الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تبددت أحلام أوباما الخارجية؟

30 ابريل 2014 01:29
ألبرت هانت محلل سياسي أميركي أراد أوباما بلورة سياسة خارجية خاصة به تخلد اسمه عند مغادرته السلطة في ولايته الرئاسية الثانية، وتلك السياسة يمكن إجمالها في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران التي تئن تحت العقوبات، وإنهاء الانخراط الأميركي في الصراعات والحروب ما وراء الحدود بتكلفتها البشرية والمادية الباهظة، ثم استكمال استدارته نحو آسيا، بما في ذلك التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة بين دول المحيط الهادئ. ولكن بعد مرور خمسة عشر شهراً على ولايته الثانية، تظل هذه الأهداف التي سطرها أوباما في سياسته الخارجية بعيدة المنال ومستعصية على التحقيق، لاسيما في ظل المشاكل المستجدة والكثيرة سواء تعلق الأمر بالصراع الجاري في سوريا، أو بما يقوم به بوتين في الجوار الروسي، مما يزيد من تعقيد الوضع ويصرف انتباه الإدارة الأميركية عن الأولويات المحددة سلفاً. والحقيقة، وحتى نكون منصفين، أن الصعوبات المرتبطة بالسياسة الخارجية وتراجع الأهداف المسطرة لا تقتصر على أوباما وإدارته، بل شملت عدداً من الرؤساء السابقين الذين رأوا أحلامهم في السياسة الخارجية تتهاوى أمام أعينهم، وعلى سبيل المثال فقد اضطر دوايت إيزنهاور للتعامل بهدوء مع إسقاط الاتحاد السوفييتي لطائرة تجسس أميركية، حيث تجرع الأمر دون القيام بردة فعل. فيما طاردت فضيحة «إيران كونترا» الرئيس ريجان، وعانى بوش الابن من تبعات غزو العراق في ولايته الثانية. ولكن مصاعب أوباما تنطوي أيضاً على تعقيداتها الخاص بالنظر إلى الانطباع السائد اليوم حول انسحاب أميركا من العالم وفك اشتباكها مع مشاكله، وهو ما يشير إليه، ستيفان هادلي، مستشار الأمن القومي للرئيس بوش الابن، قائلاً: «يبدو واضحاً الشعور لدى العالم بأن أميركا بصدد الانسحاب، فالأوروبيون وبعض الحلفاء في الشرق الأوسط يعتقدون بأن الولايات المتحدة تغادر مناطقهم، فيما يظن الآسيويون أيضاً أننا لن نأتي إليهم كما يؤكد أوباما». وأكثر من ذلك يجد أوباما نفسه وسط معضلة تنطوي على مفارقة واضحة، فمن جهة ينظر إلى أوباما في موضوعي سوريا وروسيا على أنه ضعيف، ويفتقد ما يكفي من الحزم للتعامل مع النظامين. ولكن من جهة أخرى لا يريد الرأي العام الأميركي، الذي استوعب دروس حربي العراق وأفغانستان، أي تدخل في مناطق أخرى، وصار ينفر من انخراط بلاده في حروب خارجية مكلفة، وقد امتد هذا التخوف من التورط في الخارج إلى عدد من الجمهوريين الذي يستلهمون موقفهم الانعزالي من السيناتور «بول راند» المعروف برغبته في الانفصال عن العالم وإدارة ظهره له. ولعل ما يزيد من تعقيد الموقف بالنسبة لأوباما تلك التفاصيل التي لا تخدم سياسته الخارجية سواء في سوريا حيث ما فتئ الوضع يتدهور في ظل تقدم لنظام الأسد واسترجاعه بعض المواقع الاستراتيجية في وقت ما زالت فيه الإدارة تصر على تنحيه. أو في موضوع السلام الفلسطيني الإسرائيلي الذي يوشك على الانهيار، على رغم الجهود الشجاعة التي بذلها وزير الخارجية، جون كيري، طيلة الفترة السابقة. أما في حالة روسيا فيعترف المسؤولون الأميركيون بأنه لا فكرة لديهم عن نوايا بوتين وتحركاته المقبلة، وعلى رغم أن سياسة أوباما بعيدة المدى تجاه روسيا قد تكون جيدة، إلا أنه لا يستطيع القيام بشيء لوقف اعتداء محتمل على أوكرانيا في المدى القريب. وحتى القضيتان اللتان يمكن لأوباما إحراز بعض النجاح فيهما، وهما الصفقة النووية مع إيران والتوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة مع الدول المطلة على المحيط الهادئ، يحفهما هما أيضاً العديد من التعقيدات السياسية. وفيما يتعلق بإيران لا يخفي أي من الطرفين حاجته للتوافق، فأوباما يريد صفقة لدواع أمنية وأخرى مرتبطة بتركته في السياسة الخارجية، فيما يريد الإيرانيون اتفاقاً لتخفيف العقوبات الاقتصادية ولأغراض سياسية أيضاً. وعلى رغم أن التفاصيل ما زالت غائبة، لكن بحسب مسؤولين في الإدارة، حقق المفاوضون بعض التقدم، بل هناك من يأمل في الوصول إلى صفقة حتى قبل انتهاء الاتفاق المرحلي في 20 يوليو المقبل. ولكن لو تحقق ذلك سيظل هناك سؤالان مهمّان: هل ستبذل إسرائيل جهودها لدى الكونجرس وتعبئ علاقاتها مع المشرعين الأميركيين لإجهاض الاتفاق، علماً بأن حكومة نتنياهو لن يروقها الاتفاق وستسجل تحفظاتها دون مواربة؟ ثم هل سينضم كبار المسؤولين في الحزب الديمقراطي، ومن بينهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس، السيناتور روبرت منديز، وزميله من نيويورك، تشالرز شومر، إلى الجمهوريين المعارضين للاتفاق لعرقلته؟ وفي هذه الحالة هل سيبذل أوباما الجهد السياسي الفائق الذي يقتضيه الأمر للتغلب على عراقيل الكونجرس وتخيير بلاده بين إيران نووية، أو الحرب؟ أما التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة وتسريع المفاوضات في هذا الاتجاه باعتباره فرصة ممكنة لتحقيق نجاح في السياسة الخارجية يُحسب لأوباما فيواجه هو الآخر صعوباته الخاصة التي ترتبط أساساً بالحزب الديمقراطي المتحفظ، فأغلبية المشرعين الديمقراطيين في مجلس النواب يعارضون الاتفاقية، كما أن زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، لم يبدِ أي اهتمام بطرح الاتفاقية للتصويت خلال السنة الجارية، فالبيت الأبيض الذي يخشى من سيطرة الجمهوريين على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي لا يريد إثارة موضوعات لا تحظى بالتوافق قد تسرع سقوط المجلسين في أيدي الجمهوريين، وهو ما لا يريده أوباما والديمقراطيون. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©