الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشباب الإسباني في “متاهة” البحث عن وظيفة خلال الأزمة

الشباب الإسباني في “متاهة” البحث عن وظيفة خلال الأزمة
3 يناير 2010 22:57
ترك الشاب الإسباني جيسس بيسكويرو بينياس المدرسة لكي يعمل حين كان الاقتصاد الإسباني مزدهراً، ولكن منذ تسريحه من عمله في مجال البناء من سنتين مضتا يعيش على إعانة البطالة، مثل مئات الآلاف من الشباب. ويجد بينياس نفسه حالياً ضمن جيل ضائع في إسبانيا التي تبلغ فيها نسبة البطالة بين الشباب الذكور والإناث البالغة أعمارهم 16 إلى 24 سنة 42,9% وهي أعلى نسبة في أوروبا وأكثر من ضعف متوسط نسبة البطالة في إسبانيا عموماً. ويقول بينياس فيما كان يقف في طابور طويل أمام أحد مكاتب البطالة في ضواحي مدريد “ذهبت لأعمل لأن الأجر كان جيداً ونمط المعيشة جيداً وكنت أرغب فعلاً في ترك الدراسة”. ويضيف “أنا نادم تماماً على ذلك الآن”، إذ لديه ابنة عمرها خمس سنوات من زوجته السابقة التي سُرحت هي الأخرى من عملها. ورغم أن إسبانيا تشكل البطالة فيها النسبة القصوى، إلا أن حال الشباب فيها يعكس الصعاب الشديدة المشابهة في دول أوروبية أخرى لا تزال تلهث للخروج من الركود وكذلك في الولايات المتحدة. وخلال الاثني عشر شهراً الماضية ارتفع معدل البطالة في أميركا بين الشباب المتراوحة أعمارهم بين 16 و24 سنة إلى 19,1% من 13,9%. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يظل هذا المعدل مرتفعاً حتى بعد أن بدأت نسبة البطالة الإجمالية في الولايات المتحدة (البالغة حالياً 10 في المئة) في التراجع، ويعزي ذلك إلى أن القطاعات التي تشغل الشباب بأعداد كبرى (كالوجبات السريعة والبناء والبيع بالتجزئة) ينتظر أن تستغرق وقتاً أطول حتى تتعافى. ويواجه العاملون الإسبان مثلهم مثل نظرائهم في باقي أوروبا عقبات أخرى منها لوائح النقابات المهنية والعقود طويلة الأجل والحماية القانونية التي تغطي العاملين الأكبر سناً ولا تشجع التعيينات الجديدة، بحسب بول اوسترمان الأميركي الجنسية الذي يدرس في معهد “امبريسا” لإدارة الأعمال في مدريد. ولا يحصل العاملون في الدرجات الصغرى بسوق العمل الإسباني إلا على أجور صغيرة نسبياً حتى إذا أخذ التعافي من الأزمة مجراه، بحسب اوسترمان، فهناك جموع من الشباب ساقهم القدر إلى مسار وظيفي راكد دائماً في إسبانيا وهو أمر مقلق ومؤسف. فالشباب مثل بينياس الذين ليس لديهم سوى القليل من المهارات وعدم الاستعداد للعودة إلى استكمال تعليمهم الجامعي وكذلك الطلاب الذين تركوا مدارسهم هم أكثر الناس عرضة للبطالة أو تدني الأجور. ويقول خوسيه انطونيو هيرس مدير العلوم الاقتصادية في مؤسسة “ايه اس اي” الاستشارية في مدريد إن هناك خسارة في الموارد البشرية وسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً لاستيعاب هذه الجموع من الشباب. وربما تكون إسبانيا المثال الأسوأ ولكنها ليست وحدها، فالشباب يوضعون في آخر طابور التعيين في وظائف دائمة، وحتى بالنسبة لحملة الشهادات الجامعية فهناك العديد من الحواجز أمام الشباب صغير السن، حسب أن سونيت كبيرة المحللين الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والإنماء. ومع تفاقم المشاكل في إسبانيا تعجز الحكومة عن ضخ مزيد من الحوافز وعن تقديم مزيد من الدعم لتوفير فرص العمل في الوقت الذي يعاني اقتصادها كونه ضمن أسوأ اقتصادات أوروبا. يذكر أن تصنيف ائتمان إسبانيا السيادي تراجع مؤخراً وان الحكومة تتوجه نحو زيادة الضرائب وتقليص الإنفاق، كما أن عجز موازنة الدولة الذي سجل نسبة 11% من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام يجب ألا يتجاوز حد 3% المنصوص عليه في اتفاقية اليورو، ويقتضي الاتحاد الأوروبي بأن تعود إسبانيا وغيرها من الدول المستخدمة لليورو إلى ذلك الحد بحلول عام 2013، في ذلك يقول اوسترمان “تتعرض إسبانيا لضغوط شديدة من قبل الاتحاد الأوروبي ومن أسواق السندات، وهم في مأزق شديد الوطأة”. ويبلغ معدل البطالة في إسبانيا حالياً 19,3%، وهو يعادل ضعف متوسط معدل البطالة للاتحاد الأوروبي البالغ 9,8%، غير أن ارتفاعها البالغ بين الشباب يمثل مشكلة صعبة، إذ قفز معدل البطالة إلى المعدل الحالي من 17,5% من ثلاث سنوات مضت في أوج عهد الازدهار الاقتصادي وبالمستوى الحالي تنفرد إسبانيا بأعلى معدل بطالة شباب وسط باقي الدول الأوروبية التي تعاني أيضاً من ذات المشكلة، ففي اليونان مثلاً بلغ معدل بطالة الشباب 25% وفي إيرلندا 28,4% وفي إيطاليا 26,9%. بل أن وضع إسبانيا في هذا الشأن أسوأ من بعض دول شرقي أوروبا التي تعتبر فيها نسبة البطالة بين الشباب مسألة مألوفة، ففي سلوفاكيا مثلاً تبلغ نسبة بطالة الشباب 27,9% وفي بولندا 21,2% نزولاً من أكثر من 35% من سنوات قليلة مضت. وتتحمل إسبانيا إلى حد ما تبعة جهودها في تسهيل توفير فرص العمل للشباب، إذ كانت الحكومة الإسبانية منذ سنوات قليلة قد شغلت نسبة كبيرة من الشباب الإسباني في عقود مؤقتة، ولذا كانوا أول من سرح عندما ضرب الاقتصاد، بحسب الفونسو برايتو نائب مدير عام دراسات البطالة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إسبانيا. ذلك أن في أوج سنوات الرخاء في إسبانيا شاعت ثقافة العمل المؤقت وكان أجر العاملين الشباب من أمثال بينياس 1000 يورو أو 1438 دولاراً شهرياً الذي كان يعتبر آنذاك أجراً متدنياً نسبياً، أما الآن فالعديد من الشباب وغير الشباب يتمنى الفوز بتلك الوظائف المؤقتة المتبقية التي كان ينظر لها نظرة دونية فيما مضى. والأمر الذي زاد المسألة تعقيداً هو أن سنوات الرخاء لم تكتف فقط بسحب صغار الشباب من المدارس بل جذبت ملايين من الشباب المهاجر الذي انضم حالياً إلى صفوف العاطلين. ورغم أن العاملين من ذوى المهارات المتواضعة هم أكثر الناس تضرراً إلا أن فنيين ومتخصصين أضيروا أيضاً في الأزمة، وهي فانيسا لاروسا التي سرحت مؤخراً من عملها كطبيبة بيطرية تسكن قريباً من مكتب البطالة في مدريد، واعتادت أن ترى طابوراً طويلاً من العاطلين ينتظر أمام المكتب ولكنها لم تتوقع أبداً أنها ستنضم لهذا الطابور في يوم من الأيام وتقول إنها تأمل في الاستمرار في عملها كطبيبة بيطرية ولكنها سترضى بأي وظيفة. وتنفق إسبانيا نحو 30 مليار يورو في السنة على إعانة البطالة، غير ان هيرس يقول إنه ينبغي على إسبانيا زيادة إنفاقها على التعليم وإعادة التدريب المهني ويتعين عليها إلزام العاطلين بتطوير مهاراتهم، وذلك هو ما يعول عليه كارلوس هيراس (26 سنة)، إذ انه يحصل حالياً على دورة في الطاقة المتجددة ويأمل في العثور على وظيفة تركيب الألواح الشمسية، ولكنه في هذه المرحلة سيرضى هو أيضاً بأي عمل. عن “انترناشيونال هيرالد تريبيون
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©