الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأنتيكا» عبق الماضي ورائحة الزمن

«الأنتيكا» عبق الماضي ورائحة الزمن
22 أغسطس 2009 23:50
«الأنتيكا».. كلمة تركية تعني «التحفة القديمة» ذات القيمة التاريحية، و«الأنتيكا» بوح بما تحمله من أسرار الحضارات التي حفرت على أخشابها وتركت بصمات الأزمنة ، و في طيات خشبها الذي حضرته الأيدي الماهرة حكايا الحنين، ولها قبل هذا وذاك سطوة لا يعرفها إلا عشاقها المولعون بها من بلد إلى بلد، يلملمون شعثها، ويجمعون متفرقاتها، ويقدمونه للباحثين عنها فيفيدون ويستفيدون ! «الأنتيكا» أو القطع القديمة كلما مر الزمان عليها أصبحت أبهى وأغلى، وقد تتغضن ملامحها مثلما تتغضن وجوه الناس، لكنها مع ذلك لا تشيخ بل تكتسب قيمة أعلى، وأهمية أكبر، ذلك أنها شواهد تجسد تواريخ حياة وثقافات وبيئات مختلفة ومتباينة أخذت معالمها من السنوات والعقود وربما القرون، ثم ذهبت الأزمنة ولم يبق منها سوى تلك القطع والمشغولات التي كانت جزءاً من تفاصيل حياة أهلها اليومية، أو وسيلة لتلبية احتياجاتهم قبل أن تتحول فيمابعد إلى وثيقة هامة على تلك الحياة، وتحفة فريدة نادرة يتلهف عليها هواة جمع قطع المأثورات النادرة التي يسمونها«الأنتيكا». هذا ما راودني وأنا أتنقل بين تلك التحف والمقتنيات التي ازدحم بها سوق جميرا في دبي، حيث عبق التراث حاضر في كل مساحة من المكان وجمال الفن الشرقي تشغل كل زاوية وركن في لوحة تناغمت فيها المفروشات والقطع الفنية والزخرفة القديمة، فيما الهواة يتنقلون بصمت ووجوههم تحمل ملامح الشغف والسعادة بهذا السوق الذي كان بمثابة الوجهة التاريخية في التعرف واقتناء مختلف المقتنيات من التحف القديمة والنادرة والفريدة وكأنهم يروون ظمأ قديما لفك طلاسم هذا العالم الغامض. كثيرا ما نلاحظ أن قطع «الأنتيكا» مازالت متماسكة وقد حافظت على شكلها، و تخلو من الشقوق بالرغم من مرور عقود على صنعها، هذا بخلاف ما نلمسه في المشغولات الحديثة الذي تعتريه الشقوق فور انتهاء صنعه، فلا يقوى على الاستمرار مدة طويلة، ويعود ذلك إلى السرعة المطلوبة في إنجاز العمل فور قطع الأشجار مباشرة فهذا العمل يطغى عليه الجانب التجاري البحت أكثر من كونه فناً وقيمة جمالية نستمتع بالنظر إليه، وتتميز قطع»الأنتيكا»عن غيرها من الأثاث الحديث بثقلها ومتانتها وديمومتها وفخامتها، فالخشب مشغول بالزخارف والنقوش المطعمة بالنحاس المذهب في حين أن التحف الحديثة تفتقر إلى البصمة الجمالية التي كانت تميز الأثاث اليدوي القديم فالآلات الحديثة تنتج كميات كبيرة من القطع فتفقد بذلك القيمة الجمالية وتبدو كلها متشابهة. فالناظر إلى تلك التحف والمقتنيات ينتقل عبرها إلى محطات مختلفة من الحياة عبر الأزمنة
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©