الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوسواس القهري

25 يناير 2006

الكثير منا - إن لم يكن جميعنا - قد سمع عن الوسواس القهري· لكن مفهوم الوسواس، قد يختلف أحياناً - وربما بصورة كبيرة - بين شخص وآخر· إن الغالبية العظمى من عامة الناس تعرف الوسواس القهري بمعناه العلمي، النفسي، ولكن ربما بصورة مبسطة عن هذا المرض النفسي المعضل، والذي قد يشل حياة الانسان ويسبب اعاقة فعلية بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى·
الوسواس القهري مرض قديم جداً وقد ورد ذكره عند قدماء الاطباء الاغريق، ولكن لم يعرف حديثاً الا عندما وصف طبيب فرنسي اسمه اسكوريل مريضة مصابة بمرض الوسواس القهري، وكان ذلك في عام 1838 وقد وصف بشكل دقيق اعراض الوسواس القهري رغم أنه لم يطلق على هذا الاضطراب اسم الوسواس القهري·
فما هو الوسواس القهري؟
يعتبر اضطراب الوسواس القهري مرضاً سلوكياً - عصبياً، ويتميز هذا الاضطراب برغبة قوية من الشخص للسيطرة على المحيط الخارجي الذي حوله، وكذلك وجود أفكار مكررة، لا يرغبها الشخص، وتأتي رغماً عنه، حتى بعد محاولته إبعادها والتخلص منها، ويعلم الشخص أن هذه الأفكار هي أفكاره· ويقوم الشخص المصاب بهذا المرض بعمل أفعال قهرية لا يستطيع الامتناع عنها نظراً لأن هذه الأفعال تخفف قلقه· هذا القلق يخف لفترة محدودة ثم يعود مرة أخرى مما يستدعي المريض بالوسواس القهري إلى تكرار أفعال بصورة مبالغ بها قد تؤدي إلى إضاعة وقته وخسارته المعنوية والمادية إضافة إلى أن بعض الاعمال القهرية تؤدي إلى الضرر البدني بالشخص مثل كثرة الغسيل لأماكن معينة في الجسم، وربما بمواد مضره كالمطهرات الكيميائية·
* أعراض الوسواس القهري وتنحصر في وساوس وأفعال قهرية:
1- الوسواس:
وهي عبارة عن أفكار أو اندفاعات او خيالات تأتي للمريض رغماً عنه، ويعلم الشخص ان هذه أفكاره ومن داخل عقله وليست مغروسة من الخارج ويعلم أنها غير مقبولة وتسبب قلقا وتوتراً شديداً بالنسبة له· ويحاول المريض جاهداً أن يهمل أو يكبت هذه الأفكار والرغبات والخيالات او يحاول أن يعادلها بأفكار ورغبات أو أحياناً بأفعال مضادة·
2- الأفعال القهرية:
وهي عبارة عن أفعال مكررة (على سبيل المثال: غسيل اليدين، التنظيم والترتيب، التأكيد من الأشياء أو أفعال عقلية مثل الدعوات، العد، إعادة الكلمات سرا)· ويجد الشخص نفسه مرغماً لفعل هذه الأشياء استجابة لأفكار وساوسية أو حسب تعليمات صارمة غير قابلة للمرونة تؤدي بصورة نمطية·
* انتشار الوسواس القهري:
قبل عدة عقود كان هناك اعتقاد سائد بين الأطباء النفسانيين وبقية العاملين في مجال الصحة النفسية بأن اضطراب الوسواس القهري مرض نادر الحدوث، وان نسبة الاصابة به لا تتجاوز 1 في المئة وتشير الدراسات إلى أن نسبة الاصابة بين الرجال والنساء متساوية 1-·1
يبدأ اضطراب بالوسواس القهري عادة في مرحلة المراهقة وبداية الشباب، وغالباً ما بين العشرين والخامسة والعشرين· وهناك حوالي 10 في المئة يبدأ الاضطراب عندهم قبل سن العاشرة، وهذا يفسر إصابة الأطفال بالوسواس القهري والتي قد تزول عند البلوغ···
أسباب الوسواس القهري:
ليست هناك أسباب محددة وراء الإصابة باضطراب الوسواس القهري (مثل أكثر الأمراض النفسية والعقلية) ولكن كما ذكرنا في الإصابة ببعض الأمراض النفسية والعقلية فإن للوراثة دوراً رئيسياً في الإصابة بهذا الاضطراب لمن لهم اقارب يعانون من الوسواس القهري، وكذلك تشير الدراسات الأجنبية في دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية إلى نسب مشابهة· وكذلك فإن نسبة الاصابة بين التوائم المتشابهة تصل إلى 87 في المئة بينما في التوائم غير المتشابهة تصل نسبة الاصابة إلى 47 في المئة وهذا يدل على دور الوراثة في الاصابة بهذا الاضطراب·
وهناك بعض الأسباب البيئية في حدوث الوسواس القهري (والتي تتداخل كثيراً مع العامل الوراثي) ويعتقد المحللون النفسانيون حدوث هذا الاضطراب في أحد مراحل النمو وتكوين الشخصية الفردية تسمى هذه المرحلة 'المرحلة الشرجية' وكذلك قسوة رقابة الأنا العليا للفرد على نفسه· ولكن كل هذه نظريات لم تثبت صحتها· هناك أيضا الأسباب العضوية والتي وجد بعض العلماء بأن اضطراب الوسواس القهري ينشأ بعد الاصابة ببعض الاجزاء في المخ خاصة بعد حوادث المرور أو الحوادث التي يتعرض فيها الدماغ الى الاصابة بضربات أو صدمات قوية تؤدي إلى تغير طبيعة المخ الكيميائية·
علاجه
عادة يبدأ المريض في طلب العلاج بعد أن يكون المرض قد بدأ لأكثر من عشر سنوات، وحسب الدراسات فإن الفترة الزمنية بين بدء المرض وبدء العلاج هي اثنا عشر عاماً· لذا فإن المرضى غالباً يبدأون العلاج وهم في سن الثلاثينات (معدل العمر عند طلب العلاج هو 34 عاماً)·
وينقسم علاج الوسواس القهري إلى قسمين، علاج دوائي وعلاج نفسي· مع العلم بأن الجمع بين العقاقير الطبية، الأدوية المضادة للوسواس القهري وطرق العلاج النفسية الخاصة بعلاج الوسواس القهري هما أنجح لعلاج اضطراب الوسواس القهري خاصة إذا استطاع المعالج أن يختار الدواء المناسب وبالجرعة المناسبة، لأن هناك فروقات فردية بين الناس في تقبل العلاج الدوائي وكذلك الجرعة المناسبة لكل فرد على حده·
العلاج الدوائي:
العلاج الدوائي مهم في علاج مرض الوسواس القهري، وقد كان في السابق يعتقد بأن الأدوية لا تساعد في علاج اضطراب الوسواس القهري ولكن في الستينات من القرن الماضي ثبتت فعالية دواء الكلوميبرامين (اسمه التجاري في المملكة العربية السعودية هو الانفافرانيل) وهو من الأدوية ثلاثية الحلقات المضادة للاكتئاب· وبعد ذلك تم اكتشاف بعض الأدوية المضادة للاكتئاب ولها مفعول جيد على الوسواس القهري·
خاصة بعد ظهور الأدوية المعروفة بمثبطات إعادة مادة السيروتنين· وهي من أهم الأدوية الحديثة في علاج الوسواس القهري وقد يحتاج المريض إلى جرعات أعلى في علاج الوسواس القهري عنه في علاج الاكتئاب·
العلاج النفسي:
يعتبر العلاج النفسي ذا فائدة كبيرة في التغلب واستمرارية التحسن حتى بعد توقف العلاج ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي أهم أنواع العلاج النفسي الخاصة بالوسواس القهري، خاصة ما يعرف بالتعرض ومنع الاستجابة وهو الطلب من المريض تعريض نفسه للأشياء التي تثيره لفعل الافعال القهرية ثم الطلب منه عدم عمل هذه الأفعال القهرية وبتكرار هذه العملية يخف القلق تدريجياً· وهذا العلاج ثبتت فعاليته بصورة جيدة في علاج الوسواس القهري خاصة وأن المريض يستطيع أن يكون معالجاً لنفسه (أي العلاج الذاتي) بعد أن يتعلم أسس العلاج وطريقة التعرض لمثيرات الوسواس القهري· الخاصية الجيدة في العلاج النفسي انه يستمر حتى بعد أن يتوقف المريض عن جلسات العلاج· ولكن يجب أن يكون الذي يمارس هذا العلاج ذا علم وخبرة في علاج هذا الاضطراب حتى لا يكون هذا العلاج مجرد إضاعة للوقت والمال·
تماضر خليل
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©