الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نشر سماحة الإسلام خير سلاح لمواجهة الغلو والتشدد

نشر سماحة الإسلام خير سلاح لمواجهة الغلو والتشدد
19 مايو 2011 20:08
طالب علماء الدين بأهمية إصلاح مسيرة الدعوة الاسلامية والخطاب الديني لمواجهة انتشار بعض التيارات المتشددة، وحركات الغلو الوافدة، التي انفردت بالتعصب لمذهب أحادي تدعو له وتحاول فرضه على الناس. وطالبوا بإعداد الداعية وتثقيفه ونشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل والتصدي لمثيري الفتن وأصحاب الفكر المتطرف. أحمد شعبان (القاهرة) - أكد الدكتور محمد فؤاد شاكر -أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس- أن دعوة الإسلام الراشدة كانت كل ما يشغل الداعية الأول رسول الله –صلى الله عليه وسلم– واعتبر فى كتاب الله أن الدعوة إلى الله أحسن قول «ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين» (سورة فصلت آية 33). الدعوة بالحكمة وأضاف: رسالة الإسلام هي الدعوة بالحكمة منذ أن وكل بها رسول الله مؤتمراً بأمر ربه «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» سورة النحل 125 وتعرضت هذه المسيرة فى تاريخها الطويل لكثير من الشغب على أيدي خصوم الإسلام من اتباعه أو من غيرهم، ومن أجل هذا ظهرت الفرق مثل المعتزلة والخوارج، واستمر الحال على ما هو عليه ينطفيء مرة ويشتعل مرات حتى وصل إلينا الأمر في منتصف القرن الماضي، بعد أن انتشرت حركة الغلو من خلال فكر وافد أحادي التفكير لم يتخذ مرجعيته من فهم السلف الصالح وأئمة الإسلام الأربعة أو إجماع أهل الملة، إنما انفرد هذا الفكر بالتشيع لمذهب أحادي يدعو له ويحاول فرضه على الناس ويسفه الآراء الأخرى بما يوحي بأن رسالة الإسلام لم تأت بالتيسير ولا الوسطية، وإنما جاءت بالغلو والإفراط. وأوضح: وصل هذا الفكر إلينا وسمي فكر السلف والسلف منه براء من خلال تفريغ بعض العقول وشحنها بأفكار غريبة فنجد هؤلاء الناس يذكرون أموراً في بلادنا مستشهدين ببعض آيات القرآن، وربما يكون ذلك فى غير موضع الاستشهاد أو ببعض السنة النبوية التي فهموها أو حملوها ما لم تحتمل، وأرادوا أن يستشري هذا الفكر فجندوا له الشباب. ووصفوا من لم يعتنق هذا الفكر بأنه غير مسلم، فشاع في المجتمع الإسلامي فكر التكفير والتبديع، وانتقاص من لم يوافقهم على فكرهم. بالإضافة الى ضعف بعض المؤسسات الدينية، والذي نتج عنه اعتلاء المنابر من جانب أئمة لم يأخذوا حظهم من الدراسة المتخصصة في العلوم الشرعية، فابتعدت عن المنابر الأصوات المخلصة ونحي العلماء الربانيون. خوارج العصر وحذر شاكر من ظهور ما يسمى خوارج العصر الذين أخبر عنهم نبينا –صلى الله عليه وسلم– ووصفهم بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وقال عنهم:» لا يغادر الدين حناجرهم» وهؤلاء بدأوا يخرجون الآن من جحورهم واغتنموا فرصة عدم وجود رقيب أو محاسب على بعض المساجد، وكثفوا جهودهم لتبليغ فكرهم فى بلادنا الإسلامية. واقترح للخروج من هذه الأزمة والتى وصفها بالطامة الكبرى تضافر جهود العلماء الحقيقيين المتخصصين، ليفرضوا وجودهم في نشر سماحة الإسلام، وإثراء هذه الرسالة لأن تفريطهم في القيام بواجبهم الدعوي في هذه الفترة الحرجة سيعرض البلاد الإسلامية لمحنة قادمة ربما تأكل الأخضر واليابس. ولكي نرشد الدعوة الإسلامية علينا أن نعتمد على إعداد الداعية الذي يجمع بين الدراسات الشرعية والعلمية التي تؤهله لأن يكون فاهماً لطبيعة ما يقوم به، وعلينا أن ندقق فيمن يصعد إلى المنبر هل هو جدير بأن يقف هذا الموقف الذي وقف فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم. إعداد الإمام ويرى الدكتور محمد عبدالغني شامة -الأستاذ بجامعة الأزهر- لكي نصلح من مسيرة الدعوة ضرورة إعداد الإمام إعداداً جيداً، بحيث يتلقى دروساً من أناس يعتنقون المبدأ الوسطي، ويكون المنهج الذي يدرسونه منهجاً متوازناً وشاملاً لجميع الآراء الموجودة في الفكر الإسلامي مع الاعتبار اننا نعيش فى عصر يختلف عن العصور السابقة، ولابد أن يتعلم الإمام كيف يتعامل مع عصره، ولا يمكن له ذلك إلا إذا درس التيارات الفكرية المعاصرة وتعمق فيها وأن يتعلم كيف كان الإسلام يتعامل مع الآخر، وكيف كان العلماء يتعاملون مع بعضهم البعض رغم اختلافهم في الآراء. وقال إن هناك دعاة كثيرين لا يحسنون التعامل مع الآخر ويجهلون التيارات الفكرية المعاصرة، ولا يفهمون الوضع الدولي الموجود الآن ولذلك لابد أن ينتقي من المؤسسة الدينية خاصة الأزهر من يفهمون هذا المنهج حتى نستطيع تخريج دعاة يكون لهم صوت في هذا العصر وهذا المنهج الأساسي يدرس مقارنة الأديان والتيارات الفكرية المعاصرة والفلسفات والاتجاهات السياسية الدولية وعلم الاجتماع وعلم النفس، بالإضافة إلى دراسته للعلوم الدينية مع التدريب من خلال المراكز المتخصصة التي يشرف عليها العلماء الذين يستطيعون أن يقوموا بهذه المهمة. وأوضح ان الفقه الإسلامي به آراء متعددة، ولذلك تنوعت الآراء واختلفت بين العلماء والدعاة، ومن حق أي داعية أن يقول رأيه ولا يدعي أن رأيه صحيح ورأي غيره خطأ ونحترم آراء التيارات السلفية وغيرها ولكن من دون أن يفرضوا آراءهم. تجديد الخطاب الديني وقال الدكتور طه حبيشي -أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- في العصور المتأخرة وجدنا كثيرا من الدعاة فقدوا صدقيتهم أو اختلطت الأوراق في أيديهم، وفقد الصدقية كارثة، أما اختلاط الأوراق، وفقد الشفافية فتلك أمور قد يكون من بينها أن الداعية لم تتفتح أمامه المفاهيم، ولم يدرك مرامي المصطلحات وهذا النقص هو الذي يجعل العلماء يصرخون بشعار تجديد الخطاب الديني، والطامة الكبرى أن هذا الشعار يقدم من خلال الإعلام محاطاً بضباب كثيف وغبن يشبه غبن الليل، إذا خالطه النهار أو غبن النهار إذا خالطه الليل. واضاف: إذا سألنا اليوم ما الذي يعنيه تجديد الخطاب الديني أجابت كل طائفة من الناس بما يوافق انتماؤها. فمنهم من يقول أنه حمل الناس على اعتناق مبادىء الليبرالية، ومنهم من يقول حمل الناس على مبادىء الوهابية أو السلفية، ومنهم من يقول غير ذلك والناس يغم عليهم الأمر لا يفهمونه ولا يكادون يفقهونه، ونحن لا نعذر أحداً في ذلك إذ لا مجال لالتماس الأعذار فالأمر يتعلق بالأمة ولا يجوز التهاون في مصلحة الأمة . وقال: في حالة رد هؤلاء إلى الصواب ينبغي أن نفعل ما فعله رسول الله –صلى الله عليه وسلم– وهو على أرض نمرة يخاطب أمته عبر الزمان إلى قيام الساعة. وقد قسم النبي الناس أمام النص إلى قسمين، قسم أفراده لا يدركون الأشياء إلا بالحواس وهذا مبلغهم من العلم، وهذا الفريق من الناس لا يستغنى عنه في الأمة، ولكننا نحتمله على قدر سقفه وحدود سقفه أن يسأل عن الشارع ماذا قال ؟ ويحفظ هذا القول وينقله لغيره وهي مهمة إذا أداها القوم على وجهها كانت خدمة جليلة للإسلام. أما الفريق الثاني من البشر فهو الذي توافرت لديه إمكانات الاجتهاد والفقه وهذا الصنف من الناس يسأل عن الشارع ماذا أراد ؟ والنبي – صلى الله عليه وسلم – قال: « نصر الله امرأ سمع عني فبلغ فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه وليس بفقيه « . وكما حرصت الأمة على تجديد الخطاب الديني يجب أن تحرص أيضاً على التمييز بين الطوائف بإيقاف كل واحد عند الشيء الذي يجيد العمل فيه. إصلاح مسيرة الدعوة وطرح الشيخ منصور الرفاعي -وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق- عدة حلول لإصلاح مسيرة الدعوة الإسلامية منها الاعتماد على الداعية المستنير الذي حمل مفتاح الدعوة في يده، ويستطيع مواجهة الجماهير، ولديه القدرة على الاستنباط من القرآن والسنة ما يؤيد مسيرته في عمله الدعوي. كما يجب على وزارة الأوقاف في البلاد الإسلامية أن تقيم حلقات نقاشية ودورات تدريبية للدعاة وتقوم بعرض المشاكل المحلية والاجتماعية على الدعاة وأساليب حلها وكيفية التصدي لدعاة الانحراف والتشدد حتى يستطيعوا أن ينشروا الأمن والسلام بين الناس، ويجعلوا الناس يسعدون بالأمن الاجتماعي والاستقرار النفسي. وعلى الداعية أيضا أن يشارك الناس أفراحهم وأحزانهم، وأن يكون على درجة عالية من اليقظة ومتابعة ما يجري من حوله محلياً ودولياً، فهو طبيب معالج ومصلح اجتماعي. وأضاف: يقع أيضا على عاتق وزارات الأوقاف دور كبير، بما لها من إمكانات في تأهيل الداعية حتى يستطيع إصلاح مسيرة الدعوة ومواجهة التيارات المتشددة، بأن تقوم هذه الوزارة بشراء الكتب التي صدرت حديثاً في أنحاء العالم، وتزويد الداعية بتلك الكتب حتى يكون متصلا بالمفكرين، ومتابعاً لما يجري على الساحة من آراء وأفكار جديدة يطرحها الباحث في ثنايا كتبه ولكي يتمكن الداعية من الربط بين هذه الأفكار وصحيح الدين الإسلامي . ولابد من اختيار بعض الدعاة النابهين والدفع بهم لإلقاء خطبة الجمعة والدروس الدينية في مسجد جامع حتى يتمكن الداعية من مواجهة الجماهير الغفيرة، وحتى لا يتهيب أى موقف. مسابقة بين الأئمة قال الشيخ منصور الرفاعي: لكي نصلح من مسيرة الدعوة الإسلامية يجب إقامة مسابقة سنوية بين الأئمة في بحث من البحوث العامة، لإثراء فكر الدعاة وتكون في أحد الموضوعات المهمة مثل «السنة وصلتها بالتشريع» و»السيرة النبوية وتأثيرها في المجتمع المسلم» و»القرآن الكريم ثورة على الظلم والظالمين» و»الزكاة وأثرها الاجتماعي في تحريك الجانب الاقتصادي في الدولة «، الى غير ذلك من العناوين وأن تراجع هذه الأبحاث مجموعة متخصصة من العلماء ومكافأة أصحابها. فالداعية عقله واسع وعنده أمل وتطلع، واستعداد لكل ما يراه يصلح للبيئة ويعالج المشكلات ولكنه أحياناً يصاب بالإحباط، لأنه يشعر بأنه يعيش في جزيرة منفصلة أو في بيوت مغلقة ولا يجد حلا لمشاكله ولايجد من يساعده والحل في يد القائمين على المؤسسات الدينية في الدول الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©