الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دجاج وثعالب وبشر فوق خشبة واحدة

دجاج وثعالب وبشر فوق خشبة واحدة
29 يناير 2009 03:41
ضمن عروض مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، الذي أقيم في معهد الشارقة للفنون المسرحية في الفترة من 17 إلى 23 يناير، جرى عرض مسرحية ''كوكو يا ثعلوب'' من تأليف وإخراج علي جمال، وإنتاج مسرح رأس الخيمة الوطني، وقام بأدوارها كل من مبارك خميس وعبد الحميد البلوشي وعبد الله الرشدي ومحمد السعدي وعادل عبدالله الطنيجي ونورة وأحمد شاهين وخالد أنس وسالم بن عبود ومريم عبد الخالق الكعبي ومحمود رمضان، وألف ألحان الأغاني طارش خميس· تنفتح الستارة على ديكورات بسيطة ثابتة تمثل مزرعة دجاج، مع موسيقى وإضاءة بسيطة· المخرج بنى عمله الذي امتد على مدى ساعة كاملة على فكرة قديمة متجددة، هي حكاية الثعلب (منقاش) الذي يقوم بمهاجمة مزرعة الدجاج والتهامه، ومحاولات ملك الدجاج (بو منقار) الدفاع عن ''مملكته''، وتلتف حوله الديكة والدجاج ويهزمون الثعلب، وفي لحظة ما ينجح هذا الثعلب في تقريب اثنين من الديكة (أبو العريف وعصقول) ويحرضهما للانقلاب على الملك، وأن يكون أبو العريف هو الملك، وينجح في تنفيذ خطة لإبعاد الملك، وتنصيب الملك الجديد· تقوم الخطة على قيام أبو العريف بسرقة بيضة الملكة ''أم الخير''، ليجد الملك نفسه مضطرا بنفسه لمطاردة الثعلب، فيخلو الجو للديكين المتآمرين كي ينفذا خطتهما، فيعودان فجأة وتكون بيضة الملكة بين يدي''أبو العريف'' الذي يعيدها إلى الملكة ويعلن موت الملك في صراعه مع الثعلب، وأنه هو خاض صراعا عنيفا مع الثعلب، وبذلك يتسلم ''أبو العريف'' شأن المملكة· فجأة يظهر الثعلب ليلتهم المزيد من الدجاج، وسط ذهول الديك الملك (أبو العريف) الذي يحاول إقناع الثعلب سرا بأنه صديقه، لكن الثعلب يعيش على أكل الدجاج، وليس أمامه خيار آخر، وهنا تبرز رمزية العرض في هذا الصراع الذي كان أبو العريف يتخيل أن بإمكانه تغيير طبيعة الثعلب، وذلك اندفاعا وراء رغبته في التحكم بالمزرعة· ويتمكن الثعلب من وضع الجميع في القفص تمهيدا لالتهامهم· وفي هذه الأثناء يظهر الملك الحقيقي (أبو منقار) ليدافع عن مملكته، فيخوض صراعا مع الثعلب، يقود إلى تحرير الدجاج، وحبس الثعلب في القفص، بما يلخص رسالة العمل في تناول صراع الخير والشر، والانتهاء إلى معاقبة الخائن· استخدم المخرج في هذا العرض تقنيات عدة في بناء العمل، لكن الخطوط الدرامية لم تكن مشدودة تماما، إلا أنه تمكن من شد انتباه الأطفال معتمدا الكوميديا في الكثير من المواقف، كما كان للأغاني دورها في الحلول مكان الحوارات الطويلة، كما وظف المخرج بعض الأغاني كمونولوج داخلي، كما هو الحال في أغنية الملكة حين سرقت بيضتها، فقد عبرت من خلالها عن عمق مأساتها لفقدان بيضتها- جنينها الذي سيكون وريث عرش الملك، كما اعتمد المخرج على المقطوعات الموسيقية لتقوم بدور الفاصل بين المشاهد، مع الإبقاء على تواصل الطفل مع العمل من خلال تلك الفواصل، إلا أن الأغاني التي أداها الثعلب، والتي كانت من المفترض أن تلعب دورا في إبراز حالة الشر لديه، لم تؤد وظيفتها كما يجب، حيث كان الإيقاع المحبب للأطفال دافعا للتصفيق للثعلب ما خلق تناقضا في الخط الدرامي العام· تميز هذا العرض المسرحي بسلاسة اللغة ورشاقتها وقدر من الاختزال والاختصار في الحوارات التي جاءت في مستويين واقعي ورمزي، وكان هذا التنوع في اللغة والمفردات المسرحية قد خلق حالة ايجابية تسجل لمصلحة العرض المسرحي، وتضمن العمل تأكيدا على الحس الكوميدي الذي أضاف إلى ايجابيات العمل· وفي ما يتعلق بالرؤية الإخراجية رأينا أن المخرج قد تمكن من استثمار مساحة الخشبة من خلال توزيع الكتل الديكورية في مكانين رئيسين، وبالنسبة للديكور فهو الأضعف في مفردات العمل، وكذلك الأمر مع تحريك الممثلين الذي بدا عشوائيا في بعض المشاهد· وفي ما يخص الصوت فهو لم يكن واضحا في الكثير من الحوارات، خصوصا أنها صيغت باللهجة الإماراتية حاول المؤلف- الخرج زرعها بمفردات وعبارات تخلق حالة كوميدية، لكنها كانت في بعض الحالات مرتبكة وقلقة وغير واضحة المعالم· العمل يكرر أعمالا كثيرة سبق تقديمها في مسرح الطفل العربي، وهو يستغل عالم الحيوان وصراعاته ليعكس ما يجري في عالم البشر، واستخدام الرموز في هذا الصراع بين الخير والشر، بما يكشف عن العوالم الداخلية للإنسان الذي يقدم مصلحته الشخصية على مصالح جماعته· وكان السؤال الأبرز في الوسط الفني: لماذا يلجأ المخرج إلى عالم الحيوان لرسم واقع البشر، في زمن بات الواقع يحتشد بقضايا وتفاصيل وعوالم لا تنضب بالنسبة للمسرحيين؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©