الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمور «سبهلله» في الأفلام فقط

الأمور «سبهلله» في الأفلام فقط
15 ابريل 2011 20:06
حين تحيط عصابة من مسلحين بالسكاكين ببطل فيلم أميركي، فإنه ينجو من بين أيديهم برغم تلقيه مئة طعنة في أنحاء مختلفة من جسده، بل يطرحهم أرضاً ويقيّد أيديهم في انتظار وصول الشرطة؛ لأنه لا يمكن للبطل أن يموت، إذ سيعني انتهاء الفيلم بعد عشر دقائق فقط من بدايته. ويعتقد المراهقون أن هذا حقيقي وأنهم مهما سددوا من طعنات فإن الضحية لن تموت، لكنهم يفاجأون بانتهاء فيلمهم بعد دقيقة من بدايته، إذ يموت غريمهم بعد تلقيه الطعنة الأولى، ثم يجدون أنفسهم في قاعة المحكمة والقاضي يصدر حكمه فيهم على وقع نحيب آبائهم وصرخات أمهاتهم. وفي الأفلام الأميركية، يتعرّف البطل المراهق إلى فتاة شقراء، وفجأة يكونان في غرفة النوم، ووالد الفتاة يطرق الباب ويسأل إن كانا سيشاركونه في التهام شطائر البيتزا، فيتلقي اجابات تثير دهشته ويغادر الأب وهو يضع يديه خلف ظهره ويصفّر متعجباً. ويعتقد المراهق في بلادنا أن الأمور بمثل هذه السهولة والسذاجة مثلما يحدث في الأفلام الأميركية، فيتعرف إلى مراهقة مثله، ثم يرتدي ملابس القرود ويزين معصمه بأسورة بلاستيكية وعنقه بسلسلة تنتهي بمجسم لجمجمة، ويطرق باب بيت فتاته وهو يضع يديه في جيب جينزه الأزرق، وما إن يلفظ اسم الفتاة، يتلقى لكمة في وجهه تعيده إلى أرض الواقع. وفي بعض الأفلام الأميركية، يبقى البطل مطارداً طوال مدة الفيلم، ويقود سيارته بسرعة جنونية في وسط الأسواق وبين الأزقة، ويرتكب أثناء ذلك عشرة آلاف حادث، فمرة يصطدم بسيارة، ومرة بعمود إشارة، ومرة بشاحنة، ومرة بقطار، ومرة ببوابة فولاذية، ومرة ببرج، ولا بد في كل مرة من صدم عربة فواكه وتطاير حبّات البرتقال في الهواء، بينما الفاكهاني يلاحق السيارة بنظراته وهو يضع يده على رأسه، ولا بد أن تهوي السيارة من مكان عالٍ ثم تواصل السير مع تعرّضها لـ»طعجة» إضافية، وفي نهاية الفيلم يعانق البطل حبيبته ويتبادلان القبلات، وتبدو خلفهما السيارة محطمة تماماً إلا إشارة الانعطاف فيها التي تحافظ على وميضها. وفي الشوارع الحقيقية، يتصوّر المراهق أن كل ما رآه على الشاشة حقيقي، فيقود سيارة والده بسرعة وفجأة ينقطع عرض الفيلم ويعود إلى أرض الواقع، إما طريحاً على الأسفلت أو مشلولاً في المستشفى، وأحياناً يذهب إلى تحت أرض الواقع، فيفتح عينيه فيجد نفسه ملفوفاً بخرقة بيضاء كبيرة وهناك في الأعلى من يبكي ويقرأ الفاتحة. وفي الأفلام الأميركية، يسطو اللصوص على بنك المدينة ويحصلون على كل ما فيه من دولارات، وفور خروجهم من البنك تنطلق صافرات الإنذار وينعكس وميض لوّاحات الشرطة الزرقاء على وجوههم وهم يضحكون. ثم يلتقون بسياراتهم في مكان غير مأهول، وينخرطون في مشادة كلامية أثناء تقاسم الغنائم، فيخرج أحدهم مسدسه ويصفي شريكاً لهم، ثم يبدأ الجميع في تصفية الجميع، ويبقى في النهاية لص واحد يغادر المكان وهو يضحك ويبصق على الأرض. وفي الواقع، يقترب مجموعة من المراهقين من محل بقالة كل بضائعها منتهية الصلاحية، ويبدؤون في الظلام بكسر قفل الباب، وفور دخولهم البقالة، تضاء الأنوار، وإذا برجال المباحث يدخلون خلفهم، و»اضرب ما تضرب». لو كانت أفلام هوليوود تعبّر عن الواقع على الأرض لتغيرت مفاهيم كثيرة في أذهان الأطفال والمراهقين الذين هم أكثر الفئات تأثراً بالأفلام. وأنا لا أتبنى قضية التأثير هذه، لكنني أردد مثل الببغاء ما يقوله الخبراء، فبرأيي أن الجميع واقع تحت التأثير، لكن جرت العادة على اتهام المراهقين المساكين بأي شيء يخطر على بال الحكماء. أحمد أميري me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©