الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«صفقة مقلد»... فرصة ضائعة مع كولومبيا

13 ابريل 2011 20:42
تبدو إدارة أوباما، وكأنها على وشك خسارة فرصة استثنائية لمحاكمة واحد من كبار مهربي المخدرات في العالم. وخسارة هذه الفرصة ستعني أنها ستخفق في تفكيك شبكة تهرب سنوياً مئات الأطنان من الكوكايين للولايات المتحدة، ولن تتمكن من توجيه ضربة قاصمة لأشهر زعماء أميركا اللاتينية عداوة للولايات المتحدة، وهو الرئيس "هوجو شافيز" رجل فنزويلا القوي. لم يكن من الممكن لأحد أن يدرك ذلك من خلال الاطلاع على تفاصيل الاجتماع الذي عقد في البيت الأبيض الأسبوع الماضي بين أوباما وبين الرئيس الكولومبي "خوان مانويل سانتوس" احتفالًا بإتمام" خطة العمل" التي يمكن أن تقود إلى تعديل الكونجرس للاتفاقية التجارية بين البلدين التي تعطل التوقيع عليها طويلاً . والحقيقة، أن أهمية الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة وكولومبيا، قد تكون أقل من أهمية القرار الذي أعلنه "سانتوس" قبل يومين من وصوله إلى الولايات المتحدة. فعلى الرغم من أن الرئيس الكولومبي المنتخب ديمقراطياً، من خريجي جامعة "كنساس" ويعتبر صديقاً قديماً لأميركا، لكنه أكد أنه سيسلم رجلاً يدعى "وليد مقلد جارسيا" قبضت عليه بلاده في أغسطس الماضي -بموجب إذن قبض صادر من واشنطن - إلى فنزويلا بلده الأصلي وليس إلى الولايات المتحدة. حتى العام الماضي، لم يكن هناك سوى القليل من الأفراد الذين سمعوا عن"مقلد"، الذي تمكن في الآونة الأخيرة أن يجعل اسمه مشهوراً من خلال سلسلة من المقابلات التي أجراها من داخل السجن. في تلك المقابلات وصف "مقلد" الذي كانت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية، قد اتهمته الشهر الماضي بشحن 10 أطنان من الكوكايين شهرياً من فنزويلا إلى الولايات المتحدة، الكيفية التي تواطأ من خلالها مع العشرات من كبار المسؤولين في فنزويلا. وقال "مقلد" في تلك المقابلات إن لديه أشرطة فيديو، وغيرها من الأدلة التي توثق لتعاملاته مع الجنرالات وغيرهم من كبار موظفي الحكومة، ومحافظي الأقاليم، بل وبعض الوزراء أيضاً. وهو يقول أيضاً إن لديه معلومات عن الدعم الذي تقدمه فنزويلا لـ"حزب الله" وغيره من الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط. وقال "مقلد" أيضاً في مقابلة أجراها مع شبكة" يونيفيجن" إنه سينقل ذلك كله إلى المدعي العام في نيويورك، الذي أدين فيها بتهم متعلقة بالمخدرات. ولو نفذ "مقلد" ما هدد به، فإن ذلك سيمنح وزارة العدل ووزارة الخزانة في الولايات المتحدة، المعلومات والأدلة التي يمكن أن تعتمد عليها في فرض عقوبات على عشرات من كبار المسؤولين الفنزويليين. ويمكن لذلك أن يقود أيضاً إلى نقطة تحول كبيرة في الطريقة التي ينظر بها الناس إلى نظام شافيز. المشكلة أن "سانتوس" يقول إنه سيسلم "مقلد" لشافيز وليس للولايات المتحدة، وخاصة بعد أن أسرع الرئيس الفنزويلي لإصدار أمر تسليم قبل أن تقوم واشنطن بذلك. (ويشار هنا إلى أن شافيز الذي غضب من "مقلد" بعد أن قام أحد إخوة الأخير من تجار المخدرات بالترشح للعمل في منصب حكومي من دون أن يحصل أولاً على إذن منه، قد وجه إلى مقلد بالفعل تهمتين بارتكاب جريمة قتل). ولم يتوقف شافيز عند ذلك الحد بل عرض على "سانتوس" مجموعة سخية من التنازلات منها إنهاء حالة شبه الحرب بين بلديهما، ودفع مبلغ يقترب من مليار دولار تدين به فنزويلا لمصدرين كولومبيين، وإعادة تجار المخدرات الكولومبيين المحبوسين في فنزويلا. وليس هناك من حاجة للقول إنه مقلد إذا سُلم إلى كاراكاس، فإنه سيتم إخفاء كافة الأدلة التي بحوزته بشأن الاتهامات التي وجهها بضلوع النظام الفنزويلي في تجارة المخدرات. السؤال هنا: ما الذي يجعل "سانتوس" يورط نفسه في صفقة مثل هذه؟ لقد دأب الرئيس الكولومبي على تبرئة ساحته أمام أصدقائه الأميركيين القدامى بالقول إنه لم يكن يعرف مدى أهمية "مقلد" قبل أن يقدم وعده لشافيز بتسليمه له، وذلك أثناء لقاء جمع بينه وبين الزعيم الفنزويلي شهر نوفمبر الماضي. أما في العلن يتعلل -سانتوس- بأمور تقنية قانونية معقدة وغير مقنعة في الآن ذاته، ولكن الشيء الذي لا شك فيه أن السبب الذي دفعه للقيام بذلك يرجع جزئياً للحكم الذي كان قد أصدره في قرارة نفسه على أوباما. فحتى عندما كان أوباما يحتفظ بمسافة بينه وبين سانتوس وسلفه في الحكم "الفارو أوريبي"، فإنه لم يظهر ميلًا لمواجهة شافيز. ليس هذا فحسب بل إنه - أوباما - أمضى أسبوعاً في أميركا اللاتينية دون أن يشير ولو مرة واحدة إلى فنزويلا أو يفكر في زيارة كولومبيا. وسانتوس يعرف ما الذي ستجنيه كولومبيا بقيامها بتسليم مقلد لفنزويلا، كما أنه يستطيع أن يخمن كيف سيكون رد فعل شافيز - الذي هدد بلاده بالحرب أكثر من مرة -فيما إذا ما قام بتسليم مقلد لواشنطن. السؤال هنا: هل سيقوم أوباما باستغلال موضوع" مقلد" للضغط على شافيز؟... وهل سيدعم "سانتوس" إذا أرسلت فنزويلا جيشها إلى حدود كولومبيا مرة أخرى؟ لقد خمن "سانتوس" أن أوباما يتجنب مثل هذا النمط من القيادة الجسورة، وعلى ما يبدو أنه كان على صواب في حكمه. وعلى الرغم من أن الأعضاء "الجمهوريين" في الكونجرس، وإدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة، يتميزون غيظاً بسبب القرار الخاص بـ"مقلد" وأن السيناتور "ريتشارد لوجار" يصف ذلك القرار بأنه يمثل "تقويضاً لسنوات من التعاون بين كولومبيا والولايات المتحدة، فإن أوباما لم يهتم بذلك وقلل من أهميته. فحسب "سانتوس"، أنه عندما ورد ذكر مقلد خلال اللقاء الذي تم بينه وبين أوباما في البيت الأبيض، فإن كل ما فعله أوباما هو أنه اكتفى بالقول" لقد فهمت". جاكسون ديل محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©