الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مؤتمرات أكاديمية أم تمنيات؟

24 مارس 2013 21:57
بعض المؤتمرات تنتهي من حيث بدأت، رغم أنها متخصصة وأكاديمية على ما يصفها منظموها. أحدها انعقد مؤخراً في رحاب كلية جامعة (عريقة)، «وبعد دراسة الأوراق العلمية - البحثية المقدمة» جاءت نتائجه، ليس فقط مكررة ومملة، بل بلغة ومضمون خشبيين يهيّء لك معهما أن الإعلام والصحافة ما زالا في البدايات الأولى، وألا شيء حصل فيها منذ أكثر من قرن إن كان على صعيد المهنة ومصطلحاتها أو على صعيد تدريسها وتطويرها. من تلك التوصيات مثلا «عدم حصر دور الصحافة في تصوير الخبر ونقله بل العمل على صناعة الخبر وتوجيه الرأي العام!» و»الابتعاد عن الصحافة الصفراء في العمل الثقافي والتعاطي بإيجابية ومسؤولية وحيادية موضوعية وعدم توفير مساحة صحفية للهجاء أو النيل من كرامة الآخرين واحترام وتوفير حق التصحيح». ومنها أيضاً «الحفاظ على المستوى اللغوي.. وتعزيز الإبداع الأدبي»، والدعوة للغة «غير قاموسية أو معجمية « و»التغطية الإعلامية المتوازنة»، و»احترام حق التصحيح وحق الرد والتوضيح والرد على الردود وعدم السماح بنشر ما يسيء إلى الأشخاص ونتاجاتهم بأسلوب غير رصين وغير علمي». قد لا يكون هناك مجال للاعتراض على هذه التوصيات لولا أنها بديهيات، مهنية أو قانونية أو سلوكية، ويفترض أن الزمن تخطاها بالنسبة لجلسات أكاديمية. وإن كان البعض لا زال يصر على التذكير بها من حين لآخر في سياق أو معرض نقاش ما، إلا أن ورودها كنتائج لمؤتمر متخصص في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين يبيّن كم لا زال متخلفاً إعداد الصحفيين والإعلاميين في بعض جامعاتنا. هذه المسألة مهمة جدا. ويضاف إليها أن توصيات أخرى لا تظهر فحسب مستوى اللغة بل المراوحة في مستوى التفكير والاهتمام مثال «رفض نشر أي مقال أو خبر أو مادة يكون دون المستوى الفني والأسلوبي واللغوي». ثمة مشكلة أخرى تحيط بالعديد من مؤتمراتنا وهي الاستمرار في لغة الإملاء الخطابية مثل القول إن «المطلوب من المؤسسات الإعلامية أن تعود إلى ممارسة مهمة الرقابة الذاتية على مستويي الشكل والمضمون، بحيث تبتعد عن بث أو نشر البرامج والمواد التي ترى فيها تهديداً للثوابت المعرفية والأخلاقية». ومثل هذه اللغة تتناقض كلياً مع المنحى الأكاديمي لأي مؤتمر، والتناقض يبدو جلياً في الحديث عن «ثوابت معرفية» مثلاً بينما لا يجوز حجر الإعلام عن وظيفة البحث عن الحقيقة ودوره الذي لا يتوقف فقط عند نشر المعرفة بل يسهم تلقائياً في إثرائها وتطويرها. قد يكون من الجور هذا الكم من النقد. فثمة توصيات ضرورية فعلاً مثل المناداة بـ»وجود رأسمال يوظّف في الإعلام المتخصص لا لهدف استثماري نفعي فقط، لأن الإعلام ليس تجارة بل رسالة ووسيلة تثقيف لنشر المعرفة والتنوير العام»و»وضع تشريعي وقانوني ينظم الصحافة الإلكترونية، ولكن دون أن يحد من حريتها»، و»تحديد نموذج افتصادي واضح يسهم في تأمين مصادر تمويل مستقلة للمواقع الإلكترونية»، و»تطوير مادة الصحافة الإلكترونية في المناهج الجامعية» وغيرها. قد يكون تحقيق مثل هذه الأمور أكثر من ضرورة، لكن التوصية بها في نظري تعتبر عبثية لأنها تصدر في إطار خاطئ وسياق أكثر خطأ. كما أن تكرار هذه المطالب وتبسيطها وترويجها على هذا النحو قد يكون جائزاً في الاحتفالات والمهرجانات، في حين أن مهمة المؤتمرات المهنية والأكاديمية والجامعية المتخصصة هو تقديم أفكار جديدة وحلول ووسائل لتحقيق ما يتفق عليه الدارسون. أما الكلام عن التمنيات المكررة فهو بمتناول يد أي كان. د.إلياس البراج | barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©