الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما والمستقلون: «اعترافات» محافظ سابق

10 سبتمبر 2010 23:05
قبل بضعة أشهر جمعتني جلسة ودية مع بعض الأصدقاء، ليتحول اللقاء إلى شبه قمة مصغرة ضمت رجل أعمال ناجحا من ولاية "كونيكتكيت"، ومديرا في وول ستريت، بالإضافة إلى مسؤول بنكي متقاعد، وجميعهم أمطروني بالأسئلة حول مساندتي للرئيس أوباما خلال حملته الانتخابية، علماً أني كنت إلى ذلك الوقت محسوباً على المحافظين؛ أصوت لمرشحيهم وأتبنى أفكارهم. ولأني كنت الوحيد بين الثلاثة الذي انتقل من صف إلى آخر، وجدت نفسي في معظم الوقت مدافعاً عن نفسي، والحقيقة أن سبب الهجوم الودي الذي تعرضت له أثناء النقاش يرجع أساساً إلى النقلة التي حدثت في قناعاتي السياسية من رجل في أواسط عمره معتدل ومحافظ من الجنوب إلى أحد المؤيدين للرئيس أوباما بعدما انضممت إلى حملته الانتخابية وكتبت مقال رأي في صحيفة "كريستيان مونيتور" وجد صدى له في جميع المواقع الإلكترونية لأتحول بعد ذلك إلى الابن المفضل لليبراليين. ومع أن أصدقائي الذين جلست إليهم في اللقاء، أمطروني بالأسئلة والاستفسارات، إلا أن طبيعتها كانت بعيدة عن نوعية الأسئلة السخيفة التي عادة ما يطرحها أمثال "سارة بالين"، بل كانت أسئلة ذكية ومتبصرة يوجهها أشخاص على قدر من الذكاء كل ما يهمهم فتح نافذة لحوار سياسي بناء وغير متعصب. لكن المشكلة اليوم بالنسبة للرئيس أوباما والديمقراطيين عموماً هي أن الأسئلة الصعبة والشائكة لم تعد فقط تأتي من الخصوم الجمهوريين، بل يطرحها أيضاً المستقلون الذين ساندوا أوباما وكانوا سبباً رئيسياً في وصوله إلى البيت الأبيض. فقد أشارت استطلاعات الرأي قبل عامين إلى أن 52 في المئة من المستقلين سيصوتون لصالح أوباما، وهو ما حدث فعلا. لكن اليوم، وحسب استطلاع آخر للرأي أجرته وكالة "أسوشييتد بريس"، فإن ثلاثة فقط من أصل عشرة مستقلين يقولون إنهم يريدون للديمقراطيين الاحتفاظ بالأغلبية في الكونجرس. وفي الاستطلاع نفسه أيضاً قال تسعة من كل عشرة إن الأولوية بالنسبة لهم الآن هي الاقتصاد، وإن الكثير منهم يثق في قدرة الجمهوريين على التعامل مع الصعوبات الاقتصادية... فما الذي جرى إذن؟ بالعودة إلى العام 2008، وفي أوج الحملة الانتخابية للمرشح أوباما، نجد أن المستقلين وقفوا إلى جانبه لأنهم اعتقدوا بأنه سينهي الحرب في العراق وسيركز على الاقتصاد وخلق الوظائف التي يبحث عنها الأميركيون، بالإضافة إلى تحسين مكانة أميركا وصورتها في العالم، ثم الارتقاء بمستوى النقاش في واشنطن لحل المشاكل التي تواجه البلاد. ومع أن أوباما عمل بالفعل على نقل الاهتمام والموارد من العراق إلى أفغانستان، فإن المستقلين يشككون في الحاجة أصلا إلى الزيادة في عدد القوات الأميركية في أفغانستان، لاسيما بعد أن أقر البنتاجون بانعدام حل عسكري حاسم للتحديات التي تواجه الشعبين العراقي والأفغاني... فلماذا الاستمرار هناك وإبقاء القوات الأميركية بعيداً عن الوطن؟ وفيما كانت الأزمة الاقتصادية ملتهبة في عام 2009، انتقد المستقلون استراتيجية إدارة أوباما بالانغماس كلياً في مشروع إصلاح الرعاية الصحية وترك باقي الأمور، كما أن العديد من المستقلين الذين رأوا في مشروع الإصلاح الصحي فرصة لتغيير الوضع الاجتماعي غير المريح في أميركا، لم ترق لهم الصفقة النهائية في الكونجرس مع الجمهوريين، والتي انتهت بقانون لا يرقى إلى ما كان يريده المستقلون، وجاءت مخففة لإرضاء الجمهوريين. وإذا كان هناك من جوانب إيجابية يمكن الحديث عنها في إدارة أوباما فتتمثل في تعيين هيلاري وزيرة للخارجية، فهي تستحق الكثير من الفضل في تغيير النظرة العالمية للسياسة الخارجية الأميركية، فقد تحولت تلك النظرة السلبية لأميركا باعتبارها قوة تستفرد بالقرار الدولي إلى قوة شريكة مستعدة للتعاون مع باقي الدول والمنظمات الدولية لحل مشاكل العالم وضمان الاستقرار والأمن الدوليين، بعيداً عن الأحادية التي ميزت إدارة الرئيس بوش. لكن رغم الجهود التي بذلها أوباما لمد يده إلى الكونجرس وتكريس التعاون الحزبي في سن القوانين، فقد فشل في إزالة الخلافات السياسية في واشنطن وإحلال ثقافة سياسية مغايرة تعتمد على التوافق وتنبذ الحزبية الضيقة. وفي هذا الصدد لا يمكن بالطبع تحميل كامل المسؤولية لأوباما، وذلك بالنظر إلى تصلب قيادات الكونجرس من الحزبين معاً وتمترسها وراء مواقف حزبية ومصالح انتخابية على حساب القضايا الأساسية التي تهم الأميركيين؛ مثل المشاكل الاقتصادية، وفي مقدمتها ارتفاع معدل البطالة. واليوم، وفي الوقت الذي يوشك فيه الفصل الأول من حكم أوباما على الانتهاء مع انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، في شهر نوفمبر المقبل، يواجه الديمقراطيون معركة شرسة للحفاظ على أغلبيتهم في الكونجرس، وإن كان من غير المرجح أن يمنح الناخب الأميركي تفويضاً جديداً للديمقراطيين، ليبقى السؤال فقط حول الهامش الذي سيحصل عليه الجمهوريون. لكن إذا ما رجع أوباما إلى البرنامج الذي استهل به حملته الانتخابية، وركز على المبادئ الأساسية، فإن المستقلين سيعودون إلى دعمه وسيقفون وراءه مرة أخرى في وجه الجمهوريين المتربصين به والعازمين على إسقاطه. جوناثان كورلي مسؤول بنكي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©