الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيت الأبيض.. ونفوذ الجنرالات

25 أكتوبر 2017 22:52
في معرض دفاعه عن رئيسه، هاجم جون كيلي، كبير موظفي البيت الأبيض، النائبة الديمقراطية فريدريكا ويلسون (عن ولاية فلوريدا)، ووصفها بشكل ساخر ب«البرميل الفارغ». وكذلك نبهت المتحدثة باسم البيت الأبيض «سارة هاكابي ساندرز» الصحفيين لعدم انتقاد كيلي (أو انتقاد تشهيره بويلسون). وذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه «بدلاً من الانسحاب، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض «سارة هاكابي» إن كيلي كان لديه ما يبرر اتهامه للنائبة بأنها استغلالية، على رغم خطئه بشأن بعض الحقائق. و«كما نقول في الجنوب: فكلها قبعات ولا توجد ماشية» (بمعنى الكلام كثيراً وعدم القيام بأي شيء)، بحسب ما قالت ساندرز عن ويلسون! وهي أميركية أفريقية معروفة بارتدائها قبعات رعاة البقر ذات الألوان الزاهية. وحاولت المتحدثة أيضاً تحويل النقاش بعيداً عن عدم دقة كيلي في حديثه عن النائبة للتركيز بدلاً من ذلك على مسألة نزاهته الشخصية. وقالت: «إذا كنت ترغب في الدخول في سجال مع جنرال مشاة البحرية الحاصل على أربع نجوم، فأعتقد أن هذا أمر غير مناسب للغاية». ولكن لا أحد يتقلد منصباً في بلادنا ويبقى بمنأى عن اللوم أو محصناً من النقد. فالجنرالات يتعرضون هم أيضاً للانتقادات كل يوم ويجب عليهم الرد على السياسيين، الذين يكونون بدورهم مسؤولين أمام الجمهور. وبالمناسبة، فإن ترامب كان يحط من قدر الجنرالات بشكل روتيني أثناء حملته الانتخابية. وبالطبع، لا ينبغي السماح لكيلي، الذي يؤدي الآن دوراً مدنياً، أن ينشر سجل خدمته العسكرية، مهما كان مثيراً للإعجاب، لتجنب الانتقادات وإسكات الصحافة. ويبدو أن لدى كيلي وترامب الكثير من القواسم المشتركة. فكلاهما يبدي ازدراء للصحافة واحتقاراً للمنتقدين. وبدلاً من معالجة أسباب الانتقادات، يفضل كيلي وترامب ممارسة سلطتهما ومعاملة المنتقدين باعتبارهم غير ذوي أهمية، والرد باستياء عندما يشكك شخص ما في دوافعهما. وقد عبر «جاك تابر»، من شبكة «سي إن إن»، عن ذلك بشكل صحيح عند ظهوره بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، حيث قال «عندما أشار صحفي قبل دقائق إلى أن كيلي يخالف الحقيقة في كلمته، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز شيئاً من أكثر الأمور الصادمة التي سمعتها من هذا المنبر، فقد أشارت إلى أن الصحفيين لا يمكنهم توجيه أسئلة للجنرالات». وأضاف «هذا ليس ما نفعله هنا في الولايات المتحدة». غير أن ترامب جعل تغيير القيم والمؤسسات الديمقراطية سمة من سمات رئاسته. إن الصحافة تنشر أخباراً «كاذبة». والمدعي الخاص يطارد الصحفيين. والمحاكم ليست لديها سلطة لانتقاد أو سؤال الرئيس بشأن حظر السفر. وهذه الأمور كلها تأتي في إطار توجهات ترامب وعزمه نزع الشرعية عن كل المصادر المستقلة للمعلومات والنقد. وكيلي، بدلاً من أن يكبح كل هذه الدوافع والتوجهات، يبدو أنه يدفعها ويشجعها. ومن المعروف أن كيلي قد خلق أجواد أكثر انضباطاً وفعالية في البيت الأبيض. ومن المفترض أن واجبه يدعوه لدعم الجوانب العقلانية والواقعية في توجهات رئيسه. ولكنني لم أر ذلك حتى الآن. فمنذ قدوم كيلي، أثار ترامب مواجهات ثقافية عديدة، لم يتمكن مرة أخرى من إلغاء برنامج أوباماكير للرعاية الصحية، وبدا أحياناً غير قادر على التعبير أو التمسك بأي موقف لأكثر من ساعة أو نحو ذلك. ومع وجود كيلي ما زالت الإدارة غير قادرة على ملء عدد كبير من المناصب العليا. ولم يصبح فريق ترامب أكثر كفاءة، وأكثر تركيزاً واحتراماً للآخرين. إن حرص كيلي على الدفاع عن توجهات الرئيس، وافتقاره هو نفسه لاحترام السياسيين المدنيين، يغذيان ببساطة حالة التصعيد والاستقطاب السياسي العام. وفي رأيي أنه ينبغي أن يتم استبدال كيلي بشخص يفهم فعلياً الحكم الديمقراطي، وقادر على التعامل مع الأخبار السيئة والنقد الصادق للرئيس. وفي المستقبل، على الكونجرس العمل للحد من النفوذ العسكري الزاحف. ويتعين عليه أيضاً أن يبدأ بمنع الجنرالات من العمل كمدنيين في البيت الأبيض. * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©