الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تصاعد الجدل حول الحواجز الغربية أمام الصناديق الأجنبية

30 يوليو 2008 22:33
يتصاعد الجدل حول العوائق التي تضعها السلطات في العالم الغربي أمام الاستثمارات الأجنبية، وذلك فيما يتعاظم شعور المستثمرين الأجانب بأنهم غير مرغوبين في هذه الدول بسبب ما تتبناه من إجراءات حمائية صارمة تهدف إلى حظر الاستحواذ الأجنبي على الأصول الاستراتيجية· وخلال اجتماع دول مجموعة الثماني العام الماضي في ألمانيا، أصدر قادة تلك الدول نداء عاجلاً لوقف ما أطلقوا عليه اسم (الحماية الاستثمارية) investment protectionism · وكان هذا المصطلح شائعاً أصلاً في الدول النامية قبل بضعة عقود عندما كان يساورها الشك حول النوايا الحقيقية للشركات الغربية متعددة الجنسيات التي كانت تقرع أبوابها بحثاً عن فرص جديدة للاستثمار فوق أراضيها، وما لبث الشكّ في النوايا الحقيقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة أن انتشر في الدول الغنية ذاتها· وتجلّت هذه الظاهرة الجديدة مؤخراً في اتجاه الدول المتطورة لوضع المزيد من الحواجز في وجه المستثمرين الأجانب من خلال صياغة قوانين أكثر صرامة ووضع قوائم طويلة من الأصول الثابتة ذات الطبيعة الاستراتيجية والتي لا يجوز بيعها للصناديق الاستثمارية الأجنبية· وقد تبدو هذه التوجهات واضحة كل الوضوح من خلال الشكوك التي تبديها الدول المتقدمة في الأهداف الحقيقية لاستثمارات الصناديق السيادية للدول الأجنبية، حيث لا زالت الديموقراطيات الغربية التي تنعم بأوضاع سياسية مستقرة تسدّ الطرق في وجه هذه الاستثمارات· وتكثر مظاهر هذه الإجراءات وتتعدد في الكثير من الدول عبر العالم أجمع، ومن ذلك مثلاً أن الحكومة اليابانية عمدت في شهر أبريل الماضي إلى رفض عرض من صندوق ''تشيلدرن إنفيستمنت فند'' الذي يمثل صندوق تحوّط بريطاني، لزيادة حصته في شركة ''جيه-باور'' اليابانية المتخصصة بصناعة الطاقة بدعوى أن الطاقة من القطاعات المحظورة على الاستثمارات الأجنبية بالنظر لشدّة ارتباطه بالأمن الوطني· وسرعان ما قوبل هذا القرار بانتقاد حاد من بتير ماندلسون المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي بدعوى أنه يندرج ضمن إطار الإجراءات الحمائية التي تكرّس الركود الاقتصادي العالمي· وعمدت الحكومة النيوزلندية مؤخراً إلى إجهاض صفقة لصندوق استثماري كندي عرض شراء حصة في مطار العاصمة أوكلاند باعتبار أن قطاع الطيران يندرج أيضاً ضمن قائمة القطاعات ذات العلاقة الوثيقة بالأمن الوطني· وسبق لكندا ذاتها أن اعترضت على صفقة تشتري بموجبها شركة ''آليانت تيكسيستمز'' الأميركية أصول قسم التكنولوجيا الفضائية التابع لشركة ''ماكدونالد ديتويلير'' الكندية المتخصصة ببناء الأقمار الاصطناعية والروبوتات الفضائية· ويشير كارل سوفانت المدير التنفيذي لقسم تدريس البرنامج العالمي لللاستثمار في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، إلى وجود مؤشرات قوية ونوايا واضحة لإعادة تقييم الفوائد الحقيقية الكامنة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة· وهو يرى أن نحو 90% من القوانين الجديدة المتعلقة بتنظيم ومراقبة هذه الاستثمارات تمت صياغتها بحيث تيسّر للأجانب سبل الاستثمار؛ إلا أن السنوات الثلاث الماضية شهدت توجهاً معاكساً بحيث أصبحت نسبة 30 أو 40% من القوانين تعمل لغير صالح الصناديق الاستثمارية الأجنبية وتحمل في طياتها معنى عدم الترحيب بها· ولا زالت أستراليا تشرّع المزيد من القوانين التي تحظر الملكية الأجنبية للأصول، وفي شهر مارس الماضي، أعلنت الحكومة المحافظة الجديدة في كوريا الجنوبية عن خطط لوضع ما يسمى ''الكبسولة السامة'' في حلق كل من يحاول الاستثمار في الأصول المحلية الثابتة، كما تقضي بمنع الاستحواذ على الشركات المحلية· وحتى في أميركا ذاتها، بدا مناخ الاستثمار الأجنبي المباشر مفعماً بالكآبة بعد أن وجد المستثمرون أنفسهم وهم غارقون في متاهة من الإجراءات والعراقيل في أثناء سعيهم لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لعدم الوقوع ضحايا لصراعات سياسية قديمة لا يمكنهم أن يتحملوا تبعاتها· ويفضل سوفانت أن يعيد رسم صورة هذا الواقع المحبط من جديد حيث يقول: ''في سنوات السبعينات، كانت الدول الغنية تبذل قصارى جهدها لإقناع الدول النامية بالانفتاح على الاستثمارات الأجنبية؛ أما الآن فإن الدول المتقدمة ذاتها هي التي تتساءل عن الجدوى الحقيقية لهذه الاستثمارات''· ويلخص سوفانت هذا المشهد بكلمة واحدة حيث يقول إن الدول المتقدمة أصبحت تتبنى طروحات تفتقر إلى الحس الاقتصادي السليم عندما فضلت رفض رؤوس الأموال الاستثمارية الأجنبية· ويلاحظ خبراء متخصصون أن أكثر الحواجز المانعة لوصول الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي تلك التي تقف في وجه الصفقات المتعلقة بالاستحواذ على الشركات المتخصصة بإنتاج وتوزيع الطاقة· ويفسر ذلك في أن صناعة الطاقة تنطوي على حساسية بالغة وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة التي تعدّها من القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالأمن الوطني، ولم تعد هذه الحساسية غير المبررة ترتبط بهذا القطاع وحده، بل امتدّت إلى أصول أخرى مثل المطارات والموانئ وشركات النقل بالسكك الحديدية· ولعل الأهم من كل ذلك يتعلق بما يشير إليه الخبراء من أن الحواجز المصطنعة أمام حركة الصناديق الاستثمارية تحمل في طياتها أكبر الضرر على صحة الاقتصاد العالمي، ويمكنها أن تمثل عائقاً أمام الخروج من حالة التباطؤ والركود التي تهدد العالم· عن ''فاينانشيال تايمز''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©