الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حيرة كرزاي... أم ارتباك رسالة أوباما ؟

حيرة كرزاي... أم ارتباك رسالة أوباما ؟
29 مارس 2013 23:00
ستيفن بايدل أستاذ بجامعة جورج واشنطن وزميل مجلس العلاقات الخارجية مايكل أوهانلون زميل مؤسسة بروكينجز يجد معظم الأميركيين أنه من الصعب عليهم فهم وقبول أقوال الرئيس الأفغاني حامد كرزاي وأفعاله. ذلك أنه كثيراً ما يبدو غير ممتن للجهود التي يبذلها الجنود الأميركيون في بلاده، بل قد يظهر متعجرفاً في أفكاره حول كيفية تغيير حملة «الناتو» العسكرية في أفغانستان، ومتردداً في التزامه تجاه الجهد الحربي الذي يبذله الحلفاء الغربيون لصالح تحقيق وتثبيت الاستقرار في بلاده. وعلاوة على ذلك، فقد سبق له أن اقترح أن يبقى جنودنا بعيدين عن المدن والقرى الأفغانية حتى قبل أن تصبح القوات الأفغانية مستعدةً لتسلم الملف الأمني والتعاطي مع الأوضاع المضطربة هناك. وكثيراً ما انتقد جنودَ «الناتو» بسبب أخطاء عرضية، ومن الواضح أنها غير مقصودة، أدت إلى إصابات أو وفيات في صفوف المدنيين الأفغان. ولم يف كرزاي بوعده الخاص بمنح جنودنا الحصانة القانونية في حال بقوا في بلاده بعد عام 2014، بل إنه ذهب إلى حد تشبيه الدور الأميركي في إطالة أمد الحرب بالدور الذي تعلبه حركة «طالبان» ضد الأمن والاستقرار في البلاد. إننا من بين الأشخاص الذين يتمنون أن يكف كرزاي عن هذا السلوك. وقد لاحظنا أن نبرته كانت أكثر إيجابيةً خلال الأسبوع الماضي أثناء مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري؛ غير أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن المشاكل بين الولايات المتحدة وأفغانستان قد حُلّت تماماً وبشكل نهائي. ذلك أن العلاقات الأميركية مع الرئيس الأفغاني ستعرف مزيداً من المد والجزر بدون شك، ولعل الطريقة الوحيدة لتقليص حدة ووتيرة اللحظات الصعبة في هذه العلاقة، إنما تكمن في فهم الأسباب المؤدية إلى الخلاف. فكرزاي ليس مجنوناً ولا مغفلاً، كما يزعم البعض، بل هو رئيس حائر. ذلك أنه يرى أن القوة العظمى الوحيدة في العالم قادرة بكل تأكيد على إلحاق الهزيمة بقوة مختلطة ومتخلفة من ميليشيات «طالبان»، إن هي حقاً كانت ترغب في ذلك. وفي رأيه أن الولايات المتحدة تستطيع بكل تأكيد إرغام باكستان على الإحجام عن إيواء متمردين من «طالبان» أفغانستان، إن هي حقاً كانت ترغب في ذلك. ولكن واشنطن لا تفعل أياً من الأمرين، بل على العكس من ذلك، فكرزاي يرى الأميركيين يغضون الطرف في وقت تذهب فيه عقودهم اللوجستية لدعم «طالبان» (وإن كان على نحو أقل مؤخراً)، كما يرى الأميركيون يعطون مليارات الدولارات من المساعدات للباكستانيين كل عام. وهكذا، فقد خلص كرزاي إلى أنه لابد أن ثمة سبباً خفياً لهذا التناقض الواضح. وبالطبع، فإن كرزاي سمع الرئيس الأميركي أوباما يعلن عن تقوية الالتزام الأميركي تجاه أفغانستان بـ30 ألف جندي في مارس عام 2009 وبـ30 ألف جندي آخرين في ديسمبر من ذلك العام. غير أن كرزاي سمع بعد ذلك أن نائب الرئيس، جو بايدن، أشار في الشهر نفسه الذي ألقى فيه أوباما خطابه حول تعزيــز الالتزام الأميركي تجاه أفغانستان، إلى أن الولايات المتحدة ليست لديها استراتيجية «لمحاربة التمرد» من أجل حماية الحكومة الأفغانية أو التزام طويل المدى تجاه البلد، وأن المصلحة الوحيدة لأميركا في المنطقة تكمن في ملاحقة إرهابيي تنظيم «القاعدة»، وليس هزيمة «طالبان». وعلاوة على ذلك، فقد سبق لبعض المسؤولين الأميركيين أن أشاروا إلى أن «طالبان» ليست هي عدو أميركا الدائم، وأنه إذا كان الأشخاص الذين هاجموا التراب الأميركي إرهابيين، فإن الأشخاص الذين ينفذون عمليات في التراب الأفغاني ليسوا كذلك. غير أن هذه التحديات لم تظهر في إدارة أوباما. ذلك أنه في عام 2001 تعهد الرئيس السابق بوش الابن بدعم الولايات المتحدة لكرزاي، الذي وصفه بالبطل. غير أنه في عام 2003 حولت إدارة بوش اهتمامها إلى العراق وأوكلت مهمة الدفاع عن هذا «البطل» إلى ائتلاف متعدد الجنسيات واللغات. وبالطبع، فقد دفع هذا الأمر كرزاي إلى التساؤل حول ما إن كان الأميركيون يعنون ما سبق أن قالوه حول أهمية بقاء حكومته. والواقع أن الكثير من هذه التناقضات الظاهرة تعتبر نتائج فرعية غير مقصودة لجهود الولايات المتحدة الرامية لصياغة سياسة حذرة تراعي الاختلافات الطفيفة في المنطقة. فالولايات المتحدة لديها مصالح أمنية في أفغانستان، لكنها مصالح محدودة. ذلك أن التهديد الرئيسي للأمن الأميركي في المنطقة إنما يأتي من تنظيم «القاعدة»؛ والحال أنه سيكون من الصعب هزيمة «القاعدة» إذا قام حلفاؤها من «طالبان» بإسقاط الحكومة الأفغانية وتولوا السيطرة على أجزاء هامة من البلاد. وبالتالي، فإن التركيز الضيق والمكثف أكثر مما ينبغي على «طالبان»، من شأنه أن يغفل الصورة الأكبر لمصالح أميركا الأساسية في المنطقة والعالم. وبالمقابل، فإن التركيز القليل على إلحاق الهزيمة بـ«طالبان» يغفل وسيلة أساسية لتأمين النهاية المنشودة. ومن أجل حل هذه الحوافز المتعارضة، اتبعت إدارة أوباما سياسة تقوم على التوازن والاعتدال. غير أن هذه الأخيرة يمكن أن تتحول بسهولة إلى تناقض ذاتي، وحيرة، وتشوش إذا لم تتم صياغة المكونات وتقديمها بعناية وحذر. والواقع أن أوباما قادر على تقديم مواقف حذرة تراعي الاختلافات الموجودة بخصوص مواضيع معقدة، ولعل الخطاب الذي ألقاه خلال حملته الانتخابية لـعام 2008 حول العلاقات بين الأعراق مثال ساطع على ذلك. غير أن اللافت هو أنه يخصص وقتاً قليلا جداً لمناقشة السياسة الأميركية تجاه أفغانستان في خطابات عامة مباشرة ومستمرة. ولذلك كانت النتيجة رسالة مختلطة ومربكة، وخاصة منذ أن قام بعض مسؤولي البيت الأبيض، في بعض الأحيان، بالانشاق والخروج علانية عن الخط الرسمي للإدارة الأميركية. غير أن هذا لا يعني أن كرزاي لا يتحمل أي قسط من المسؤولية. ذلك أنه كثيراً ما يسمح لاندفاعه العاطفي بمنعه من التحليل العقلاني. كما أن غضبه كثيراً ما يرفع مصالحه السياسية الداخلية إلى مرتبة أسمى من حاجيات تحالفه مع الولايات المتحدة أو الجهد الحربي. على الولايات المتحدة أن تتحمل أيضاً بعض المسؤولية عن الانقسامات العامة بين واشنطن وكابول؛ ذلك أن تناقضاتنا وتقلباتنا تضافرت مع عيوب كرزاي المختلفة لتخلق علاقة أكثر صعوبة من أي وقت مضى. بيد أن ذلك لا يغيِّر حقيقة أن كرزاي وبقية الشعب الأفغاني يدركون أنهم في حاجة إلينا وسيحاولون في نهاية المطاف العمل والتعاون معنا. ولذلك، فإننا في حاجة إلى أن نتذكر ذلك وألا تكون لدينا حساسية مفرطة لدى الانخراط في هذه العلاقة، على غرار ما فعل كيري. والمهم بالقدر نفسه أننا في حاجة إلى جعل رسالتنا وسياستنا واضحتين، لأننا إذا لم نفعل ذلك، فإننا قد نكتشف أن الزعيم الذي سيخلف كرزاي سيجدنا مربكين، تماماً على غرار كرزاي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©