الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زرداري وسنغ: لقاء بلا جديد

15 ابريل 2012
قادت زيارة قام بها الرئيس الباكستاني آصف زرداري للهند الأحد الماضي إلى إجراء مباحثات مع رئيس الوزراء الهندي "مان موهن سنغ"، قال الزعيمان إنها تحمل في طياتها وعدا بعلاقات أفضل بين الدولتين المتعاديتين تاريخياً. وقال مسؤولا البلدين إن زرداري وسنغ قد تطرقا خلال اجتماع خاص استغرق 40 دقيقة، إلى قضايا مكافحة الإرهاب، وتسهيل التجارة بين البلدين، كما قبل رئيس الوزراء الهندي دعوة زرداري لزيارة باكستان التي لم يسبق له زيارتها منذ أن تولى مهام منصبه عام 2004. وعلى الرغم من أن زرداري كان مصحوباً بوفد ضم وزير الداخلية ووكيل وزارة الخارجية، إلا أنه أصر عند لقائه الصحفيين في مطار نيودلهي على أنه يزور الهند بصفته الشخصية وليس الرسمية، كما قال إنه سيزور سنغ من باب المجاملة وهو في طريقه للتبرك بزيارة ضريح شيخ صوفي من القرن الثاني عشر الميلادي يوقره المسلمون والهندوس على حد سواء. لكن زيارة زرداري للهند، وهي الأولى لرئيس باكستاني منذ سبع سنوات، تأتي في وقت يبدو فيه القادة الباكستانيون المدنيون المنتخبون مصممين على انتزاع قدر من صلاحيات اتخاذ القرار في مجال السياسة الخارجية من أيدي العسكر. وعادة ما تصور الاستخبارات العسكرية الباكستانية الهند في صورة العدو الوجودي المستعد دوما لضربها، وهو ما يصفه النقاد بأنه تكتيك لضمان استمرار نفوذ الجيش على مقاليد الأمور، ولضمان الحفاظ على سلوكه وميزانيته الضخمة بعيداً عن أي نوع من المساءلة. ومنذ استقلالهما عن بريطانيا، خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب، وفشلتا في حل خلافهما المركزي حول منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة الواقعة في جبال الهملايا، حيث تتهم باكستان الهندَ بارتكاب انتهاكات حقوق إنسان واسعة النطاق في تلك المنطقة، بينما تتهم الهند الجماعات التي تتخذ من باكستان قاعدة لها بشن هجمات إرهابية داخل الهند. وعقب اجتماعهما الأخير دعا زرداري وسنغ لعلاقات أفضل بين البلدين النوويين، وذلك على جميع المستويات، وإن لم يفصحا عن التفاصيل. فقد اكتفى زرداري بالقول: "لقد تحدثنا حول كافة الموضوعات التي أمكننا الحديث عنها، ونتمنى أن نلتقي في باكستان قريباً". بينما قال سنغ: "ناقشنا عدداً من القضايا... ونأمل في إيجاد حلول عملية وبراجماتية لها". وخلال العام الماضي حاولت الدولتان تشجيع ما أصبح يعرف بـ"الدبلوماسية الناعمة" التي تعني تخفيف القيود التجارية، والمبادلات الثقافية، وتعزيز التعاون الرياضي في مجال لعبة الكريكيت التي تحظى بشعبية طاغية في البلدين. وعلى الرغم من المواجهات العسكرية الطويلة الأمد بين البلدين، إلا أنهما استأنفا عملية السلام الهشة منذ عام، وذلك بعد عامين من الجمود الدبلوماسي بينهما عقب الهجمات الإرهابية على مومباي التي راح ضحيتها 166 شخصاً عام 2008، والتي تتهم الهندُ جماعات متشددة تتخذ من باكستان قاعدة لها بارتكابها. وقد وصل زرداري للهند عقب الإعلان الأميركي عن رصد مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقال أو إدانة "حافظ محمد سعيد"، مؤسس جماعة "عسكر طيبة" الإسلامية المتهمة بتنفيذ هجمات مومباي. وقال رانجان ماثاي، وكيل وزارة الخارجية الهندية، إن سنغ قد أثار موضوعي الإرهاب و"حافظ سعيد" مع زرداري. والمصافحات والابتسامات التي تخللت الزيارة شيء ونتائجها العملية شيء آخر، كما يقول "شيكار جوبتا"، كاتب العمود في صحيفة إنديان أكسبرس الذي كتب يوم الأحد الماضي أن اللقاء الذي جمع بين زرداري وسنغ كان "لقاءً بين زعيمين يكافحان من أجل المحافظة على وضعهما". فخلال العامين الماضيين فقدَ رئيس الوزراء الهندي قدراً كبيراً من مصداقيته الداخلية بعد الاتهامات التي وجهت لحكومته بالفساد، وبطء وتيرة النمو الاقتصادي، وشلل السياسات. وفي نفس الوقت ينظر لزرداري في وطنه باكستان، من قبل المحللين والجمهور، على أنه سياسي فاسد وعديم الفعالية. ومع ذلك تبقى حقيقة أن الزيارة التي قام بها زرداري لمزار القطب الصوفي ذي القبة الرخامية في مدينة أجمر، الواقعة في ولاية راجستان، قد أرسلت رسالة مضادة للتطرف الإسلامي. فمن المعروف أن الانتحاريين من الإسلاميين المتطرفين كانوا يستهدفون دوماً زوار أضرحة أقطاب الصوفية في إطار حملة كانوا يريدون منها توصيل رسالة مؤداها أن زيارة تلك الأضرحة تخالف مبادئ وقواعد الدين الإسلامي القويم. ويوم الاثنين حمل زرداري وولده "بيلوال بوتو" باقتين من الزهور في سلتين ملفوفتين بنسيج من الساتان الأحمر والأخضر، لوضعهما على ضريح القطب الصوفي. وبعد الصلاة داخل المزار، ظهرا وهما يرتديان عمامتين دينيتين باللونين الوردي والأحمر ويلوحان للكاميرات. وكان زرداري قد زار هذا الضريح عام 2005 مع زوجته رئيسة وزراء باكستان الراحلة بنظير بوتو التي اغتيلت فيما بعد. وقال سالم مهاجان، الناشط الصوفي الهندي: "إنها إشارة جريئة أن يأتي الرئيس زرداري لزيارة هذا الضريح المبارك في وقت يهدد فيه المتشددون بالاستيلاء على كل شيء"، ثم أضاف: "وهي أيضاً إشارة جيدة حول الطبيعة المتسامحة والاستيعابية للإسلام". وكتب زرداري في سجل زيارات الضريح، بعد أن أدى الصلاة هناك: "لقد شعرت بسعادة روحية غامرة". راما لاكشمي - ريتشارد ليبي نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©