الأربعاء 1 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محللون يحذرون من التداعيات العالمية لخفض التصنيف الائتماني لأميركا

محللون يحذرون من التداعيات العالمية لخفض التصنيف الائتماني لأميركا
20 ابريل 2011 21:06
يرى خبراء أن التحذير الذي وجهته وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني إلى الولايات المتحدة إذ طرحت لأول مرة بجدية إمكانية أن تخسر الولايات المتحدة علامتها كأفضل مقترض في العالم، قد ينذر بتغييرات جذرية في الاقتصاد العالمي. وكانت “ستاندارد آند بورز” خفضت الاثنين توقعاتها لتصنيف دين الولايات المتحدة من “ثابت” إلى “سلبي”، معتبرة لأول مرة أن ثمة احتمالاً واحداً من أصل ثلاثة بأن تخسر الدولة الفيدرالية علامتها القصوى “أيه أيه أيه” خلال السنتين المقبلتين. وهذه العلامة تعني ثقة مطلقة في أسواق القروض وفي وسع الدول والشركات التي تحصل عليها، الاقتراض بمعدلات فائدة ممتازة خلافاً لسواها. ورداً على تحذير وكالة التصنيف بتخفيض علامة الولايات المتحدة سارع الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخزانة تيموثي جايتنر إلى التأكيد أنهما لن يسمحا بحصول ذلك. وأعلن أوباما، أثناء تطرقه إلى العجز في الميزانية الأميركية خلال تجمع عام في ضاحية واشنطن الثلاثاء الماضي، أن هذه المسألة يمكن تسويتها بموجب الخطة التي طرحها للميزانية الأميركية. وقال “يجب أن تبدأ أميركا بالعيش طبقاً لإمكاناتها”، مضيفاً “لن استسلم قبل أن نجد أدنى سنت اهدر أو انفق في غير محله”. وقبل افتتاح بورصة نيويورك أمس الأول، تحدث جايتنر إلى الشبكات التلفزيونية الأميركية المالية الثلاث (سي إن بي سي وبلومبرج وفوكس بزنس)، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وضعها أفضل من وضع دول أخرى تحظى بالعلامة “أيه أيه أيه” مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ولو أنه تجنب ذكرها بالاسم. وقال لشبكة “سي إن بي سي” “لا اتفق” مع “ستاندرد آند بورز”، منضماً بذلك إلى العديد من المسؤولين السياسيين ولا سيما الأوروبيين الذين انتقدوا خلال الأشهر الماضية الإعلانات الصادرة عن وكالة التصنيف الائتماني. وتتوقع تقديرات صندوق النقد الدولي أن تسجل الولايات المتحدة عام 2011 أعلى عجز في الميزانية في العالم يصل إلى 10,8% من إجمالي ناتجها الداخلي بالتساوي مع أيرلندا. وحذرت “ستاندارد آند بورز” من أن ذلك مرشح للاستمرار لفترة طويلة، موضحة أن “هناك خطراً كبيراً ما لا تفضي المفاوضات في الكونجرس إلى أي اتفاق حول استراتيجية ميزانية على الأمد المتوسط قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية في خريف 2012”. غير أن جايتنر رأى أن الولايات المتحدة لديها جميع المقومات الاقتصادية لتخطي هذا الوضع. وقال الوزير الأميركي، الذي يذكر باستمرار بأن معدل النمو الأميركي أعلى بمرتين من معدل النمو الأوروبي، “إذا نظرنا إلى الاقتصاد الأميركي اليوم، فإن معدل نموه أقوى بكثير من معدل نمو أي اقتصاد كبير آخر”. وأضاف “لدينا بلد أكثر شباباً، وهذا مهم جداً في هذا الإطار، والتزاماتنا حيال مواطنينا على صعيد التقاعد والصحة أدنى بكثير من الالتزامات المتخذة في أي اقتصاد كبير آخر”. وكان صندوق النقد الدولي رفض في السابق هذه الذريعة، معتبراً أن إيجاد حل لمعضلة تمويل الرعاية الاجتماعية سيكون أصعب على الولايات المتحدة منه على الدول الأوروبية الكبرى. واستشهد جايتنر بالطلب المتواصل على ديون سندات الخزينة، مؤكداً لشبكة “بلومبرج”: “انظروا إلى الأسعار التي نقترض بها. هناك الكثير من الثقة وهذه الثقة مبررة”. كذلك كان صندوق النقد الدولي حذر من هذه الفكرة. وقال في تقرير حول المالية العامة في العالم صدر في 12 أبريل “حتى لو كانت الأوضاع في الأسواق مؤاتية اليوم لمعظم (الدول المقترضة)، فإن الأسواق سبق أن بدر عنها رد فعل متأخر وشديد على تدهور وضع المالية العامة” في بلد ما. وأثار اعلان “ستاندارد آند بورز” الأخير بشأن الولايات المتحدة ذهولاً ولا سيما في الأسواق المالية بعدما كانت مسألة تخفيض علامة الولايات المتحدة امراً لا يخطر ببال احد. وحذر ستيفن ريكيوتو الخبير الاقتصادي في شركة “ميزوهو سيكيوريتيز” من أن “الاحتمال لن يبقى واحداً من أصل ثلاثة إذا لم نقم بشيء خلال سنتين، بل لم نجمع 2500 مليار دولار من الديون الإضافية”. وقال “إن احتمالات حصول ذلك تزداد”، مشيراً بالاتهام إلى القوى السياسية في واشنطن التي تخوض صراعاً محتدماً حول سبل تخفيض العجز الهائل في الميزانية الأميركية. غير أن تحذير وكالة التصنيف قد يكون له أثر طائل على الاقتصاد الأميركي. وقال ستيفن ريكيوتو إن “ذلك سيضر إلى حد بعيد بوضع العملة (الأميركية) كعملة احتياط”، ملمحاً إلى أن الدولار قد لا يعود العملة المرجعية في العالم. وتجني الولايات المتحدة 40 الى 70 مليار دولار سنوياً من وضع الدولار هذا الذي يندد به البعض لاعتباره “امتيازاً باهظ الثمن”، وفق دراسة أجراها مكتب “ماكينسي” عام 2009. والأصول الأميركية تجتذب المستثمرين الأجانب لأنها تصدر بعملة ثابتة ومطلوبة من الجميع. ونتيجة هذا الطلب القوي على الدولار تقدم تسهيلات في منح قروض سواء للحكومة الأميركية أو للشركات وحتى الأسر. وبالنسبة للأسر، فإن تخفيض العلامة سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة على الديون لقاء رهن، ما سيزيد من حدة الأزمة في سوق عقارية تعاني من انكماش، وفق ما أوضحت اينا موفتيفا من مصرف “ناتيكسيس”. وتابعت الخبيرة الاقتصادية أن الشركات من جهتها “ستشهد زيادة في كلفة التمويل، ما سينعكس على الاستثمارات المنتجة”. كما أن علاقة الولايات المتحدة مع دائنيها الكبار وفي الطليعة الصين واليابان وأوروبا قد تتبدل. كما أن خسارة العلامة “أيه أيه أيه” قد تزيد من صعوبة خفض العجز في الميزانية الأميركية لأنها تهدد بزيادة كبيرة في معدلات الفائدة على قروض الدولة، وهو ما أثبتته الأزمتان في أيرلندا والبرتغال. ويأمل البعض أن يحض تحذير “ستاندرد اند بورز” إدارة باراك أوباما والمعارضة الجمهورية على التوصل إلى توافق حول سبل خفض العجز في الميزانية. وقال الآن راسكين الخبير الاقتصادي في مصرف “دويتشه بنك”: “إنه تحذير جدي للسياسيين من الطرفين، يبرز ضرورة التوافق قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة”. غير أن هذا الاستحقاق الانتخابي قد يدفع الديمقراطيين والجمهوريين إلى التمسك بمواقفهم. وأوضح ديفيد ريسلر وايشي اميميا من مصرف “نومورا” أن “كلاً من طرفي الخلاف قد يستخدم هذا التحذير لتبرير نهجه المختلف إلى حد بعيد عن نهج الطرف الآخر”.
المصدر: واشنطن، نيويورك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©