الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعلة أوباما... هل انطفأت؟

شعلة أوباما... هل انطفأت؟
30 أغسطس 2009 00:33
في الخامس والعشرين من أغسطس من السنة الماضية، اعتلى السيناتور الراحل إدوارد كيندي منصة المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في دينفر، وأعلن أمام حشد صاخب من أنصار الحزب انطلاق مرحلة جديدة في السياسة الأميركية قائلا: «لقد جئت اليوم هنا لأقف معكم من أجل تغيير أميركا، من أجل استعادة مستقبلها، ومن أجل الارتقاء إلى مستوى مبادئنا ومثلنا، ومن أجل انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة»، مشبهاً أوباما بأخيه المغدور «جون كيندي». وصرخ إدوارد بأعلى صوته أمام الجمهور: «في هذا الشهر ستنتقل الشعلة إلى جيل جديد من الأميركيين... وستلتزم بلادنا بقضية أوباما، سنبدأ العمل مجدداً، وسيبرز الأمل مرة أخرى، أما الحلم فسيبقى مستمراً». واليوم بعد مرور ثمانية أشهر على رئاسة أوباما، مازالت شعلة الأمل متوقدة في نفوس العديد منا، لكننا نتساءل: ماذا حل بالجرأة التي نحتاج لها لدفع البلاد في اتجاهات جديدة؟ في الفترة الأخيرة عبر العديد من التقدميين عن انشغالهم من أن خطة أوباما لإصلاح النظام الصحي تحف بها المخاطر من كل جهة، ولا شك أن أي هزيمة في مجال التغطية الصحية ستضعف باقي العناصر في أجندة أوباما؛ ومع أننا لا نعتقد بأن أوباما غير أهدافه، أو نكص عن وعوده، فإننا نتساءل ما إذا كان قد استهان بالقوة التي يحتاجها لإحلال التغيير الحقيقي؟ فعلى مدار حملته الانتخابية حذر أوباما من أن تحقيق أجندته الطموحة سيعني الدخول في معركة شرسة، موضحاً ذلك بقوله في إحدى خطبه: «أعلم جيداً أن إحلال التغيير ليس سهلا... فشركة إيكسون موبيل حققت 11 مليار دولار من الأرباح خلال الربع الأخير من السنة الجارية، وبالطبع لن يتخلوا بسهولة عن أرباحهم». لكن أوباما كان مدركاً للقوة التي يحتاجها للتغلب على المصالح الراسخة، وتمرير التشريعات في الكونجرس، فالتغيير لن يتأتى، كما قال أوباما، إلا عبر «امتلاك الخيال المناسب والدخول في معركة من أجل تحقيق أفكار كانت تبدو في السابق مستحيلة». وواصل أوباما بأن هذه هي الطريقة «التي انتزع بها العمال حقوقهم ونظموا بها أنفسهم ضد العنف والترهيب، وهذه هي الطريقة التي حصلت بها النساء على حقوقهن». لكن يبدو أنه في معركة إصلاح الرعاية الصحية لم يأخذ الرئيس وحلفاؤه بالتحذير الذي أطلقه، إذ يواجه النضال من أجل تعميم التغطية الصحية في الولايات المتحدة صعوبات عديدة تهدد بتقويضه. فلشهور والرئيس يصر على أن إصلاحاً مهماً للرعاية الصحية لابد أن يشمل «الخيار العمومي»، وهو نسخة موسعة من برنامج «ميديكير» الحكومي الذي سينافس شركات التأمين الصحي الخاصة ويدفع في نهاية المطاف إلى خفض التكاليف وإتاحة خيارات متنوعة للأميركيين. وبالطبع عارض الجمهوريون منذ البداية خطة للإصلاح تنافس صناعة التأمين، أو الوقوف في وجه تكاليفها الباهظة وممارساتها غير المسؤولة. ومع أن أوباما يريد موافقة الجمهوريين في الكونجرس، إلا أنه في الواقع لا يحتاجها لتحقيق هدفه، غير أن ما حدث هو اعتراض سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين ذوي الميول المحافظة على «الخيار العمومي»، أو الحل الحكومي الذي اقترحه أوباما لإصلاح نظام الرعاية الصحية، وهو ما عقد من مهمة الرئيس وحرمه من الأغلبية الضرورية لتمرير خطته في الكونجرس. والنتيجة أن لمح أوباما في الأسابيع الأخيرة إلى احتمال التخلي عن «الخيار العمومي» مقابل تمرير باقي عناصر الإصلاح والتخفيف من شدة معارضة شركات التأمين الصحي، لكن ذلك سيغضب مؤيديه التقدميين وسيثير استياءهم. وفي الوقت نفسه، لم يسهم استعداد أوباما للتنازل في تليين موقف الجناح اليميني الصغير والصاخب في أوساط الجمهوريين الذين عطلوا العديد من اجتماعات مجالس المدن والبلدات التي رعاها مسؤولون منتخبون في الفترة الأخيرة لمناقشة خطة إصلاح الرعاية الصحية، والذين ما فتئوا يحذرون الجمهور من «اشتراكية صحية» ويخوفونهم من الكوارث القادمة. فما الذي جرى حتى تواجه خطة الإصلاح كل هذا العنت ويتجند ضدها المحافظون؟ الحقيقة أن البيت الأبيض وحلفاءه نسوا بأن النجاح يتطلب أكثر من مجرد تمرير التشريعات والتفاوض مع الكونجرس، بل يستدعي حشد التأييد على المستوى الشعبي وبناء حركة واسعة من المناصرين بنفس الطريقة التي استطاع بها أوباما الوصول إلى الرئاسة ومكنته من الظفر بانتصار ساحق. وفي هذا الإطار يتعين على التحرك لكي ينجح أن يستحضر الطاقة الأخلاقية القادرة على تفعيل غضب الرأي العام، وتحويل إحباطه آماله إلى حركة شعبية تولد شعوراً باستعجالية الإصلاح وتساويه مع القضايا الأخرى الطارئة التي تواجه البلاد. لكن ذلك لم يحصل، فمنذ يناير الماضي، عندما دخل أوباما البيت الأبيض توقفت جماعات المساندة الشعبية التي دعمت ترشيح أوباما وأيدت أجندته الإصلاحية عن التحرك وكأنها غرقت في سبات عميق، حيث اتبعت الإدارة وحلفاؤها استراتيجية شوشت على الأهداف الجريئة التي تحدث عنها أوباما وتجنبت الاستقطاب، كما خلطت بين التسويق وبناء حركة شعبية، فضلا عن تركيزها على التوافق الحزبي بدل توضيح المواقف والتمسك بالإصلاح. ولن تستطيع الإدارة استعادة المبادرة والدفع بمشروع إصلاح الرعاية الصحية إلى نهايته المفترضة والمتمثلة في تمكين الأميركيين من خيارات متنوعة، ما لم يعد الزخم مرة أخرى إلى حركات الدعم الشعبية لمواجهة التحالف غير المقدس بين المحافظين والشركات الخاصة ذات المصالح الضيقة. بيتر درير ومارشال كانجز أستاذان جامعيان ومستشاران سابقان في حملة الرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©