخرج نفسه. وهو يقول اليوم ساخراً بعد أن أنجز الفيلمه دون دعم من اللجنة: «السينما تبقى واللجان (يقصد لجان الدعم) تزول وتذهب»!. كل الأفلام التونسية بدون استثناء تنجز بدعم مالي من وزارة الثقافة، ففي كل عام يتقدم مرشحون من المخرجين السينمائيين بمشاريع أفلامهم إلى لجنة تنظر فيها ثم تقرر منح دعم لخمسة أفلام أو أكثر وفق مقاييسها، وهذا الدعم للأفلام الطويلة يتراوح بين 300 و500 ألف دولار، وقد يصل في بعض الحالات الاستثنائية إلى ما يناهز المليون دولار (فيلم «ثلاثون» للمخرج فاضل الجزيري مثلاً)، ولم ينجز أبداً أي مخرج تونسي، وحتى من كان منهم مقيما في الخارج، أي فيلم من حرِّ ماله أو بتمويل من أحد المنتجين فقط، بل إنهم يعتمدون في جزء كبير من تمويلهم على دعم الوزارة، ولولا دعمها لما وجدت سينما تونسية، وقد تقدم المخرج إبراهيم اللطيف - كغيره - في فترة سابقة إلى هذه اللجان بمشروع فيلم، ولكنها رفضت في كل مرة دعم مشروعه السينمائي، وكرد فعل أنجز هذا الالفيلم بدون دعم كشكل من أشكال التحدي. في ليلة شتاء ممطرة قصة الفيلم «7 شارع الحبيب بورقيبة» تتمثل في التقاء ثلاثة أصدقاء يحلمون ويودون إنجاز الفيلم سينمائي لكنهم يجدون أنفسهم أمام الكثير من المصاعب والعراقيل. ويظهر أحد أبطال الفيلم (يجسد شخصية المخرج ابراهيم اللطيف نفسه) عندما يتلقى رد لجنة الدعم والتي تخبره برفض دعم الفيلمه «لأن السيناريو لا يعكس واقع البلد»، فيقرر الأصدقاء الثلاثة أمام شعورهم بالإحباط الاستيلاء على بنك ليتمكنوا من انجاز الفيلمهم السينمائي. وفي ليلة شتاء ممطرة خلت فيها الطرقات من المارة، وفي ساعة متأخرة وأثناء جلسة في مطعم ياباني بحي» البحيرة» الأنيق بتونس العاصمة، يقرر الثلاثة الهجوم على بنك إيطالي وهم ملثمون، وبعد عملية السطو على البنك يختفون في عمارة طيلة أسبوع كامل. ويكتشفون ضمن المال المسروق قائمة طويلة من أسماء من نهبوا البنك بالاقتراض ولم يرجعوا الأموال المقترضة أبدا. ويتبين أن العمارة التي اختفى فيها السراق محاصرة من الشرطة بحثاً عن مجرم آخر قد استولى على ثلاثة ملايين دولار. يضم الفيلم كوكبة من ألمع الممثلين التونسيين على غرار رؤوف بن عمر، ومحمد علي النهدي، ودرة زروق، وقد أدى فتحي الهداوي دور محام، وجمال ساسي دور المفتش الذي يحقق في جريمة السطو على البنك. ومن الملفت للانتباه أن الاسم الذي اختاره المخرج لمفتش الشرطة وهو ابن عاشور، وهو لقب لوزير الثقافة السابق، وقد صور المخرج شخصية المفتش «ابن عاشور» بأنه أثرى بشكل غير شرعي وأن له ممارسات غير مقبولة، ولذلك يصح القول أن الفيلم كانت فيه جرأة دون استفزاز، فالفيلم يصور صراع السينمائيين مع الرقابة والدعم، ويسخر من التلفزيون والبنوك وظواهر اخرى متفشية في المجتمع التونسي. تحمل أكثر الأفلام التونسية عنوانين: الأول للجمهور الغربي والفرنسي بوجه خاص، والثاني للجمهور التونسي، ولا يعني هذا أن الفيلم التونسي موزع في أوروبا، بل ان المخرجين التونسيين يطوفون بأفلامهم على بعض المهرجانات الأوربية طمعاً في الحصول على جائزة حتى أن بعض النقاد أطلقوا على هذه الأفلام نعت: «أفلام مهرجانات»، والالفيلم السينمائي الأخير للمخرج إبراهيم لطيف لم يشذ عن هذه القاعدة فعنوان الفيلمه الغربي «سيني شاتا» (تكريما للسينما الايطالية) وعنوانه التونسي «7 شارع الحبيب بورقيبة»، وهذا العنوان هو عنوان قاعة سينما في قلب تونس العاصمة تم هدمها وإقامة مركز تجاري مكانها. آراء النقاد هاجم عدد من النقاد الفيلم وقال بعضهم إنه استنساخ من أفلام أميركية أو مصرية على غرار فيلم «اللمبي»، وقد قيل بأن السيناريو لا يعكس حقيقة للبلاد - تماما كما قالت له لجنة الدعم!- وأنه تعمد إظهار النواقص وأغمض عينيه عن الإنجازات، وقد نفى ابراهيم اللطيف ذلك معبراً صراحة عن ضجره من مثل هذا النقد. وذهب الناقد محمد أحمد الحبيب إلى حد القول بأن الفيلم وقع في سقطات تستدر الضحك بطريقة فجة، وأنه يبرر الجريمة، ويحلل ما حرم الدين والأخلاق والقانون، وأنه ينظِّر للرأي الذي يقول بأن الغاية تبرر الوسيلة، ولكن الحقيقة أن الفيلم يظهر أن المال المسروق يعود إلى أصحابه. والمؤكد أن الفيلم مختلف عن غيره من الأفلام التونسية، وجاء زاخراً بالكثير من الأفكار والمواقف دون أن يتعمق في موضوع بعينه. وكان خالياً من المشاهد الساخنة الجريئة خلافاً لجل الأفلام التونسية الأخرى التي تحشر فيها أحيانا مشاهد العري بلا سبب. وقام المخرج عند عرض فيلمه في القاعات بمبادرة طريفة لحث الجمهور على الحضور وتتمثل في رصد جائزة بسيارة يربحها صاحب تذكرة من تذاكر الدخول بعد إجراء عملية القرعة على الأرقام، وفعلاً دخل لمشاهدة الفيلم المذكور ما يقارب 50 ألف متفرج، وهو في تونس رقم جيد، ولكن لحد هذا اليوم لم يتم الإعلان عن الشخص الفائز بالسيارة رغم تكرار المخرج بأن المسألة ليست مزحة أو أسلوب دعائي!. ويمكن القول أن رسالة الفيلم «مرَّت» ووصلت الى من يهمه الأمر، فقد حصل المخرج إبراهيم اللطيف - في عهد وزير جديد للثقافة - على دعم قدره تقريباً 280 ألف دولار لإنجاز الفيلمه المقبل: «فلوس أكاديمي»، والذي سيتناول فيه ما أصبح يعرف بتلفزيون الواقع بأسلوب هزلي ساخر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©