الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خط أنابيب غاز بحر قزوين إلى قلب أوروبا في مفترق طرق

5 يوليو 2013 22:02
يمر أحد أكثر مشاريع البنية الأساسية طموحاً بالاتحاد الأوروبي بلحظة فارقة، حيث اقترب اتخاذ قرار بشأن مسار خط الأنابيب المقرر أن ينقل الغاز من بحر قزوين إلى قلب أوروبا. ذلك أن اتحاد الشركات الذي تقوده بي بي المكلف بتطوير حقل غاز ضخم قبالة ساحل أذربيجان يسمى (شاه دينيز 2)، يجب حالياً أن يحدد الطريقة التي سيتم بها تصدير الغاز إلى أوروبا. ويتعين أن يقرر اتحاد الشركات الاختيار بين مشروعين متنافسين أحدهما متوجه إلى النمسا يسمى نابوكو غرب، والآخر يسمى خط أنبوب عبر الأدرياتيكي أو (تاب) ينتهي مساره في إيطاليا. وراء تلك المسألة هناك جدل معقد وطويل حول الصعوبات الجيوسياسية والتنافسية الحادة بين شركات وحوارات كثيفة حول مستقبل احتياجات أوروبا من الطاقة. إنها معركة حامية الوطيس كرّست فيها بعض أكبر شركات الطاقة في القارة موارد هائلة لمفاوضات تجارية معقدة ودبلوماسية قوى كبرى دقيقة وحشد مكثف من بروكسل إلى باكو. وقال لورنت روسيكاس المحلل في مؤسسة آي اتش اس سيرا الاستشارية والخبير في مشروع بحر فزوين: «إنها لحظة اختيار فاصلة بين المشروعين». يعتبر هذا القرار شديد الأهمية للاتحاد الأوروبي الذي يسعى بكافة السبل إلى النهوض بتأمين موارد الطاقة. إذ كان هذا القرار سيقرب الاتحاد الأوروبي خطوة إلى استغلال مصدر جديد من الغاز الطبيعي في وقت يتناقص فيه إنتاج أوروبا المحلي وتتزايد فيه توقعات طلب القارة على الغاز، خصوصاً ضمن مساعيها إلى تقليص استخدام الفحم الملوث. غير أن المسألة لا تزال في مراحلها الأولى، إذ أنه لا يتوقع أن يبدأ تدفق الغاز بهذا المشروع إلا في عام 2019. وقال تنفيذي بمشروع خط أنابيب منافس: «لقد استغرق الأمر عقداً ونصف العقد للوصول إلى هذه النقطة ورغم ذلك لم تتحدد الأمور بعد». وقال مراقبون إنه مشروع جريء وعالي التكلفة بما يتجاوز 40 مليار دولار مقسمة إلى 25 مليار دولار لتطوير حقل شاه دينيز ذاته و15 مليار دولار كحد أدنى لمنظومة النقل بما يشمل خط أنابيب ضخم يسمى (تاناب) يمر عبر تركيا. ورغم عدم إصدار أرقام رسمية تعبر عن تكاليف مشروعي عبر الأدرياتيكي (تاب) ونابوكو غرب إلا أن محللين يتوقعون أن تبلغ تكاليف كل مشروع منها نحو 5 مليارات دولار. غير أن هناك شكوكاً في مدى أهمية الفرق الذي سيحدثه خط الأنابيب الجديد. ذلك أن حقل (شاه دينيز2) سيمد أوروبا بعشرة مليارات متر مكعب غاز سنوياً، أو 2% فقط من مجموع الطلب الأوروبي. يذكر أن جازبروم شركة الغاز الروسية ستورد لأوروبا 15 مثل هذه الكمية هذا العام. ويستهين مديرو جازبروم بالغاز الأذربيجاني ويقولون من باب التهكم أنه يكفي بالكاد لأغراض شواء اللحوم (باربكيو). غير أن أوساطاً أخرى لها وجهة نظر مغايرة تقول إنه متى تم بناء خط الأنابيب سيأتي مزيد من إمدادات الغاز، حيث أن أذربيجان ذاتها اكتشفت مزيداً من الغاز في بحر قزوين في السنوات القليلة الماضية. وقال مارك رولي شريك النفط والغاز في مؤسسة بيكر بوتس للاستشارات القانونية: «سيكون من السهل جداً ضخ مزيد من الغاز من مناطق مثل العراق وكردستان وتركمانستان». وأضاف رولي: «ولذلك هناك إمكانية لهذا المشروع في نقل إمدادات غاز كبرى». تجري المنافسة بين مشروعين أحدهما مشروع ثقيل الوزن مستقر والآخر مشروع مستجد. نشأت فكرة مشروع نابوكو (الذي استعار اسمه من اوبرا فيردي) عام 2002. ثم بدأ الاتحاد الأوروبي بجدية في دراسة خيارات مسار خط أنابيب جنوبي ينقل الغاز من آسيا الوسطى والشرق الأوسط ويقلل اعتماد القارة على روسيا. سرعان ما حظي مشروع نابوكو بتأييد من بروكسل. وتبعه مشروع خط أنبوب عبر الأدرياتيكي (تاب) الأقل حجماً. ويرى رانيهارد ميتشك مدير عام نابوكو أن مسألة التنويع مهمة، وقال: «إذا نظرنا في جنوب شرقي أوروبا وغربي منطقة البلقان نجد أن الدول في هذه المنطقة تعتمد بنسبة 50% كحد أدنى على الغاز الروسي». وهذا لا ينطبق على وجهة خط أنبوب عبر الأدرياتيكي حسب ميتشك الذي قال: السوق الإيطالية تتميز بالتنوع. غير أن بعض المحللين يرى أن ذلك لم يعد مهماً، ويحتجون في ذلك بأن أوروبا استثمرت بكثافة في خطوط أنابيب وسيطة تربط بين شبكات غاز الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي بغرض تفادي اضطراب التوريدات مستقبلاً ضمن أغراض أخرى. وقال جون روبرتس مؤلف كتاب (سياسات خطوط الأنابيب: بحر قزوين وأمن الطاقة العالمي): «لقد تقلصت أهمية نابوكو الاستراتيجية بسبب مرونة سوق الغاز الأوروبية». ويبدو أن رأي الاتحاد الأوروبي ينحاز إلى مشروع خط أنبوب عبر الأدرياتيكي (تاب)، فالكثيرون في بروكسل يؤيدونه لأنه من خلال المرور عبر اليونان في إمكانه تعزيز اقتصادها المتأزم وتوفير فرص العمل وتحصيل الرسوم وتوفير غاز منخفض السعر. كما أن لمشروع تاب مزايا أخرى حسب مايكل هوفمان رئيس شؤون تاب الخارجية الذي قال إن هذا المشروع يتيح الوصول إلى أسواق بكر مثل ألبانيا ومونتنجرو، بل كوسوفو أيضاً. وقال إنه من الممكن ربط تاب بخطوط أنابيب أخرى ليمتد إلى النمسا بل والمملكة المتحدة أيضاً. وفي نهاية المطاف سيكون القرار مسألة تحسمها اعتبارات تجارية، ويجري شركاء شاه دنيز محادثات مع مشترين على مسارات كل خط أنابيب لدراسة ما يمكن أن يقدموه لغاز أذربيجان. ويرى المحللون دلائل إقبال على طول مسار مشروع تاب يفوق الإقبال على مشروع نابوكو غرب. وقال أحد التنفيذيين المعنيين إنه يجدر تنحية الاعتبارات الاستراتيجية والجيو سياسية جانباً في مشروع بهذه الأهمية الاقتصادية الكبرى. عن «فايننشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©