الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان: ما بعد تمرير تشريعات التقشف

2 يوليو 2011 22:39
رغم موجة الاضطرابات والتظاهرات الرافضة لسياسة التقشف، قام البرلمان اليوناني يوم الخميس الماضي بتمرير تشريع مهم يطبق خطوات تقشفية لا تحظى بالتأييد الشعبي يطالب بها مقرضون دوليون من أجل الإفراج عن أموال مساعدات وتخفيف المخاوف من أول حالة عجز عن تسديد الديون من قبل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. التشريع، الذي يتيح تطبيقاً سريعاً لتخفيضات في الميزانية بقيمة 40 مليار دولار، إضافة إلى توفير 72 مليار دولار عن طريق بيع أصول وممتلكات للدولة، حصل على دعم 155 برلمانياً من أصل أعضاء البرلمان الـ300. هذا في حين امتنع عن التصويت خمسة برلمانيين، وغاب أربعة آخرون، بينما صوت 136 مشرعاً، معظمهم من المحافظين المعارضين، ضد مشروع القانون، الذي يمثل الجزء الثاني والأخير من تشريع تقشفي خضع للاختبار هذا الأسبوع. وعلى الرغم من أنها كانت متوقعة على نطاق واسع، فإن هذه النتيجة قدمت بعض الارتياح لرئيس الوزراء "جورج باباندريو"، الذي تصدى بقوة للانشقاق داخل حزبه الاشتراكي من أجل الحصول على الدعم للتشريع خلال أربعة أيام من النقاش البرلماني المحتدم. بذلك، يزيل تمرير هذا القانون أكبر عقبة أمام سعي اليونان اليائس إلى تأمين مزيد من الوقت والمال لمعالجة مشاكل اقتصادها المتعثر. لكن بعض الخبراء الاقتصاديين يرون أنه على الرغم من المساعدات التي تتلقاها اليونان، فإنها قد لا تتمكن من سداد ديونها، وهو ما يرجع لحقيقة أن الخطط العديدة التي أعدت لمساعدتها ومنها الاتفاق الفرنسي الألماني الأخير، حتى وإنْ كان بعضها قد نجح في تجنيبها خطر الإفلاس حتى الآن، إلا أنها أخفقت من ناحية أخرى في مساعدتها على الوفاء بالتزاماتها الطويلة الأجل. ومع ذلك من المرتقب أن يلتقي وزراء المالية بلدان الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل من أجل الإفراج عن جزء من الأموال يقدر بـ17 مليار دولار من حزمة إنقاذ مالي بقرابة 150 مليار دولار أقرها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي العام الماضي من أجل مواجهة فشل اليونان في الوفاء بالتزاماتها المالية. كما ينتظر أن يسعى الوزراء إلى الاتفاق حول تفاصيل حزمة إنقاذ مالي ثانية تصل إلى 120 مليار دولار. والجدير بالذكر هنا أنه من دون أموال، فإن أثينا كانت ستعجز عن تسديد فواتيرها في شهر يوليو، مما كان سيؤدي إلى إعلان خطير عن فشل في التسديد، وبالتالي تهديد النظام المالي العالمي برمته. وكانت الأسواق المالية الدولية قد تنفست الصعداء، ما أفضى إلى ارتفاع الأسهم بعد التصويت. إلا أنه على الرغم من ذلك، فقد ظل الخبراء الماليون والمستثمرون حذرين بشأن قدرة الحكومة على تطبيق الحزمة، ومن ذلك موجة جديدة من الزيادات الضريبية وعمليات الخصخصة. وفي هذا الإطار، يقول "يانيس فاروفاكيس"، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة أثينا:"الواقع ألا شيء من هذا قابل للتطبيق عملياً"، مضيفاً: "ذلك أن عمليات الخصخصة التي تتم بوتيرة سريعة جداً لن تفضي إلى جمع العائدات المرجوة. كما سيمثل ذلك مضيعة للأصول والممتلكات". والأهم من ذلك، يقول "فوروفاكيس"، هو أن "النظام الضريبي الجديد سيهمش المجتمع أكثر ويبعده عن المؤسسة السياسية". ولم يشاهد اليونانيون مؤشرات على التخفيف من معاناتهم، ولهذا السبب خرج الآلاف إلى الشوارع في احتجاجات يومية. ويوم الأربعاء الماضي، تحولت المظاهرات إلى فوضى وأعمال شغب في وقت دارت فيه بشوارع العاصمة اليونانية أثينا معارك على مدى ساعات في الشوارع بين الشباب، الذي كان يرمي بالحجارة وشرطة مكافحة الشغب. وقد أسفرت تلك الاشتباكات عن جرح أكثر من 300 شخص في أعمال العنف؛ ثم تلت ذلك إلغاءات جماعية لحجوزات وفعاليات كانت مقررة في أثينا، مثلما أعلن مسؤولون في القطاع السياحي. والجدير بالذكر في هذا السياق أن عدداً من النقابات اليونانية كانت قد دعت إلى مزيد من المظاهرات والاحتجاجات مساء يوم الخميس الماضي، غير أنه عقب التصويت بدا أن قلة قليلة من اليونانيين، هي التي لبت تلك الدعوة. وفي هذا السياق، قالت صوفيا فينيتي، وهي معلمة في الثامنة والثلاثين من عمرها: "ما جدوى ذلك؟ فهذه التدابير الجديدة أضحت قانوناً الآن ويتعين علينا أن نجد طرقاً أخرى للتعاطي معها". الأزمة اليونانية تلقي بظلالها على المشهد الأوروبي، فبعض الخبراء يرون إنه إذا غضضنا الطرف عن اليونان وتركناها تفلس، فإن "اليورو" سوف يختفي. ليس هذا فحسب، بل إن أصحاب هذا الرأي يستنتجون أن بقاء فكرة الاتحاد الأوروبي ذاتها سيصبح موضع شك حيث يتوقع في مثل هذه الحالة أن تزداد البطالة - بما في ذلك في ألمانيا - التي كانت حتى الآن، هي الدولة التي انتفعت من "اليورو" المقيم بأقل من قيمته الحقيقية. منطق هؤلاء الخبراء يقول إذا تركنا اليونان تفلس، فإن ما ينتظرنا هو أزمة اقتصادية وسياسية أسوأ من تلك التي نواجهها منذ عام 2008. آنثي كاراسافا - أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©