الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإمارات شريان العالم القديم المتجدد

الإمارات شريان العالم القديم المتجدد
22 يوليو 2019 02:10

محمد عبدالسميع (الشارقة)

قال الأكاديمي والباحث الإماراتي الدكتور حمد محمد بن صراي أستاذ التاريخ القديم بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، نائب رئيس جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إن الإمارات لعبت عبر التاريخ دوراً مهماً في الحضارة العالمية، وكانت حلقة الوصل الرئيسة بين عالَميْن هما: عالَم الشّرق ممثّلاً في الهند والصّين وجنوب شرق آسيا من جهة، وعالَم شرق أفريقيا ومصر والبحر المتوسّط وغرب أوروبّا من جهة أخرى، ما جعلها شريان العالم القديم، وأعاد بن صراي هذا الحضور الفاعل تاريخياً إلى موقع الإمارات المتميز على طرق التجارة العالمية آنذاك، وأكد لـ«الاتحاد» أن الإمارات عرفت تجارة الترانزيت منذ العصور القديمة بل وبلغت فيها شأواً عظيماً واشتهرت مدنها وذاع صيتها في ذلك الزمان.
وأوضح بن صراي في رده على سؤال حول موقع دولة الإمارات الجغرافي في الماضي وتأثيره على المنطقة، وهل ساعد على وجود نشاط اجتماعي واقتصادي أم لا؟ قائلاً: تقع أراضي الإمارات في أقصى الجنوب الشّرقي لشبه الجزيرة العربيّة، وتطلّ بساحلين على الخليج العربي، وبحر عمان. ولهذا الموقع الجغرافي أثره على النّموّ الحضاري ونشوء المستوطنات البشريّة. وقد أسهمت الطبيعة التضاريسيّة الخالية مِن الزّوائد والأطراف النّاتئة، في تكوين إقليم متّسق في وحدة تضاريسيّة متميّزة. وقد تعاقبت على هذه المنطقة بصورة عامّة حضارات على مرّ آلاف السّنين، مما منحها مكانه متميّزة وسط حضارات العالم القديم. وهذا الموقع المتفرّد أسهم في تثبيت كون منطقة الإمارات حلقة وصل رئيسة بين عالَميْن: عالَم الشّرق ممثّلاً في الهند والصّين وجنوب شرق آسيا من جهة، وعالَم شرق أفريقيا ومصر والبحر المتوسّط وغرب أوروبّا من جهة أخرى، كما أسهم هذا الموقع المتميّز في تعامل سكّانها مع البحار إمّا صيداً وغوصاً، وإمّا سفراً وملاحة، ونشأت في المناطق الجبليّة وعلى سفوحها مستوطنات أقام فيها الإنسان منذ أقدم العصور. ومنذ أقدم الأزمان كانت هذه المنطقة تندرج ضمن مسمّيات تاريخيّة جغرافيّة واسعة. وهي حضارة ماجان وحضارة مزون ومملكة عمانا وإقليم عمان.
وحول التغيرات الحضارية التي شهدتها المنطقة، أضاف بن صراي: بين القرنين الثّالث قبل الميلاد والسّابع الميلادي حدثت العديد مِن التّغيّرات الحضاريّة في المنطقة ويتّضح ذلك مِن خلال الآثار التي تضمّ مواقع أثرية مهمة في الإمارات مثل: مليحة والدُّور. وفي هذا الدَّوْر التّاريخي بدأت المنطقة تأخذ الصّبغة العربيّة الجنوبيّة بهجرة قبيلة الأزد وغيرها. وهذه الهجرة أخذت عدة مراحل حتى أكّدت عروبة المنطقة مع مجيء الإسلام. وفي هذا الدَّوْر الحضاري ارتبطت المنطقة بهجرة قبيلة الأزد العربيّة إذ تذكر المصادر أنّ قبيلة الأزد قد هاجرت مِن اليمن بعد انهيار سدّ مأرب وحدوث سيل العرم المشهور. واستقروا في الإقليم مجاورين عدداً مِن عرب الشّمال مِثل جماعات مِن بني عبد القيس ومِن قضاعة وبني سعد، وبنو أسامة بن لؤي بن غالب بن فهر، أحد بطون قريش الذين أقاموا في منطقة توام. لذا فقد كان عرب إقليم عمان يشكّلون في فترة ما قبل الإسلام وفي العهد الإسلامي المبكّر مزيجاً مِن عرب الجنوب وعرب الشّمال تآلفوا فيما بينهم وشكّلوا بينهم اتحاداً قبليّاً يضمن لهم الإقامة في أمن وسلام وازدهار اقتصادي. وكان للوصول العربي إلى المنطقة في التّاريخ القديم أثره في اصطباغها بالصّبغة العربيّة لغة وثقافة وأدباً وشعراً. وكانت هذه اللّغة هي السّائدة في المنطقة لأنّها لغة غالبيّة السّكّان بعد أن توطّنتها القبائل العربيّة المختلفة.
وقال بن صراي: كان للعرب حرّيتهم الكاملة في مناطقهم، وكانت دبا ميناءهم الرّئيس، وكان مقرّهم الشّمالي عند تؤام، التي كانت حلقة وصل برية بين ساحل الباطنة وبين الخليج العربي وإقليمَي البحرين واليمامة. وقد نشأ في منطقة الإمارات عدد مِن المدن والموانئ السّاحليّة قامت بدور اقتصادي مهمّ في منطقة الخليج العربي بصورة عامّة. وأسهمت في التواصل الحضاري بين المنطقة والعالم الخارجي. وانتقلت عن طريق هذه الموانئ السّلع والبضائع المختلفة المحلّيّة والمستوردة، وازدهرت فيها ما تعرف بتجارة الترانزيت، ونالت سمعة عالميّة عبر العصور. وهي ثلاث مدن تاريخيّة مشهورة، هي عمانا (في موقع الدُّور الآثاري بإمارة أمّ القيوين) ودبا وجلفار. وقد كانت التّجارة هي المهنة الرّئيسة للسّكّان وكانت لهم صلات قويّة بموانئ الأُبُلَّة في جنوب العراق، وبرياجازا في الهند وقنا في حضرموت. وبلغت شهرة الإقليم في التّجارة مبلغاً عظيماً. وكانت للسّكّان صلات بحريّة قويّة بفارس والهند وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا. وصلات بريّة خارجيّة تصله ببقية أقاليم بلاد العرب. وكانت المنطقة مرتبطة بشبكة من الطّرق البرية الداخلية، وهي الطّرق نفسها التي ظلّت مستخدمة لدهور كثيرة والتي ربطت المناطق الدّاخليّة بالساحل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©