الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجميزة سكنها «ديجول» وأقلق راحتها الساهرون

الجميزة سكنها «ديجول» وأقلق راحتها الساهرون
28 سبتمبر 2010 22:15
بضع مئات من الأمتار، تكتظ بأكثر من أربعين مطعماً ومقهى وحانة في حي الجميزة المتاخم شرقاً لوسط بيروت التجاري، وتنبض بحركة مميزة تستقطب اللبنانيين والعرب والأجانب، وتشكل جاذبية خاصة ربما يعود سببها إلى التاريخ وحكاياته. ويقول أحد المعمرين ممن عاصروا الحقبة التاريخية الماضية، إن الجنرال شارل ديجول (قائد عسكري فرنسي كبير، ورجل دولة، ورئيس جمهورية فرنسا الراحل) سكن في الجميزة، حيث ما زالت صورته عالقة في ذهنه. ويصفه قائلا “كان طويل القامة، يستقل سيارة “رينو” مصفحة، وهو النوع الذي كان سائداً آنذاك. وكان يدخل القصر بصحبة مرافقين، بعد أن تؤدى له التحية، كما أن شخصيات لبنانية تسلم بعضها مناصب سياسية هامة، مرت أيضاً من هنا”. أصل التسمية يقال إن أصل التسمية الرسمية للحي المدّون في السجلات، “شارع جورو” إلى الجنرال الفرنسي الذي كان المندوب السامي خلال الانتداب الفرنسي. ويروي كبار السن في الحي، إن الجنرال “جورو” كان ينام في منزل لعائلة برنار الفرنسية، المقيمة فيه خلال الحرب العالمية الثانية، كذلك سكن الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديجول، في المنزل خلال زياراته للبنان. وإن تسمية الجميزة تكمن في الشجرة التي يكاد نوعها ينقرض. والرئيس ديجول سكن فيها لفترة وجيزة إضافة إلى سكنه الرسمي في النويري (مدرسة فخر الدين الرسمية)، لأنها كانت قريبة من إحدى بوابات بيروت السبع المزروعة في سور يحمي العاصمة من المتسللين إليها ليلاً في مطلع القرن الماضي، وهكذا أخذت الجميزة تكتسب هويتها مع استمرار العائلات في ابنيتها، وافتتاح المدارس ونشوء صناعات يدوية وحرفية في دكاكينها ضمن اللغة الفرنسية التي كانت سائدة بقوة يومها، وساعد في ترسيخها “كلغة أم”، زيارات الرئيس ديجول إلى المنطقة، وقضائه وقتاً طويلاً مع الجنرال الفرنسي الذي كان المندوب السامي خلال الانتداب الفرنسي “جورو” الذي سكن الجميزة. وما زالت صورة الرجل الفرنسي عالقة في أذهان المعمرين في تلك المنطقة، ممن أشاروا إلى أنه كان يدخل منزله بهدوء، بعيداً عن ضجيج “البروتوكول”، وكانوا يعرفون قدومه من خلال التحية العسكرية التي كانت تؤدى له عند قدومه إلى المنطقة. الجميزة اليوم رحل الرئيس الفرنسي ديجول، وبقيت زياراته ذكريات لدى العديد ممن عاصروه، إضافة إلى غياب الطرابيش الحمر، التي كانت تميز الوجهاء وابتعد البحر الذي كان خلف الأبنية، ردمته حركة البناء المتزايدة، لكن الشارع ما زال كما هو، لم تتغير فيه إلاّ المطاعم. ومن أبرز نشاطات الجميزة درج الفن الذي يقام كل عام ويتميز بالفنون والمعارض والحرف والحفلات الفنية. إلاّ أن هذا الواقع لم يمنع منطقة الجميزة من الحفاظ على شهرتها بين المناطق اللبنانية، فبعد أن سرقت الحمراء والروشة والمنارة الأضواء، وبعد أن بدأت تنافس بمقاهيها ومطاعمها ودور الاستراحة فيها، منطقة “السوليدير” المعروفة بـ”الوسط التجاري”، تغيرت معالمها فافتتحت فيها مشاريع عمرانية وسكنية وتجارية، بشكل أدى إلى تبدلات في خصوصية هذه المنطقة. “الهجمة العقارية” بدلت في معالم الشوارع والأحياء فيها، فأصبحت المنطقة تشكو حسب قول السكان من “دخلاء” يحاولون طمس معالمها الأثرية، ويتحدث هؤلاء عن “ظلم” لحق بالجميزة، بعد أن تحولت إلى حانات للرقص والسهر والتسلية، وهذا ما أثر على عادات وتقاليد المنطقة التي كانت معروفة بأنها مثالاً للراحة والهدوء والسكينة، وليس للضوضاء والضجيج، حتى بات القاطنون هناك ينامون عند إغلاق دور التسلية أبوابها، وهذا يتم مع ساعات الفجر الأولى، وتداولت وسائل الإعلام اعتصامات واعتكافات لسكان الجميزة، بسبب ما يحصل، ولم يخل الأمر من بعض الصدامات البسيطة بينهم وبين الساهرين، الذين لم يراعوا الخصوصية التي اشتهرت بها الجميزة.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©