الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار مع إيران ومصالح أميركا في الشرق الأوسط

الحوار مع إيران ومصالح أميركا في الشرق الأوسط
12 أغسطس 2008 23:35
من السذاجة الافتراض بأن وجود ويليام بيرنز نائب وزيرة الخارجية الأميركية في المحادثات الأوروبية-الإيرانية الأخيرة حول الأسلحة النووية في جنيف، فتح الباب لتحسّن سريع في العلاقات الأميركية-الإيرانية، أو أن الإدارة الأميركية قد تخلت عن الخيار العسكري· إلا أن هذا التوجه الأخير نحو الدبلوماسية يقدم فترة توقف يمكن من خلالها ملاحظة التكاليف الاقتصادية والسياسية غير المعلنـــة للطــرح المثير حــول إيران· وعدم فهمنا للديناميات الإقليمية، وخاصة في منطقة الخليج، يُضيِّع علينا فرصاً تجارية جديدة مهمة، والتردد في الانخراط والمشاركة يمنعنا من الحصول على المعلومات الضرورية لمحاربة التطرف في المنطقة· هناك بعض الأسس للصور النمطية، سلبية أكانت أو إيجابية، في التجارب السابقة· فخلال السنوات الثلاثين الماضية تتعلق ذكريات الشعب الأميركي الأكثر وضوحاً حول مشاركتنا في الشرق الأوسط بأعمال عنف بشعة وأسعار النفط، بشكل أكثر بكثير من النواحي الإيجابية· أعمال مثل تفجير معسكر الجيش الأميركي في لبنان عام ،1983 وتفجير طائرة بان-أميركــان فوق لوكربي، والعنـف الذي لا ينتهــي في العراق ولبنان، وهي المادة الخصبة التي تصنع عناوين الأخبار، وليس اتفاقيات التجارة الثنائية أو التقليد الواسع لنواحي الثقافة الأميركية· والنتيجة هي طرح يزداد غضبــاً وعدم تنـازل على أسلوب ''نحن ضدهم'' يُسمع من خلال شعارات مثل ''الحرب على الإرهاب'' و''صدام الحضارات''· ينزع الطــرح السلبـــي، بعـــد أن يتأصـــل في النفسية الوطنية، لأن يتغذى على نفسه، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف بنا إمــا إلى المبالغـــة في، أو التقليــل من تطلعات الدول وقدراتها على التأثير علينا· بقي علينا أن نفهم أن التجربة الأخيرة للدول العربية الخليجية تسمح لها بإعطاء صورة من الثروة والخبرة والتجربة أكثر من حجمها، وإلى خارج حدودها· لذا نرى دولة قطر تتوسط في النزاع العربي-الإسرائيلي· تؤثر المواقف الأميركية تجاه الشرق الأوسط على قدرتنا على اجتذاب الاستثمارات من المنطقة في وقت نحن في أمسّ الحاجة إليها· فمنذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 قام المستثمرون السعوديون- وكرد منهم على تحديد استثماراتهم بأسهم لا أهمية لها، وعلى إطلاق تعبير ''أموال إرهابية'' عن استثماراتهم- بتخفيض مشترياتهم من الولايات المتحدة، وتحويل نسبة كبيرة من استثماراتهم القائمة إلى بلادهم· كما اختارت سلطة الاستثمار الليبية، التي تسيطر على 50 مليار دولار ضمن صندوق سيادي (وهو أداة استثمار تديرها الدولة وتتواجد عادة في اقتصادات الدول المنتجة للنفط)، بسبب التجاوب الفاتر من طرف البنوك الأميركية، أن تجعل من لندن قاعدتها الغربية· كما أن متطلبات الحصول على تأشيرة، التي ما فتئت تزداد صعوبة، جعلت أعــداداً كبيرة من طلبــــة دول الشــرق الأوســط يتوجهـــــون للدراســـة في أماكن أخرى· ونحن نخسر بشكل مزدوج في هذه الحالـــة، إذ لن يكـــون هؤلاء الذين يحصلون على تجربـــة التعليم فـــي أميركــا متوفريـــن في المستقبــل كمصدر للنية الحسنة· ما زالت العديد من الشركات الأميركية الكبرى مترددة في التعامل مع الشرق الأوسط، بينما تجني الشركات الأوروبية الأرباح من الفرص التجارية التي ساعدنا نحن على إيجادها· كرر مسؤولو الإدارة القول بأنه يجب أخذ إيران عند كلمتها، مشيرين بشكل أساسي إلى رغبتها في ''إزالة إسرائيل عن الخريطة''· من خلال التركيز بشكل متكرر على كلمات الرئيس الإيراني وتجاهل وجهات نظر الشخصيات الإيرانية الأخرى، تفوتنا درجة فشل الاقتصاد الإيراني، التي يراها مسؤولون آخرون والمواطنون الإيرانيون على أنها أكبر مشاكل نظامهم· إننا نواجه وقتاً صعباً في فهم سبب عدم تمكن لغتنا من إقناع الآخرين بالانضمام إلينا، لأننا لا نقدر بشكل كامل المعوقات التي يواجهها أصدقاؤنا وحلفاؤنا· سياسة الولايات المتحدة حيال إيران تزعج العديد من دول الخليج لسببين اثنين: لأنهم مرتبطون تجارياً بشكل وثيق مع طهران، ولأنهم يعلمــون أنه إذا قامت الولايات المتحدة بمهاجمة إيران فإن ارتباطاتهــا مع الولايـــات المتحدة قد تجعل منها أهدافاً مناسبة للصواريخ الإيرانية· وحتى يتسنى السعي الى حلول دولية للجمود الراهن مـــع طهران، يتوجــب علينـــا أن نعمــل بجـــدّ لتفهّــــم أسلــوب عمــل إيران من الداخل، وهو أمر غاب عنا حتى الآن· لقد أعربنا عن اهتمامنا بفتح ''قسم مصالح'' في طهران، كما ذكر الإيرانيون أنهم قد يكونون منفتحين على زيادة التبادل التعليمي والثقافي، وهذه جميعها خطوات إيجابيــــة· كذلــك من المفيـــد إلى حد بعيد تدريب كوادر واسعة من المحللين في مجال السياسة الإيرانية ولغتها وتاريخها· لا يمكننا، إلا من خلال جهــد واعٍ لمراقبة اللغة والحصــول على معرفة جديدة أن نأمل بعكس تأثيرات عقود من الإغراق والمبالغــة، وأن نكون على استعداد لمواجهة كل من التهديدات والفرص بعيون مفتوحة· ريتشارد ميرفي باحث مشارك في معهد الشرق الأوسط ومساعد سابق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا ايثان تشورين زميل رئيسي في برنامج الشرق الأوسط بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©