الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

البرامج الانتخابية الحاضر الغائب في انتخابات مجلس الأمة الكويتي

26 يونيو 2006 01:44
السعد عمر المنهالي: لا عيب في السمك ولا في اللبن، فالتنوع في برامج المرشحين لأي سلطة سواء أكانت تشريعية أم تنفيذية يعد ثراءً يضاف لأي تجربة ديموقراطية، كما أن تعددها يعطي فرصاً للناخب لاختيار ما يفضله بين كمٍ يجعله يُقبل على عملية الاقتراع برغبة في التغيير· ولكن هل حقاً تتنوع أطروحات مرشحي مجلس الأمة الكويتي المقبل ،2006 أم أنها لا تبرح مكانها في صيغة مملة كما يرى بعض المحللين المتابعين؟، وأنها برامج انتخابية بلا طعم ورائحة، برامج لا تلقي بالاً باحتياجات المواطن الكويتي الحقيقية وقضاياه الوطنية الكبرى؟! استفهامات مشروعة، نحاول أن نجد لها إجابات قد تشير إلى شكل المجلس المقبل· برامج تحت المجهر يبدو من اللازم بداية القول إن البرنامج الانتخابي يقصد به خطة العمل وآلية تنفيذ الوعود الانتخابية التي يهدف المرشح إلى تحقيقها حال وصوله إلى الجهة التي تعطيه السلطة لذلك وفي حالتنا هذه فإن المرشح لمجلس الأمة الكويتي وما يقوم به من دور تشريعي تحكمه الصلاحيات الممنوحة له بحكم الدستور الذي يفرض آليات محددة لتحقيق وعوده الانتخابية· وبناء على ذلك، تشابهت البرامج الانتخابية لعدد من المرشحين للمجلس بحكم قناعاتهم برؤى محددة وبالتالي إلى تنظيم يدعم إلى حد ما من وجودهم ككتل تحت قبة البرلمان، كالإسلاميين والليبراليين، ومنهم تندرج تصنيفات بين يمين ويسار أو وسط· ولأن آلية اقتراع القوانين تظل محدودة في مقابل صلاحيات النائب الأخرى كالرقابة والمحاسبة والتصديق على الموازنة، فإن على عضو مجلس الأمة أن يحاول بناءً على وعوده الانتخابية أن يطبق برنامجه الانتخابي، معتمداً على مساندة كتلته وفي حدود إمكاناته بما اتفق الدستور على منحه له· وعلى الرغم من تعدد التيارات الفكرية التي تحكم خريطة القوى السياسية في الكويت، إلا أن برامجها تتسم -حسب رأي المحللين- بالتفكك وعدم التماسك المنهجي، وذلك على الرغم من عمق التجربة الديموقراطية وارتفاع درجة الوعي السياسي النسبي، إلا أن الناخب الكويتي ظل يفرض ولفترة طويلة واقعاً يختلف إلى حد ما عن توجهات تلك التيارات ورؤاها، بفرض احتياجاته الخاصة التي تربك المرشح وتبدل أجندته لاسيما وأنها مطالب لا تتعارض جذرياً مع رؤاه! ستظل هذه الصفة ملازمة لبرامح المرشحين لفترة طويلة مقبلة، خاصة وأن التحول عنها يعني التخلص من إلحاح الناخب المباشر على المرشح لتحقيق مصالحه، وهو ما لا يمكن تجاوزه إلا بعد التخلص من الدوائر الضيقة التي تعتبر التربة الخصبة لهذا النوع من المصالح الضيقة فلا يعد هناك أي مكان لقضايا الوطن الكبرى! أين القضايا الكبرى؟! يشير بعض المراقبين لأداء المؤسسة التشريعية في الكويت إلى ضحالة القضايا التي تثار في البرلمان، وغياب القضايا الوطنية الكبرى التي كان من الأولى أن تولى اهتماماً حقيقياً بدلاً من مضيعة الوقت في قضايا ''تافهة'' -كما تصر بعض الجهات على ذلك-، غير أن المتابع الحقيقي لبرامج مرشحي مجلس الأمة خلال السنوات الماضية، يؤكد أن القضايا الاجتماعية دائما كانت على رأس أجندة المرشحين الأمر الذي يجعلها بالتالي قضاياهم الأولى التي يثيرونها في حال دخولهم البرلمان· ولكن حقاً هل تغيب القضايا الوطنية الكبرى عن اهتمامات المرشح لمجلس الأمة؟! يدرك مرشح مجلس الأمة جيداً درجة وعي الناخب الكويتي ودرجة تقبله للوعود الانتخابية ومدى قناعته بقدرة النائب على تحقيقها، وهذا الأمر واقع في أعرق الديموقراطيات، فالناخب يهتم بشكل أساسي بالقضايا التي تمس حياته اليومية كمشاكل التعليم والصحة والإسكان والضمان الاجتماعي ورفع مستوى المعيشة وغيرها من الأمور التي يعيها مرشح مجلس الأمة جيداً، ويكون برنامجه الانتخابي على أساسها· وبناءً عليه يدرك تماماً مراقبة الناخب له سواء بطريقته في التصويت على مشاريع القوانين التي تهمه، أو تصويته في الأمور المتعلقة بالموازنة، ونوعية تحفظاته المختلفة، والوسائل التي راقب فيها الحكومة وكيفية محاسبته لها· أما القضايا السياسية الكبرى وفي ظل الظروف الراهنة التي يمر بها الإقليم عموماً والكويت خاصة بحكم الجوار الجغرافي لنقاط ساخنة كالعراق وإيران، فإن الحالة الأمنية قضية ملحة كان من المفترض أن تكون على أجندة المرشحين، غير أن الواقع السياسي للسلطة التشريعية لم يكن قط في أي وقت من الأوقات قادراً على تحريك الأمور في هذه القضايا، لاسيما وأنها قضايا يبدو فيها العامل الخارجي صاحب المبادرة والقرار· ولذا كان البرنامج الانتخابي للمرشح بخصوص هذه القضايا يتحرك في حدود إمكاناته بما يمكن أن يحد من ترديات الوضع الأمني على المجتمع الكويتي كالتركيز على قضايا الشباب وانتشار الجريمة المنظمة وغيرها من الأمور، وذلك وفقا لرؤى كل تيار وقناعاته· وعلى صعيد قضايا الاقتصاد، فدور المؤسسة التشريعية وأعضائها يزداد قوة مع تردي الحالة الاقتصادية، أما الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها منطقة الخليج بعد عوائد النفط الهائلة، جاءت لتلقي عتمتها على الدور التشريعي، فالوفرة الاقتصادية ستوفر للسلطة التنفيذية إلى حد كبير قدرة على تجنب الصدام مع المؤسسة التشريعية فيما يتعلق بقضايا من مثل هذا النوع· الإصلاح وطبول الحرب عندما قررت حكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح التي عينت في فبراير الماضي مواصلة مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي التي كان قد بدأها الشيخ ''صباح الأحمد الصباح'' عندما كان رئيساً لمجلس الوزراء لم يقلل أي أحد من أهمية هذا الهدف كرؤية استراتيجية لحكومة واعدة، غير أن هذا ''الهدف والشعار'' لم يصبح اللحظة من الشعارات المستساغة لدى البعض ممن اعتبروه شعاراً مفرغاً من أي مضمون حقيقي يتجاوب مع حاجة الكويت· ولعل السبب في هذا يعود إلى أن شعار الإصلاح ومحاربة الفساد موجه من المرشحين للسلطة التشريعية وكأنه في وجه السلطة التنفيذية، فقد رفع نواب المجلس المنحل قضية الإصلاح السياسي بتعديل الدوائر الانتخابية ومحاربة رموز الفساد في السلطة التنفيذية -حسب تعبيرهم- وهم بذلك يدقون طبول الحرب التي من المفترض أن يعلن عن بدايتها في حال تشكيل مجلس الأمة 2006 بأغلبية توافقت رؤاها على ذلك، وهو ما يراهن عليه الطرفان باعتباره حرباً مصيرية في ما يخص قضية الفساد لكليهما، فإما أن ينجح نواب المعارضة بالعودة لمجلس الأمة من جديد وطرح مشروع قانون لتعديل الدوائر الانتخابية ضامنين بذلك اضطرار السلطة التنفيذية التعاون مع المجلس في طلبه لعدم دستورية الحل من جديد لنفس السبب، وإما على الطرف الآخر تنجح الحكومة بعناصرها الأساسية في التخلص من عناصر الفساد -حسب رأيها- في المجلس لتمرير القوانين التي تعطلت كثيراً وعطلت الكويت عن ركب جيرانها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©