الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أليساندرو ديركولا: الغرب في حاجة إلى دين جديد

28 ابريل 2006
روما - منار محمد:
مفكر وكاتب وفنان إيطالي أثار الجدل دائماً بمواقفه الفكرية والسياسية، عرف بمواقفه المعارضة لثقافة الاستهلاك، وللعولمة المبنية على فرض نموذج وحيد، وكذلك معارضته الحرب في العراق، كما عرف بدعوته الانفتاح على الموروث الحضاري الإنساني معارضاً فكرة صراع الحضارات، وانتقد حمى السباق التكنولوجي، منبهاً إلى أن التكنولوجيا التي انتجتها الحضارة الغربية الحديثة لم تكن دائماً مفيدة، وعلى الرغم من أنه ينتمي إلى عائلة أرستقراطية إلا أنه اعتزل حياة الترف، وانتقل إلى الحياة على أطراف روما في تجمع سكني يضم عدداً من الكتاب والفنانين حتى لا تغلبه الحياة الاستهلاكية، عارض كلاً من اليمين واليسار في المعركة الانتخابية الأخيرة، لأنهما على حد قوله يختلفان على التفاصيل لا على الجوهر، أطلق أخيراً مبادرته التى يدعو فيها أوروبا للبحث عن دين حقيقي، لكنه رغم ذلك لم يهادن الكنيسة التي طالما عارضها، ويتحدث الآن عن مشروع لبعث الموروث الفكري الفلسفي العربي·· حاورته الاتحاد بهدف استشراف دوره في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التغيير السياسي الذي تشهده إيطاليا·
- بداية على ماذا أسست موقفك المعارض لنظرية صراع الحضارات؟
أولاً لأنه عندما كان الصدام الفكري قائماً بين الشرق والغرب اكتشف كل من صلاح الدين وريتشارد لا منطقية ذلك الصراع، كان ذلك منذ ألف عام، فليس معقولاً أن نبعثه نحن اليوم، وثانياً لأنه اليوم لا توجد حضارات مختلفة، هناك حضارة رأسمالية استهلاكية واحدة، يختلف الناس في درجة انخراطهم فيها، أو فلنقل يختلفون حول حجم استفادتهم من نتائجها المادية، كما يختلفون في حجم معاناتهم من آثارها المدمرة على الروح، هناك حضارة واحدة لكن هناك ملامح باقية هنا وهناك من ثقافات بائدة، وربما هذا الذي كانوا يعولون عليه أصحاب نظرية الصدام، وهي نظرية سخيفة لأنها تفترض تناقض الثقافات، وهذا حتى غير علمي، أنا أؤمن بثقافة إنسانية واحدة، حتى قبل ثورة الاتصالات والعولمة، ثقافة تجمع الخبرات الإنسانية المختلفة، وعموماً لا توجد ثقافات مختلفة وإنما توجد فقط خطوات مختلفة في نفس الاتجاه·
ترويض الثقافة المتوحشة
- دائماً ما تهاجم الثقافة الرأسمالية الاستهلاكية، والآن تقول إنها الثقافة الوحيدة الموجودة، ما هو البديل إذن؟
البديل هو ترويض هذه الثقافة المتوحشة، الغرب أصبح عبداً لعملية التطوير التكنولوجي من أجل الاستهلاك، ولم تكن عمليات التطوير هذه مفيدة على طول الخط، بل في بعض الأحيان مدمرة من الناحية المادية خاصة على مستوى البيئة، ومدمرة أكثر على المستوى الروحي، فكرست الفردانية، وضاعفت الإحساس بالغربة، وجعلت الإنسان يلهث وراء الحصول على متطلبات اخترعها لنفسه، وكان بوسعه الاستغناء عنها، مثلما كانت حياته ممكنة قبلها، وأصبح هدف الإنسان المعاصر هو استهلاك أكبر قدر ممكن من الأشياء التي يمكنه الحصول عليها، مغفلاً أنه أثناء ذلك إنما يستهلك نفسه بالأساس، ويفقد الوقت الضروري لتأمل فلسفة الكون، لهذا أعتقد أن على الغرب أن يبحث عن شكل حقيقي من التدين، التدين بمعنى التفكر في عموم الحياة الإنسانية في فلسفة الوجود، وليس التدين بمعنى ممارسة الطقوس التي تصبح عند غالبية المتدينين هي الغاية، وهذه مسألة سبقنا إليها الفلاسفة العرب في القرن الثاني عشر، وانتقال أفكارهم إلينا كانت السبب في إنهاء العصور الوسطى المظلمة، لكن للأسف الجميع تناسوا هذه الأفكار الآن نحن، وكذلك العرب أنفسهم· ضد الحرب المقدّسة
- تعتقد إذا أن هناك ردة فكرية وتدعو إلى التغيير، فلماذا عارضت التغيير في العراق؟
أنا لم أعارض التغيير أنا عارضت الحرب، ويجب أن ننتبه هنا إلى أن الأفكار لم يكن لها وجود في تلك الحرب، أطلق الجانبان بعض الشعارات لإضفاء الشرعية على موقفهما، والغرب الصناعي الذي ذهب إلى الحرب كانت لديه أهداف تجارية فقط تتعلق بالنفوذ والمال والموارد النفطية، وتشكيل شرق أوسط جديد وعالم جديد، وأنا عارضت الحرب التي يكون المال مركزها وليس الإنسان، كما عارضت إضفاء صفة الحرب المقدسة عليها لأن ذلك يوقف التفكير ويعود بنا إلى العصور الوسطى، نعم لا أعرف ماذا كان المخرج المناسب من مشكلة صدام، لكن هذا شأن السياسيين، وأنا كمفكر واجبي التأمل ومعارضة التوجهات الخاطئة، وليس البحث عن البدائل السياسية·
- تعيش حياة مادية بسيطة رغم احتفاظك بأملاك كثيرة، ألا ترى في ذلك شيئاً من التناقض؟ وكذلك موقفك السياسي فعائلتك أغلبها رجال أعمال انضموا لليمين، وأصدقاؤك أغلبهم من اليسار، وأنت عارضت كلاً من اليمين واليسار في الانتخابات الأخيرة، ثم عدلت موقفك وصوت لليسار، فلماذا ؟
أولاً أملاكي التي أحتفظ بها هي مجموعة من الأراضي والقصور التاريخية، وأنا لا أحتفظ بها لقيمتها المادية، وإنما لقيمتها الفكرية، ولأهميتها التاريخية، كما أنني لست رجل أعمال، ولا أمارس التجارة التي يمارسها كثير من أفراد عائلتي لأنني أعتقد بأهمية استثمار وقتي فيما هو أهم، لكن هذا لا يفترض بي أن أبيع الثروة التاريخية التي وصلتني، ثانياً موقفي لا علاقة له بعائلتي أو بأصدقائي، أنا عارضت البرامج الانتخابية للفريقين لأنها ركزت على الإنجازات المادية دون الاهتمام بالأبعاد الإنسانية، وصوت لليسار ربما لأنهم كانوا أقل تطرفاً من اليمين، وأعتقد أن على كل المثقفين والجادين التحرك بقوة خلال المرحلة المقبلة حتى لا يتحول تحالف اليسار إلى صورة معدلة من تحالف اليمين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©