تناقش التكنولوجيا الجديدة وانعكاساتها على الأفلام ذات التكلفة الضعيفة

انطلقت يوم الجمعة الماضي أيام قرطاج السينمائية في دورتها 22 في حفل اقيم في ''المسرح البلدي'' بوسط تونس العاصمة، ويتواصل المهرجان الذي يعقد كل عامين الى يوم 1 نوفمبر· ورغم عراقة هذا المهرجان، وصيته العالمي باعتباره أول مهرجان عربي وإفريقي، فإن ميزانيته تبقى محدودة· وكشف عبد الرحمان البناني المدير الفني للمهرجان في ندوة صحفية ان ميزانية المهرجان في دورته الحالية هي في حدود المليون دولار معترفا بأنها ميزانية محدودة مقارنة بمهرجانات أخرى كمهرجان ''دبي'' أو مهرجان ''مراكش''· وعرض في حفل الافتتاح فيلم ''هي فوضى'' تكريما للمخرج الراحل يوسف شاهين الذي كان لا يتخلف عن حضور أي دورة من دورات المهرجان السابقة، وهو نفسه اعترف في حياته بأن مهرجان قرطاج له دور في التعريف به في بداياته· وككل دورة، فإن برنامج المهرجان تضمن عرض افلام عربية وافريقية في المسابقة الرسمية من اجل الفوز بالجوائز المختلفة، ومن أهمها طبعا ''التانيت الذهبي''· وتشهد تونس العاصمة أيام المهرجان حركية كبيرة اذ يقبل جمهور غفير اغلبه من طلبة الجامعات ومن الشباب على مشاهدة الافلام التي تعرض في أكبر عدد من قاعات السينما، علما بأنه يتم بيع تذاكر الدخول بأسعار موحدة رمزية لتمكين اكبر عدد من الجمهور من متابعة التظاهرة السينمائية الهامة· حدث ''جميل'' ومهرجان ايام قرطاج السينمائية عمره اليوم 44 عاما، وكان من بين مؤسسيه السينمائي الطاهر شريعة ووزير الثقافة سابقا الشاذلي القليبي، ويهدف المهرجان الى المساهمة في ازدهار ثقافة وطنية في كل من البلاد العربية وافريقيا، كما يهدف الى المساعدة على تطوير السينما العربية والافريقية في مستوى الانتاج والترويج وذلك بتنمية التنافس ومساندة الافلام التي تصور تراث بلدانها وواقعها الاجتماعي· وهناك اجماع على اعتبار ايام قرطاج السينمائية منارة للسينما العربية والافريقية المدافعة عن الخيارات الجمالية الراقية والمنادية بالحرية والعدالة· ويقول الطاهر شريعة الذي يطلق عليه هنا لقب الاب الروحي لأيام قرطاج السينمائية ان الغاية الاولى والجوهرية هي ان تكون ايام قرطاج حدثا صالحا جميلا تنبع الحاجة المتجددة اليه من القاعدة أي من السينمائيين واهل الفن والادب والفكر عموما في افريقيا قاطبة والعالم العربي· السينما التركية والفلسطينية ومهرجان ايام قرطاج السينمائية حافظ على عادة انتظام مواعيده منذ تأسيسه عام ،1966 وهو يسعى الى تقديم أهم الابداعات السينمائية العربية والافريقية، دون اغفال عن ابراز الانتاجات العالمية في هذا المجال، فإضافة الى المسابقات الرسمية التي هي حكر على الافلام العربية والافريقية، فإنه يتم في الدورة الحالية ال22 عرض افلام في قسم ''سينما من العالم'' من فرنسا وايطاليا، وبلجيكا، واليابان، والولايات المتحدة الامركية وبريطانيا، وروسيا، والصين وكوريا، كما يتم عرض 13 فيلما من تركيا تحت عنوان ''مظاهر السينما التركية المعاصرة بين الخصوصية والكونية''، وتحظى السينما الفلسطينية باهتمام خاص في قسم ''فلسطين ضد النسيان''، كما يتم تكريم السينما الجزائرية· اهتمام بالكتاب والجديد في هذه الدورة هو انفتاحها على عالم الكتاب وهو ما يحصل لاول مرة منذ تأسيس المهرجان، ويتم الاهتمام بالكتب التي كانت مصدرا ومنطلقا للافلام السينمائية، وتابع الجمهور لقاءات مع عديد الكتاب، علما أن موضوع ندوة المهرجان هو ''التكنولوجيا الجديدة وانعكاساتها على الافلام ذات التكلفة الضعيفة''· ومهرجان ايام قرطاج السينمائية له رسالة ثقافية تتمثل في صيانة التنوع الثقافي الانساني عبر الترويج للافلام العربية والافريقية حرصا على ايجاد حوار متواصل بين الشمال والجنوب اعتبارا لكون الصورة هي أداة جبارة تتجاوز حواجز اللغات لتلج الى أعماق الثقافات الاخرى المختلفة والتفاعل الايجابي معها· مسابقة الأفلام الطويلة وتضم لجنة تحكيم الافلام الطويلة المشاركة في المسابقة الرسمية الممثل المصري عزت العلايلي، والأديب الجزائري ياسمين خضراء والمخرج والمؤلف التونسي النوري بوزيد، والممثلة الفرنسية امنوال بييارا واسماعيل لوموسيقى من السينغال· وايام قرطاج السينمائية مخصصة للافلام العربية والافريقية، ولذلك فإن الافلام المرشحة للمسابقة الرسمية وعددها 18 شريطا هي كلها عربية وافريقية، ومن بينها فيلم ''عين الشمس'' من مصر، وهو من اخراج ابراهيم البطوط، و''جنينة الاسماك'' من مصر ايضا وهو من اخراج يسري نصر الله، كما يشارك الاردن بفيلم ''كابتن ابو رائد'' من اخراج امين مطلقة، ومن فلسطين تم قبول شريطين اثنين هما ''ملح هذا البحر'' من اخراج آن ماري جاسر و''عيد ميلاد ليلى'' اخراج رشيد مشهراوي· وتشارك في المسابقة افلام اخرى من المغرب وزنبابوي وتونس طبعا· وفي مسابقة الافلام القصيرة فان 5 افلام تشارك في المسابقة، وهي افلام من لبنان: ''طريق الشمال'' من اخراج كارلوس شاهين و''شمس صغيرة'' من سوريا، وافلام أخرى من تونس· ويتضمن المهرجان ايضا مسابقة لأشرطة الفيديو لتمكين السينمائيين الافارقة والعرب الذين يشتغلون بهذه التقنيات من فرصة اضافية لتأكيد حضورهم· جمهور المهرجان إن غلب الجمهور الذي يقبل على مشاهدة الافلام في مهرجان قرطاج هو عموما من الطلبة ومن المغرمين بالسينما، ولكن العامة ايضا والكوادر والموظفين وشرائح مختلفة الاعمار والمهن تقبل ايام المهرجان على مشاهدة الافلام، فهو يمثل لهم فرصة فريدة للاطلاع على افلام لا يمكن لهم مشاهدتها في التوزيع التجاري، من ذلك مثلا ان الاقبال على الافلام الايرانية في دورة سابقة كان ملفتا· ومن العادات الجميلة في المهرجان هي جلسات النقاش بين الجمهور والمخرج وبعض الممثلين، وكثيرا ما يحتد النقاش وتتكاثر الاسئلة لتتحول احيانا الى منابر رأي، وهي فرصة يغتنمها الشباب للتعبير بحرية عن آرائهم، ويفجرون خلالها قناعاتهم بدون خشية، وحصل ان منع الجمهور عرض فيلم ''فاطمة'' لان مخرجه خالد غربال شارك به في مهرجان في القدس المحتلة وتحدث عنه لصحف اسرائيلية