الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الود الابتسامة صدقة وعبادة

16 يوليو 2014 22:29
أحمد مراد (القاهرة) حرص الإسلام الحنيف على تدعيم العلاقة بين المسلمين بكل الوسائل وفي جميع الأحوال والظروف، ومن هذه الوسائل التبسم وطلاقة الوجه. يصف د. القصبي زلط - الأستاذ بجامعة الأزهر - البسمة بآية من آيات الله تعالى ونعمة ربانية عظيمة تنثر عبير المودة، وتنشر نسائم المحبة وتزيل عقد الضغينة والبغضاء لتحلّ الألفة والإخاء، وكما قال ابن عيينة رحمه الله: «البشاشة مصيدة القلوب»، وأوصى ابن عمر رضي الله عنه ابنه فقال: يا بنيّ إن البر شيء هيّن.. وجه طليق وكلام ليّن. وأرسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلق البسمة والبشاشة وعلّم الإنسانية هذه اللغة العالمية اللطيفة بقوله وفعله وسيرته العطرة، فكان صلى الله عليه وسلم بسّام الثغر طلق المحيا، وكان تبسمه لأهله وأصحابه بذراً طيباً آتى أكله ضعفين، خيراً في الدنيا وأجراً في الآخرة. أما الخيرية العاجلة، فانشراح القلب وراحة الضمير، ومنافع صحية أخرى أثبتها الأطباء على البدن، ويتبعها مصالح اجتماعية وشرعية من تأليف القلوب وربطها بحبل المودة المتين وترغيبها في حب الدين، فالبسمة بريد عاجل إلى الناس كافة لا تكلفنا مالياً أو جسدياً، بل تبعث في ومضة سريعة يبقى أثرها الحميد عظيماً في النفوس، والخيرية الآجلة؛ الثواب المثبت في جزاء الصدقة وبذل المعروف، فالتبسم في وجه المسلم صدقة يستطيعها الفقير والغني على حدّ سواء. السحر الحلال روى الترمذي عن عبدالله بن الحارث قال: «ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق»، تلك الابتسامة التي جعلت جرير بن عبدالله البجلي ينتبه لها ويتذكرها ويكتفي بها هدية من الرسول العظيم، فيقول: «ما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا تبسم في وجهي». الابتسامة عبادة وصدقة، وما أكثر ما فرطنا في هذه العبادة وما أكثر ما بخلنا في هذه الصدقة فهي السحر الحلال، وهي إعلان الإخاء وعربون الصفاء ورسالة الود وخطاب المحبة تقع على صخرة الحقد فتذيبها، وتسقط على ركام العداوة فتزيلها، وتقطع حبل البغضاء، وتطرد وساوس الشحناء، وتغسل أدران الضغينة، وتمسح جراح القطيعة .. وإذا كان نبي الله سليمان - عليه السلام - قد تبسم لنملة صغيرة في وادٍ مترامي الأطراف عندما سمعها تحذر قومها من جيشه فما أحوجنا إلى تبسم الأخ في وجه أخيه والجار في وجه جاره في زمن طغت فيه المادة وقلت فيه الألفة وكثرت فيه الصراعات وما أحوجنا إلى تبسم الرجل في وجه زوجته والزوجة في وجه زوجها في زمن كثرت فيه المشاكل الاجتماعية. أحب الأعمال وقال د. القصبي: ما أجمل أن نبتسم في وجوه الأيتام والأرامل والمعوزين والمحتاجين في أمتنا فندخل السرور إلى نفوسهم ونمد يد العون لهم ونرسم البسمة على شفاههم وإن ذلك لمن أحب الأعمال وأعظمها أجراً عند الله، وما أحوجنا إلى الابتسامة من ذلك التاجر فيكسب القلوب وتحل عليه البركة ويكثر رزقه وتدركه رحمة ربه فقد روى البخاري دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة، حيث قال: «رحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا قضى سمحاً إذا اقتضى» .. وفي رواية بشره بالمغفرة حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلاً إذا باع سهلاً إذا اشترى سهلاً إذا اقتضى». سبب لكسب مودة الناس يشير د. القصبي إلى أن الابتسامة باب من أبواب الخير والصدقة، قال صلى الله عليه وسلم: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»، وهي سبب في كسب مودة الناس ومحبتهم وزرع الابتسامة على وجوههم، وفيها ترويح للنفس وراحة للروح ودواء للهموم وذهاب للغموم، وقال رسول الله: «أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة»، وهي مظهر من مظاهر حسن الخلق الذي يدعو إليه الإسلام «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق»، (رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان)، وفيها تأسٍّ بسيد الخلق وأعظمهم خُلُقا وأكثرهم ابتسامةً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©